العدد 2529 - السبت 08 أغسطس 2009م الموافق 16 شعبان 1430هـ

بماذا تنصح أوباما لحل معضلات الشرق الأوسط؟ (3 - 3)

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

طرح عدد من الاختصاصيين رؤيتهم حول توجهات إدارة الرئيس أوباما فيما يخص الملفات المتشابكة للديمقراطية والإصلاح وحقوق الإنسان، مقاربة أوباما لهذه الملفات مختلفة تماما عن مقاربة إدارة الرئيس السابق جورج بوش والتي أدت إلى نتائج عكسية عما أريد لها. ووقفت ضحية التناقضات الفاضحة في سياسة بوش الخارجية والتدخلات الفجة التي أدت إلى نتائج وخيمة.

مقاربة أوباما تطلق قاعدة راسخة في السياسة الخارجية الأميركية والتزام قوى بنشر مبادئ الديمقراطية والحرية منذ عهد الرئيس ويلسون في العشرينيات وتحت لواء هذا الشعار خاضت الولايات حروبا ما وراء البحار، أهمها الحرب العالمية الثانية لتحرير أوباما من النازية. وبغض النظر عن المصالح الأميركية المستترة وراء طرح هذا الشعار والحروب والتداخلات الأميركية الفضة في الكثير من بلدان العالم، فإن الساسة الاميركيين مقتنعون بأن رسالة الحرية هي رسالتهم. أوباما ليس استثناء، ولكن مقاربته مختلفة تماما.

أوباما ومن خلال حملته الانتخابية ثم من خلال استراتجيته الخارجية، يضع قضايا الحرية والديمقراطية والإصلاح وحقوق الإنسان في إطار التعاون والتفاهم مع العالم الخارجي وليس الفرض أو الإكراه. إن من أهم أهداف السياسة الخارجية لأوباما مع العالمين العربي والإسلامي هو سد الفجوة العميقة من فقدان الثقة، والتي تسببت فيها السياسة العدوانية لبوش ضد العرب والمسلمين وخصوصا الحرب على العراق والدعم الفاضح لـ «إسرائيل» وحروبها والتمييز ضد المسلمين في أميركا ضدها. ورمز الإذلال معسكر غوانتنامو لهذا فقد عمد أوباما إلى مخاطبة المسلمين في عدة مناسبات ومنها خطابه في مجلس النواب في أنقرة وخطابه إلى العرب والمسلمين في القاهرة وفعاليته مع قناة العربية وغيرها.

يرى الخبراء المتحاورون أن أوباما يركز على الإصلاح الحكم الصالح ومكافحة الفساد والتنمية في العالم العربي والإسلامي وإفريقيا، وبهذا فهو يعتقد أن ذلك سيخلف ظروفا أفضل للانتقال إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان. وقد ربط في خطابه في منطقة أكرا بغانا ما بين المساعدات الأميركية لإفريقيا بالحكم الصالح ومكافحة الفساد.

وعلى الضد من بوش فإن أوباما لا يعتبر الانتخابات في هذه الدول ذات أهمية قصوى أو مؤشر للديمقراطية، ومقاربة أوباما غير ايديولوجية، أي غير معنية بالديمقراطية الليبرالية. وقد تجنب الرئيس أوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلنتون ومتيشل مبعوث الرئيس إلى الشرق الأوسط توجيه أي انتقادات علنية حتى الآن إلى الأنظمة العربية، ولم يقدموا أية نصائح تتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان.

ورغم تفجر الأوضاع في إيران، فإن إدارة أوباما ظلت حذرة ولم تستنكر قمع المعارضة ولم تتراجع عن عرضها للنظام الايراني بالتفاوض والحوار.

تكرر ذات الشيء بالنسبة لانتفاضة شعب الايغور المسلم في الصين.

يرى الخبراء أن تعاطي الولايات المتحدة مع قضايا الإصلاح والديمقراطية والحكم الصالح ومكافحة الفساد وحقوق الإنسان تأتي ضمن صفقة متكاملة تستهدف استعادة الولايات المتحدة للثقة من قبل العالم، وخصوصا من قبل حلفائها في أوروبا منافسيها مثل روسيا والصين، ومن المعنيين في الدول الأخرى مثل الدول العربية.

وفي ظل الوضع الاقتصادي والمالي الضاغط على الولايات المتحدة وتوجه الإدارة الجديدة للتعاطي معه كأولوية، وضرورة استعادة مكانة العلاقات عبر الأطلسي مع أوروبا، وتطبيع العلاقات مع العمالقة الاقتصاديين الكبار روسي والصين والهند، فإن الإدارة الاميركية ليست في دائرة وضع قضايا حقوق الإنسان كأولوية وعلى الرغم أن الخارجية الأميركية جددت برنامج مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط (MEPI) لسنة أخرى، واعتمدت موازنة 87 مليون دولار للعام 2009، إلا أنه غير مؤكد أن يستمر البرنامج، لأن الإدارة الأميركية تفضل تنفيذ برامج تنموية تساعد الناس على تحسين أوضاعهم، وتساعد الحكومات على مكافحة الفساد والحكم الصالح.

المتحاورون العرب وغيرهم أكدوا من ناحيتهم على أنه رغم ضجيج إدارة بوش وتفاقها الكثير على برامد دعم الإصلاح والديمقراطية وحقوق الإنسان، فإنها لم تساهم في تعزيز حقوق الإنسان أو تحقيق الديمقراطية أو الدفع بالإصلاحات، وسرعان ما تخلى عنها بوش ذاته بتبني استراتيجية الإجماع الاستراتيجي لمكافحة الإرهاب وتحالف المعتدلين العرب المدعومين من قبل اميركا مقابل المتطرفين العرب المدعومين من قبل إيران لذا فإنهم غير آسفين على بوش وسياسته.

في ذات الوقت فإنهم قلقين من توجهات إدارة أوباما من تركيزها المفرط على استعادة زخم المفاوضات العربية الإسرائيلية، واستعادة الثقة بأميركا باسترضاء الحكام المستبدين. ومما يتفاقم الوضع وصول المشروع الأوروبي لما يعرف بمسار برشلون بالشراكة الأوروبية المتوسطية إلى طريق مسدود، رغم الإبهار الذي مارسه الرئيس الفرنسي سركوزي بإعلان قيام الاتحاد من أجل المتوسط والذي لم يتجاوز مرحلة الإعلان ولم تقم له قائمة.

من هنا الخشية من الاتفاق الأميركي الأوروبي، في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، بإعطاء الأولوية لتأمين ضخ فوائد النفط العربية، وتطبيع العلاقات العربية مع «إسرائيل»، على حساب الشعوب العربية وحقها في النضال من أجل الديمقراطية والإصلاح وحقوق الإنسان.

في المحلصة فقد كانت الرسالة الموجهة إلى أوباما هي ضرورة توجيه الدعم للحركة الديمقراطية والحقوقية في الوطن العربي، ولكن من دون وصاية أو إملاءات.

كما أن أشكال ووسائل هذا الدعم ومعاييره يجب أن لا تكون أميركية كما هو حاصل حاليا، وهي غالبا ما تقتصر على برامج شكلية وفوقية لا تصل إلى جمهرة الناس ولا النشطاء الفعليين وخلقت طبقة من الطفيليين المتربحين من برامج ترويج الديمقراطية وحقوق الإنسام.

إن المنطلق في ذلك يكون في تغيير الذهنية والاستراتيجية والتعامل مع القوى والتنظيمات والاتجاهات المؤيدة للإصلاحات والديمقراطية وحقوق الانسان والحكم الصالح ومنها التيارات والتنظيمات الإسلامية من منطلق الشراكة والندية.

وقد دعا عدد من المتحاورين الإدارة الاميركية والاتحاد الأوروبي والدول الغربية إلى فتح الحوار مع الإسلاميين الاصلاحيين مثل الإخوان المسلمين، وإلى الإسلاميين الوطنيين مثل حزب الله وحماس، ورفض ابتزاز الأنظمة العربية التسلطية و»إسرائيل» على السواء

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 2529 - السبت 08 أغسطس 2009م الموافق 16 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 8:47 ص

      الكتاب والتراب

      ان سياسة الدول الغربية من حولنا ما هي الا تنفيذ لما ورد بالكتاب السري لكل دولة منهم وهذه الكتب تم دراسة سياستها منذ القدم من قبل شخصيات هامة ومفكرين مهووسين بالشرق الاوسط والبلاد العربية لما تتمتع به من خيرات ومهما قاموا من افعال واقوال فهم الخاسرون في النهاية وذلك لاننا الخير وهم الشر ونحن لسنا اغبياء كما هو ظاهر و لكن الشئ الذي لا يعلمونة ان ذلك يسمي بالشقاوة العربية

اقرأ ايضاً