العدد 1589 - الخميس 11 يناير 2007م الموافق 21 ذي الحجة 1427هـ

راقصات وكمائن!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بعد أن تواردت الأنباء الخاصة لإدارة الآداب العامة التابعة للإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية في بلدنا العزيز، نصبت السلطات الأمنية كمينا محكما لعدد من الراقصات! الأنباء الأولية - كما قرأناها في صحافتنا المحلية قبل فترة - كانت تدور حول قيام بعض هؤلاء الفاضلات بأحد الفنادق بممارسة «الفاحشة» مع الزبائن!

السلطات الأمنية استعانت بمصادر سرية للإيقاع بالمشتبه فيهن في الفندق المشبوه، وتبين أن ثلاثا من الراقصات «الفنانات»، يتقاضين أجرا قدره 270 دينارا مقابل خدمة الرجال «جسديا». واعتمد الكمين على إرسال مصادر سرية إلى الفندق للقاء الراقصات (وهن من جنسية عربية)، وسلّموا مبلغ 630 دينارا للحصول على «الخدمة الجسدية»، وهكذا وقعن في الفخ، حيث ضُبطن متلبساتٍ من دون لباس!

ما حصل أمرٌ متوقع تماما، فالأمور عادة تسير على هذا المنوال، فليس من شأن «مزوّدات الخدمة الجسدية» أن يحقّقن في هوية الزبون، أو يدقّقن في شخصيته أو جنسيته أو لونه أو لغته، فهن لسن شرطيات ولا «مخابرات»، والشرط الوحيد هو أن يدفع الزبون نقدا مع تسلم البضاعة، لا شيكات ولا دفع بالأقساط، وربما أيضا لا توجد في هذه الصناعة تسهيلات الدفع ببطاقات الائتمان!

ولأن الراقصات «فنّانات» بالفطرة، فإن ما يتفتق عنه التحقيق معهن يكون من النوع «الفنّ»! ففي الوقت الذي اعترفت إحداهن بما تقوم به من عمل «شريف»، أنكرت إحداهن صنيعها على رغم القبض عليها متلبسة، وقالت إنها تتجه عادة إلى غرف الزبائن بقصد تبادل الحديث والسوالف والدردشة معهم، فالمسألة مجرد تسلية في تسلية، ولهو بريء، فهل هناك ما يمنع في القانون أو الدستور من التسلية أو اللهو البريء؟ وهل هناك ما يجرّم الدردشة مع الزبائن؟ حتى في زمن أمن الدولة لم يكن يحدث ذلك! وحتى لو تم الاستناد إلى القانون المذكور، فإن العدد لا يصل إلى خمسة حتى يشكل خطرا أمنيا على الدولة بدرجةٍ تستدعي نصب مثل هذا الكمين! أما الراقصة الثالثة فقد ادعت أن مدير الفندق ومدير المرقص (وهما عربيان أيضا) هما اللذان يحرضانها على ممارسة الدعارة، وماداما هما المحرّضان، فهي بالتالي بريئة تماما، ولا يمكن أن تُحاسَب على فعلٍ لا إرادة لها فيه، أو اتهامها بأي عمل مخل بالآداب، واللوم كل اللوم على هذين الوغدين اللئيمين! أما إدارة الفندق فقد نفت أي علم لها بما يحصل من الراقصات من ممارسة أفعال فاضحة مع الزبائن المحترمين، فالاتفاق المبرم معهن هو فقط أداء «لوحات فنية راقصة» في صالة الفندق أو البار أو المنهل الذي ينهل منه الزبائن ما يحبون! وهو اتفاق شرف بين الأطراف المعنية، وهناك شهود أيضا وقت التوقيع!

طبعا كل هذه المناورات لم تنفع مع النيابة العامة، التي أمرت بحبس الجماعة المكونة من 8 أشخاص، لمدة 7 أيام على ذمة التحقيق. وكانت تهمة الفتيات الفنانات، التكسب من خلال «إيجار الجسد»، وتهمة مدير الفندق تحريض فتيات بريئات على «تأجير» أجسادهن، بينما مدير المرقص فقد اتهم بالتحريض وإكراه الفتيات المسكينات على الفعل المشين الذي لا يليق بسمعة بلدٍ إسلامي! وكان هناك ثلاثة آسيويين أيضا ضمن هذه الشبكة العنكبوتية، لا ندري من أي ماخورٍ تم استقدامهم للبحرين لتقديم خدماتهم الجليلة التي ستسهم حتما في خدمة الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل، ولا ندري تحت أيّ مسمى وظيفي اعتُمِدوا في وزارة العمل عند إصدار رخص العمل لهم. هؤلاء التعساء الثلاثة وجّهت لهم النيابة العامة تهمة المساعدة على ممارسة الدعارة... ويا شبكة ما دخلك شر!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1589 - الخميس 11 يناير 2007م الموافق 21 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً