العدد 1588 - الأربعاء 10 يناير 2007م الموافق 20 ذي الحجة 1427هـ

التكامل الخليجي يحتاج إلى رؤية بعيدة المدى

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

من المتوقع في صيف هذا العام أن تكتمل المرحلة الأولى من مشروع «الدولفين»، الذي يزود الإمارات العربية المتحدة بالغاز القطري عبر أنابيب تمتد تحت مياه الخليج بمسافة 360 كيلومترا، ومن المتوقع بعد ذلك أن يتم توصيل الغاز القطري إلى سلطنة عُمان أيضا، وهذا هو المشروع التكاملي الاقتصادي الأول بين دول الخليج العربي بعد ربع قرن من تأسيس مجلس التعاون الخليجي.

غير أن هذا المشروع لم ينتج عن مجلس التعاون، وإنما عن اتفاق حكيم بين الأطراف المعنية، واستمر إنشاء الأنبوب نحو 8 سنين... وكانت الكويت تأمل في الحصول على الغاز القطري أيضا عبر أنبوب آخر يمتد تحت البحر، ويعرج على البحرين، تماما كما هي الحال مع مشروع «الدولفين» الذي يذهب إلى الإمارات، ومن ثم يتفرع إلى عُمان، ولكن مشروع إمداد الغاز القطري إلى الكويت تعطل؛ لأن دول مجلس التعاون لم تستطع التوصل إلى اتفاق بينها بشأن مرور الأنبوب في مياه إقليمية هنا أو هناك.

وكان هناك أملٌ في أن يتم مد الغاز القطري من خلال مشروع موازٍ لمشروع إنشاء الجسر بين البلدين، إلا أن المشروعين فصلا عن بعضهما بعضا، وأكبر الظن أن ذلك يعود إلى عدم إمكان البدء بمشروع مد الغاز إلى الكويت... وفي هذه الحال، إن الفرصة المتاحة لدول الخليج لتكامل اقتصاداتها قد تتأخر، أو قد لا تحصل.

يتزامن مع هذا الموضع، الحديث عن تأخير إنجاز العملة الخليجية الموحدة، التي كان من المقرر لها أن تبدأ في العام 2010، ولكن الدول الخليجية اكتشفت الآن - قبل 3 سنوات من انتهاء المدة - أن العملة تحتاج إلى مصرف مركزي، وأن القرار النقدي سيكون بصورة جماعية، وهذا يعني التنازل عن جزء من السيادة على القرارات الاقتصادية، تماما كما هي الحال مع العملة الأوروبية الموحدة (اليورو)، التي يصدرها مصرف مركزي، وتُمَثَّل كل دولة في مجلس إدارة ذلك المصرف بحسب ترتيب معين، وهو ما يعني أن السياسة النقدية ليست تحت تصرف هذه الحكومة أو تلك لوحدها.

إن التاريخ يخبرنا أن التكامل الاقتصادي هو أساس قوة الاتحاد الأوروبي، وهو أيضا أساس قوة الولايات المتحدة الأميركية، فجميع الدول الأوروبية وجميع الولايات الأميركية مرتبطة ببعضها بعضا عبر سكك حديد واسعة، وعبر إمدادات من الكهرباء المرتبطة ببعضها بعضا، وعبر أسواق مشتركة في شتى المجالات... ولا سبيل لنا إذا كنا نؤمن بالتعاون الخليجي إلا من خلال التكامل استراتيجيا عبر مشروعات تربط مصالح كل بلد بالآخر بصورة أساسية... وعندها تتغلب المصالح الاستراتيجية على القضايا السياسية الآنية التي تمر بها البلدان القريبة من بعضها باستمرار.

إن التكامل في إمدادات الطاقة الذي سيبدأ هذا العام بين بلدين خليجيين من شأنه أن يعزز النمو الاقتصادي الذي تشهده منطقتنا حاليا، وأملنا في أن يتفحص المسئولون الأمور عبر رؤية بعيدة المدى لخدمة مصالحهم الاستراتيجية المشتركة، وهذا يتطلب التخلي عن بعض الأطر التي تحول دون تحريك مشروعات تكاملية ننتظرها منذ فترات طويلة.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1588 - الأربعاء 10 يناير 2007م الموافق 20 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً