تميزت الدورة الثالثة لمهرجان دبي السينمائي الدولي التي اختتمت فعالياتها يوم الأحد 17 ديسمبر/ كانون الاول، بأنها الأقوى على الإطلاق منذ انطلاق فعاليات المهرجان لأول مرة العام 2004. وعلى مدار ثمانية أيام، تألقت في سماء دبي نخبة من أبرز نجوم السينما من هوليوود، وبوليوود، والوطن العربي والعالم كافة، الذين جاءوا للمشاركة في أعمال المهرجان الذي بات اليوم أهم المحافل التي يلتقي خلالها نخبة من أبرز صناع السينما في المنطقة.
ولا بد أن يكون هناك ثمة محرك وراء هذا النجاح اللافت والتألق المتميز للمهرجان، اذ برز كادر العمل المكون من عدة أقسام، وأشرف عليه رئيس مهرجان دبي السينمائي الدولي عبد الحميد جمعة، الذي وجه أكثر من 350 موظفا تعاقدوا للعمل في المهرجان بعقود تتراوح مدتها من ثمانية أشهر إلى أسبوعين نحو إنجاز هذا النجاح. و دأبت اللجنة المنظمة للمهرجان خلال الدورات السابقة على استقطاب الخبرات المحلية، إضافة إلى تولية بعض المهمات الرئيسية إلى نخبة من أبرز محترفي صناعة السينما، ممن يتمتعون بخبرات دولية مشهود لها من خلال مشاركتهم في أكثر من 20 مهرجانا سينمائيا دوليا.
ترتكز فلسفة رئيس مهرجان دبي السينمائي الدولي في الإدارة على فكرة التواصل، وقد دأب في الأسابيع التي سبقت انطلاق المهرجان على دعوة جميع رؤساء الأقسام لتبادل المعلومات والأخبار وكل المشكلات المحتملة.
ولا شك أن المفهوم الذي يتبعه جمعة فريد من نوعه، وقد أثبت في الوقت نفسه فاعليته ونجاحه، يذكر هنا أنه وقبل بدأ فعاليات المهرجان بيوم واحد، وفي خضم التحضيرات والتجهيزات وجه جمعة الدعوة إلى جميع الموظفين والمتطوعين للحضور إلى مسرح المدينة حيث طلب منهم الرقص، والهتاف، والاحتفال لتفريغ الضغط وحالة التوتر من داخلهم، وتهيئتهم بالشكل المناسب لاستقبال أسبوع جديد بشكل إيجابي، وبعد ثلاثين ثانية فقط شعر الجميع بأن جوا من الارتياح والانتعاش بدأ يعم القاعة.
كما يؤمن جمعة إيمانا راسخا بأهمية التحلي بروح الفريق الواحد، يقول بهذا الصدد: «من المهم جدا أن يدرك جميع أعضاء الفريق بما يقوم به باقي الأعضاء الآخرين، إنك لا تقوم بإنجاز عملك الخاص، فأنت عضو في فريق عمل، ونشكل جميعا وحدة متكاملة».
كانت صالة مدينة أرينا في مدينة جميرا مركز عمليات المهرجان، حيث ضمت أكثر من 100 موظفا، مع مكاتبهم وحواسيبهم المحمولة وتوصيلات الانترنت والهواتف وكل ذلك تحت إشراف مدير المكتب كيني جريمسرود، وتشير بعض الأرقام إلى أن الموظفين قاموا باستهلاك 1500 بطاقة شحن لرصيد هواتفهم النقالة من فئة الـ 40 درهما، وقد استهلكوا 1100 بطاقة خلال أسبوع واحد هو مدة انعقاد المهرجان، كما جهزت 4 مناطق للاتصال اللاسلكي بالانترنت، و110 توصيلة انترنت خلال المهرجان.
وجهزت صالة السينمائيين، التي تتبع مكتب خدمات السينمائيين الذي أطلق في دورة هذا العام، لتنظيم جلسات حوارية وندوات تواصل متخصصة لتبادل وجهات النظر ومناقشة أهم القضايا التي تواجه صناعة السينما مع التركيز على صناع السينما المحليين، كما شهدت هذه الدورة أيضا إطلاق مبادرة لصناع السينما اللبنانيين للتعاون مع شخصيات سينمائية من كافة أنحاء العالم.
تقول جين ويليامز، مديرة مكتب خدمات السينمائيين: «ركزنا في مكتب خدمات السينمائيين على عملية تبادل المعلومات، حيث كان باستطاعة صناع السينما المحليين التواصل مع ضيوف المهرجان وتقديم شروحات مفصلة حول الظروف التي تمر بها السينما المحلية، وما هي الطموحات التي يسعون إلى تحقيقها». وقد أثبتت هذه المبادرة نجاحها حيث أشارت ويليامز إلى توقيع بعض اتفاقيات التعاون المحتملة لتوزيع وإنتاج الأفلام في المنطقة، حيث ستنشر تفاصيل أوسع بهذا الخصوص في الأسابيع المقبلة.
أما بوب مكارثي فقد أشرف على فريق ضم أكثر من 600 متطوعا يتحدثون 32 لغة، في حين لم يزد عددهم في دورة عام 2005 عن 350 متطوعا، وأمكن تمييزهم بسهولة من خلال القمصان التي تزهو بألوان جميلة تمثل شعار المهرجان، وقد انتشروا في كافة أرجاء المهرجان لتنظيم عملية بيع التذاكر، ومساعدة موظفي شباك التذاكر، وتقديم المعلومات اللازمة للمئات من الرواد الذين توافدوا إلى المهرجان.
وبدورها أشرفت جين إيفي على تقديم طلبات مشاركة المئات من الأفلام، ومن ثم فرزت هذه الأفلام بحسب برامج المهرجان، كما قام فريق عملها بتوجيه الدعوات إلى أكثر من 600 ضيف، من صناع السينما، ونجوم التمثيل، وممثلي وسائل الإعلام، إضافة إلى المساهمة في وضع جدول المهرجان.
أما جانا بتاكوفا، التي قامت بتولي مسؤولية الإشراف على الضيوف، فقد عملت على تجهيز كافة ترتيبات سفر صناع السينما، ومن ثم بدأت مسؤولية فريق سانيت كويتزي، المسؤولة عن ترتيب أعمال الضيافة، حيث قام فريق عملها باستقبال الضيوف في المطار، وترتيب إقاماتهم، وتنقلاتهم، حيث تم حجز أكثر من 4000 ليلة فندقية، و 600 رحلة طيران دولية في دورة هذا العام.
من جهتها ،كانت تسليم سومجي، مدير شباك التذاكر، المسؤولة عن عمليات تشغيل وإدارة جميع مواقع بيع تذاكر مهرجان دبي السينمائي الدولي، وقد أشرفت على توزيع التذاكر المخصصة لكل منافذ البيع. وأدارت وأشرفت على أكثر من 60 موظفا لبيع التذاكر، ومشرفي وموظفي مركز الاتصالات، وأفادت سومجي أن إيرادات دورة هذا العام حققت زيادة تقدر نسبتها بـ 85 عما حققته دورة العام الماضي.
ولو سنحت لك الفرصة هذا العام لحضور أحد العروض ورأيت موظفين يرتدون سماعات ويقومون بعملية إحصاء الزوار، فأنت هنا مع فريق عمليات المسرح تحت إشراف رون كوبيردراد. لقد أمضى فريق كوبيردراد الذي يضم 66 موظفا شهرين قبيل انطلاق فعاليات المهرجان لتجهيز وسائل الدعم اللوجستية مثل مكان الصفوف الاحتياطية، والإشارات والمداخل، حيث تواجدوا على رأس عملهم كل يوم من الساعة التاسعة صباحا، حتى آخر لحظة من آخر عرض من عروض المهرجان حوالي الساعة الواحدة صباحا.
ولأول مرة في تاريخه، يؤسس المهرجان مكتبا متخصصا في شؤون الصحافة والنشر تحت إدارة كارين فيننيجان، التي تمتلك خبرة سابقة من خلال عملها في مهرجاني لندن وكان السينمائيين، حيث تولت مسؤولية العروض الصحافية، والمؤتمرات والأخبار الصحافية والمعلومات والتنسيق الاعلامي للضيوف من صناع السينما، وذلك بالتنسيق مع شركة JiWin للعلاقات العامة، التابعة لنادي دبي للصحافة، التي نظمت عروض افتتاح السجادة الحمراء الليلية، وأظهرت مهنية كبيرة من خلال النظام المتقن الذي فرضته على سير الفعاليات من خلال تحديد الضيوف الذين ستجرى معهم المقابلات وفي أي وقت، ومرافقة كبار الشخصيات والإعلاميين. كما عملت شركة JiWin بالاشتراك مع شركة « دي دي أي» للعلاقات العامة التي تتخذ من لوس أنجليس مقرا لأعمالها، والتي أشرفت على الظهور الإعلامي للضيوف الدوليين مثل جوي براينت، وريتشارد جير، ولورنس فيشبورن.
أما مدير تسجيل وسائل الإعلام فابريس ألارد ، والذي يمتلك خبرة سابقة في المهرجانات الدولية من خلال عمله في اللجنة المنظمة لمهرجان كان السينمائي، فقد تولى مسؤولية اعتماد وسائل الإعلام والعاملين في صناعة السينما، كما أشرف على توفير كل المستلزمات أمام مندوبي الصحافة المعتمدين للوصول إلى المناطق المحددة والخدمات والفعاليات المطلوبة.
عمل هانز بورجشميت مدير الانتاج في المهرجان، منذ الانطلاقة الأولى لفعاليات المهرجان في العام 2004، وقد وصل الى دبى فى مطلع شهر سبتمبر/ايلول الماضي للإشراف على ترتيب أماكن العرض من النواحي التقنية واللوجستية، والتأكيد على جاهزية أدوات العرض والتسهيلات السمعية، بالإضافة إلى المساعدة في كثير من الحالات على مدار الساعة لتجهيز البنية الأساسية.
وقدم قسم خدمة العملاء بقيادة دان بوتكوفيتش دعمه لكافة أقسام مهرجان دبي السينمائي الدولي، وبادر بإطلاق برنامج المتسوق السري، وبرامج التدريب لضمان حصول العملاء على أرقى مستوى ممكن من الخدمة، كما أنه عمل مع شركة أبحاث مستقلة لتتبع مدى تأثير المهرجان على الاقتصاد والمجتمع، وذلك لوضع الخطط المستقبلية للمضي قدما.
وقد عمل بعض موظفي مهرجان دبي السينمائي الدولي على مدار العام، ومن ضمنهم على سبيل المثال مسؤولو البرامج الذين عملوا على اختيار الأفلام التي ستعرض سنة بعد سنة، من خلال البحث عن أفضل الأفلام المشاركة في كبرى المهرجانات السينمائية الأخرى، ومنهم هانا فيشر مسؤولة إعداد برنامج «عملية الجسر الثقافي» في مهرجان دبي السينمائي الدولي الثالث، والتي أطلقت أيضا عددا من الجلسات الحوارية التي أتاحت فرص التواصل الثقافي مع ضيوف المهرجان، وساهمت في دعوة عدد من نجوم السينما العالمية مثل شاه روخان القدوم إلى مهرجان دبي السينمائي، حيث أضفى حضوره رونقا خاصا، وحققت الجلسة التي استضافت خان أعلى عائدات من بين كافة الفعاليات في هذا العام.
كما أطلقت في دورة هذا العام جوائز المهر للإبداع السينمائي العربي، حيث عمل مسعود أمر الله آل علي المدير الفني للبرامج العربية في المهرجان والمنسق العام للمسابقة، والمستشار محمد روضة، على فرز مئات الطلبات واختيار الأفضل منها لتسهيل عملية الاختيار أمام لجنة التحكيم.
وتولت ماهسا معتمدي، مدير التسويق والرعاية، مسؤولية الفريق المسؤول عن الموارد البصرية في المهرجان كالأشكال المخروطية لقمع الآيس كريم، والإضاءة، واللوحات الدعائية، ودليل المهرجان (الذي عمل على تحريره الناقد السينمائي دانيال روزنثال)، وجميع الأعمال الإعلانية المقدمة طوال العام. تشارك معتمدي في المهرجان منذ انطلاقه، كما قامت بإدارة عمليات التسويق والرعاية لمدينة دبي للإعلام لعدة سنوات.
اما شيفاني بانديا، المدير الإداري لمهرجان دبي السينمائي الدولي، فقد قامت أثناء العام بالتجوال في جميع أنحاء العالم للتعريف والترويج لمهرجان دبي السينمائي الدولي، وخلال فترة المهرجان، كانت متواجدة في جميع الأماكن وفي كل الأوقات، تشرف على العمليات، ترحب بالضيوف وتعمل على التأكد من سير فعاليات المهرجان.
تقول شيفاني: «كانت هذه الدورة الأقوى للمهرجان منذ انطلاقه، وقد تلقينا عددا هائلا من ردود الفعل الإيجابية، من ضيوف وزوار المهرجان. نعتمد دائما على الإنطلاق من النجاحات التي حققناها، كما نأخذ في الاعتبار الانتقادات التي توجه لنا لتحقيق المزيد من التقدم والعطاء، وقد ارتفعت نسبة الحضور في هذه الدورة بنسبة 40 في المئة. ولا شك أني مسرورة جدا لمستوى التنظيم والتخطيط الذي أظهره فريق عمل مهرجان دبي السينمائي الدولي».
وأضافت «بعد ثلاث سنوات فقط من انطلاق دورته الأولى، أصبح المهرجان معلما بارزا تفخر به دبي، ولا شك أننا سنحافظ على الإرتقاء أكثر فأكثر بمستوى النجاح الذي حققناه في دورة العام المقبل، لأننا نسعى إلى تقديم الأفضل في كل دورة. ولابد لنا هنا من تقديم الشكر والامتنان لجمهور دبي الذي كان لاهتمامه الكبير بالثقافة والسينما الأثر الفعال في النجاح الذي وصلنا إليه. لا شك أن دبي باتت تمثل وجهة مثالية لعشاق السينما في منطقة الشرق الأوسط، ومن هنا فإننا نستهدف خلق قاعدة راسخة من المتخصصين والخبراء في صناعة السينما خلال السنوات المقبلة».
العدد 1581 - الأربعاء 03 يناير 2007م الموافق 13 ذي الحجة 1427هـ