العدد 2533 - الأربعاء 12 أغسطس 2009م الموافق 20 شعبان 1430هـ

«صوت ناشفيل» أكثر تطورا وصل خلال الستينيات من القرن العشرين

تحديث الموسيقى الأميركية الريفية

خلال الستينات من القرن العشرين، رغب العديدون من فناني الموسيقى الريفية الأصغر سنا في ذلك الوقت في تحديث صوت جذورهم في موسيقى الهونكي تونك، دون أن يتبنوا مباشرة أساليب الروك أند رول لألفيس بريسلي أو بادي هوللي. فاختاروا أسلوبا متطورا حديثا في التقديم الصوتي وترتيب آلات الموسيقى الريفية، وهو أسلوب كان له تأثير قوي عرف باسم «الريف الكوني» أو «الكوزموريفي»، وهو اندماج بين الموسيقى «الريفية» والموسيقى الكوزموبوليتانيه». كانت مدينة ناشفيل مركز هذا التطور، كما سمي هذا الأسلوب أيضا في أحيان كثيرة «بموسيقى ناشفيل».

بدأت باتسي كلاين (1932-1963) حياتها المهنية كمغنية حققت أغانيها النجاح في العام 1957 بعد أن سجلت أغنيتها «المشي بعد منتصف الليل» التي نجحت على كل من قوائم الموسيقى الريفية وموسيقى البوب. أغنيتاها اللتان حققتا نجاحا كبيرا في العام 1961، وهما «إنني أتفتت إلى أجزاء» و»مجنونة» عكستا نوعا خاصا من الحساسية: كانتا أغنتيين شعريتين لقيتا إعجابا واسعا، ولم تكونا أبدا إسطوانات «للمراهقين»، وقد أدتهما كلاين بطريقة متطورة في جملها وألفاظها وفي نفس الوقت بتغيير مقام الصوت إلى الموسيقى الريفية وموسيقى البلوز لتظهر أين تقع جذورها. أصوات الدندنة العاطفية الخلفية أعطت هذه الإسطوانات بريق موسيقى البوب، في حين بقي البيانو ذو القدرة الصوتية العالية يستحضر أصول الهونكي تونك لهذا النوع من الموسيقى. استمرت كلاين تحتل مركزا مرموقا في قوائم الموسيقى الريفية وموسيقى البوب إلى أن توفيت في عمر مبكر في حادث تحطم طائرة في أوئل العام 1963.

الإسطوانات التي سجلها مغني الروك أند رول ألفيس بريسلي من العام 1960 وما بعده (بعد أن عاد من فترة الخدمة العسكرية في الجيش الأميركي) عكست مجموعة انتقائية متزايدة من التأثيرات ولكن موسيقى ناشفيل برزت بصورة خاصة بينها. الأمثلة الموضحة بشكل جيد لهذه التأثيرات هي أغنيته الناجحة «لا أستطيع الامتناع عن الوقوع في الحب» التي سجلها العام 1961 وإسطوانته «البكاء في الكنيسة»، التي سجلها العام 1965 وكانت في الأصل أغنية ريفية رائجة في العام 1953.

قد يبدو الأمر مدهشا إذا عرفنا أن تأثير موسيقى ناشفيل امتد إلى الإيقاع والبلوز في أوائل الستينيات من القرن العشرين، ولكن إذا أخذنا في الاعتبار التبادل المستمر بين الموسيقيين البيض والسود عبر تاريخ الموسيقى الشعبية الأميركية، يجب ألا يتراءى لنا أن ذلك الأمر غير متوقع. أغنيتان ناجحتان لسلومون بيورك وهما «لا أستطيع الوصول إليها (بذراعي المفتوحتين)» و»ابك لي»، تبدوان لكل العالم إسطوانتين للموسيقى الريفية يؤديهما مغنّ أسود، وقد تم إنتاج عدد كبير من إسطوانات الموسيقى المماثلة عقب نجاح هاتين الأغنيتين من جانب بورك وفنانين آخرين مرتبطة أسماؤهم بموسيقى الإيقاع والبلوز. ففي أواخر الستينيات من القرن العشرين، كانت الحياة المهنية لشارلي برايد، الأميركي الإفريقي الذي انطلق ليستهوي بصورة رئيسة مستمعي الموسيقى الريفية، في أوج نشاطها. وبحلول العام 1983، كان برايد قد حقق بصورة مذهلة 29 أغنية ريفية احتلت المرتبة الأولى، وبذلك أظهر مرة أخرى كيف يمكن أن تكون الموسيقى والمستمعون إليها، أحيانا، لا يكترثون باللون. والجدير بالملاحظة في السنوات اللاحقة كان ألبوم أنتج في العام 1994 وعنوانه «الإيقاع الريفي والبلوز» الذي جمع مستمعي الإيقاع والبلوز مع الموسيقى الريفية لتشكيل ألحان يغنيها ثنائي، وكذلك الأمر بالنسبة لألبوم بيورك الذي أنتجه العام 2006 وعنوانه «بكل بساطة ناشفيل»، وهي المدينة الأميركية التي ترافق اسمها أكثر من أية مدينة أخرى مع الموسيقى الريفية.

خلال السبعينيات من القرن العشرين، أصبحت الموسيقى الريفية مشروعا تجاريا هائلا وتواصلت مع المستمعين الشباب من الطبقة الوسطى وفي نفس الوقت عززت قاعدة مستمعيها التقليديين الجنوبيين وجمهورها من الطبقة العاملة من البيض. وفي العام 1974، انتقلت فرقة «غراند أول أوبري» من المسرح المتردي القديم في ناشفيل حيث كانت تقدم أغانيها منذ العام 1941، إلى مرفق متكامل بكلفة ملايين من الدولارات، مزود بحديقة مساحتها 110 إيكرات تدعى «أوبري لاند». المزاج المحافظ بوجه عام للبلاد، الذي عكسه الانتصار الساحق لريتشارد نيكسون على جورج مكغفرن في الانتخابات الرئاسية العام 1972، عزز شعبية الموسيقى الريفية بين أفراد الطبقة الوسطى الأميركية.

ومنذ ذلك الوقت، استمرت الموسيقى الريفية في النمو من حيث شعبيتها وتأثيرها. وهي تبقى قوة ثقافية مهمة وصناعة كبيرة مربحة. الأسلوب التقليدي الذي مثلته موسيقى «ناشفيل» تستمر في إنتاج العشرات من الأغاني والفنانين سنويا، وبالنسبة للعديد من الأميركيين تعتبر موسيقى ناشفيل هي الموسيقى الريفية. وفي نفس الوقت، فإن مدى واسعا من الأساليب التي تجمع مع بعضها البعض عادة كأغاني «ريفية بديلة» لأغراض تسويقية، تزود مجموعة متنوعة غنية من الأصوات والمقاربات لصنع الموسيقى بينما تحتفظ بروابطها مع تقليد الموسيقى الريفية.

اقتبس هذا المقال من كتاب «الموسيقى الشعبية الأميركية: من الغناء على أنغام الغيتار إلى أم بي3» بقلم لاري ستار وكريستوفر واترمان، نشرته دار نشر جامعة أوكسفورد، حقوق النشر محفوظة (2003، 2007)، وقدمه مكتب برامج الإعلام الخارجي على شكل نشرة موجزة.

العدد 2533 - الأربعاء 12 أغسطس 2009م الموافق 20 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً