العدد 2531 - الإثنين 10 أغسطس 2009م الموافق 18 شعبان 1430هـ

فلسطين... وماذا بعد؟

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

أظن - وبعض الظن ليس إثما - انه ما من كاتب إلا وكتب عن فلسطين مهما كان اتجاهه الفكري؛ فهذه القضية ومنذ بدايتها وهي تشغل بال كل عربي وكل مسلم ولاتزال حتى بإذن الله بهزيمة الصهاينة وإخراجهم من كل فلسطين وسيقع هذا بإذن الله.

والسؤال: ماذا فعل العرب وماذا فعل الفلسطينيون من أجل أن يضعوا حدّا للإجرام الصهيوني الذي يتزايد يوما بعد آخر؟

الموقف الصهيوني شديد الوضوح؛ فالصهاينة يقولون: إن فلسطين المحتلة يجب أن تكون دولة خالصة لليهود... وإن القدس يجب أن تكون عاصمة هذه الدولة... وإنه لا يحق لأي فلسطيني العودة إلى وطنه... وإنهم مقابل ذلك كله يسمحون بدولة مسخ لا هوية لها يسكنها الفلسطينيون يكون بإمكانهم خنقها في أية لحظة وهذا - مع سوئه - لن يتم إلا بعد أن يطبع العرب جميعا علاقتهم بـ «إسرائيل»!

وبالمقابل لا نجد موقفا واضحا عند معظم الفلسطينيين ولا عند معظم العرب تجاه فلسطين!

والذي تابع مؤتمر فتح السادس يلحظ بوضوح أن القضايا التي طرحت فيه لا تكاد تعبر عن أي شيء؛ كلام عام لا يكاد يلامس هموم الفلسطينيين الحقيقية ولا يتناسب مع مواقف الصهاينة وتعنتهم واستهتارهم بالجميع...

الكلمة التي ألقاها الرئيس الفلسطيني اشتملت على بعض النقاط المهمة منها قوله: إن خيار المقاومة حق يكفله القانون الدولي وإنه متمسك بهذا الخيار! لكن الرئيس لم يقل: متى سيستخدم هذا الخيار وكيف؟ وهل سيستمر في المفاوضات التي وصفها بـ «العبثية» أم سيتوقف؟

وقال: إنه لن يوقع أي اتفاق مع «إسرائيل» إلا بعد ضمان عودة اللاجئين وإزالة المستوطنات وأن تكون القدس عاصمة لدولة فلسطين وأن لا يكون في السجون الاسرائيلية أي سجين فلسطيني!

كلام جميل ولكن الرئيس سمع كثيرا أن قادة الصهاينة يرفضون كل ما قاله فكيف سيتصرف إزاء ذلك؟! كان من المفروض أن يقول للناس شيئا يستفيدون منه! هل سيوقف المفاوضات حتى يستجيب الصهاينة لمطالبه؟ هل سيبدأ المقاومة التي يكفلها القانون بحسب قوله؟! هل سيصمت وإلى متى؟!

الرئيس صمت تماما في موقف لا يحسن فيه الصمت! لقد قال بوضوح في معرض دفاعه عن «أوسلو»: إن اتفاق أوسلو لم يفشل! ولكن - كما قال - أفشلته «إسرائيل»! إذا فشل بغض النظر عمن أفشله...

ويقول أيضا: إن ما تفعله «إسرائيل» في القدس يؤكد أنها ليست جادة في السلام!

إذا... الرئيس يعرف أن «إسرائيل» وبشكل مؤكد لا تريد السلام... ومرة أخرى... ماذا يجب عليه أن يفعل أمام هذه المواقف المتعنتة! لم يقل شيئا!

الفتحاويون لم يكونوا على قلب رجل واحد، فالخلافات كانت حادة بصورة لافتة للنظر؛ فبعض الحاضرين أخرج من المؤتمر، وقيل: إن البعض تعرض للضرب، وبحسب صحيفة «لوموند» الفرنسية فإن النقاش حول الوضع المالي والتنظيمي للحركة جعل الرجل الثاني في اللجنة المركزية «أحمد غنيم» يخرج من المؤتمر غاضبا!

هذه الأجواء تعطي دلالة كبيرة على أن القرارات التي قد تتخذ لن تحظى بموافقة الجميع، وان هناك من سيقف ضدها من أبناء فتح فضلا عن الآخرين، ومعروف أن بعض منسوبي فتح يرون أن المؤتمر لا شرعية له، وهناك من تعمد عدم الحضور، وهناك من منع من الحضور لأن أفكاره تختلف عن أفكار بعض صانعي القرار في فتح... كل هؤلاء وآخرون لن يقبلوا بقرارات المؤتمر ولاسيما أن هذه القرارات هلامية ليست صريحة...

في الجانب الآخر نجد أن «إسرائيل» تقول على لسان مصدر مسئول ومن خلال الإذاعة إن «إسرائيل» عملت كل ما في وسعها لانعقاد المؤتمر معتبرا أن انعقاده يشكل فرصة لاستئناف مفاوضات السلام بشرط عدم طرح الفلسطينيين شروطا مسبقة!

والكارثة في هذه الشروط التي لا يريدها في مفاوضات السلام!

ورئيس لجنة الخارجية في الكنيست يقول لإذاعة بلاده: إن على فتح أن تعمل على تقوية الجهات المعتدلة في الشعب الفلسطيني وإلا فستخسر المعركة مع حماس!

أقول: ليته قال لنا ما هي مواصفات الاعتدال التي يريدها!

وقال أيضا: إنه يشيد بجهود السلطة في مكافحة نشطاء حماس في الضفة! وأنا أحيل هذه الإشادة إلى السلطة ولها أن تقول رأيها فيها!

الذي أراه أن المؤتمرات لن تكون لها قيمة ما لم يكن هناك عمل جاد يقوم به أولئك الذين يحضرون تلك المؤتمرات... وفي قضية فلسطين وفي ظل ما يقوله الصهاينة فإن الحديث عن السلام عبث واستهتار بعقول الآخرين، بل إنه طريق للاستسلام من دون مقابل...

المقاومة وحدها هي الطريق الذي يفهمه الصهاينة، وقبل ذلك لابد أن تتوحد كلمة الفلسطينيين - أولا - والعرب - ثانيا.

وهنا أشيد برسالة خادم الحرمين التي وجهها للسيد «أبومازن» بمناسبة انعقاد المؤتمر حيث أكد أهمية الكلمة وخطورة الانقسام، هذا الانقسام الذي ألحق الأذى بالفلسطينيين أكثر مما ألحقه بهم الصهاينة...

قضية فلسطين قضية كل مسلم على وجه الأرض، والصهاينة لا يعرفون لغة المفاوضات بل لغة المقاومة... والعدل أن يدعم الجميع من يتخذ خيار المقاومة خياره العملي ما دامت الخيارات الأخرى لم تعد لها قيمة عند الصهاينة...

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 2531 - الإثنين 10 أغسطس 2009م الموافق 18 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً