العدد 1591 - السبت 13 يناير 2007م الموافق 23 ذي الحجة 1427هـ

جنسية أبناء الأمهات البحرينيات

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بينما يناقش مواطنو العالم المتطور، ومن بينهم نساء، مسائل في غاية الأهمية مثل «البحث عن أفضل سبل لترتيب معيشة الإنسان على القمر»، أو أمورا مثل «تأهيل الأطفال من أجل الانخراط المبكر في مجتمع المعلومات» بكل تعقيداته، أو دراسات عن «النانو جينوم»... نجد المجتمعات العربية لاتزال، مضطرة بحكم القوانين التي تسير هذه المجتمعات، أن تواصل مناقشة أمور يفترض أن تكون ثانوية أو بالأحرى قد تم البت فيها، مثل قانون حق المرأة الكامل في إعطاء الجنسية التي تحملها لأبنائها.

قد يبدو ساذجا من يحاول أن يناقش مثل هذه البديهيات، فهو شبيه بذلك الذي يجتهد اليوم كي يثبت، من جديد، كروية الأرض، كما يقال. لكن في حالات معينة، وعندما تتحول تلك البديهيات إلى ما يشبه الطلاسم، تبدو الحاجة ملحة إلى من يمسك مطرقة كي يغرس تلك البديهيات في أذهان من ينكرها، أما بشكل واعٍ دفاعا عن مصالح آنية، أو لأغراض مبطنة لا يملك جرأة الإفصاح عنها، أو لجهالة يصعب علينا القبول بها أو غفرانها.

ومن البديهيات التي لايصل الشك إليها هو حق المرأة الإنساني والشرعي والقانوني أن تورث أبناءها الجنسية التي تحملها. ويزداد هذا الحق حضورا عندما يحظر هذا القانون هذا الحق على المرأة أو بالأحرى الزوجة بينما يطلق يد الزوج حرة يتصرف بها كما يشاء، إلى درجة قد تصل إلى الاستغلال لدى بعض الآباء الذين يفقدون إنسانيتهم تحت ظروف معينة.

وطالما اضطررنا الهبوط إلى مستوى مناقشة البديهيات فلابد لنا، مرغمين، أن نفصل فيها.

وأول البديهيات هي أن العلاقة المتبادلة، البيولوجية والاجتماعية والشرعية، بين الأم وأبنائها أمتن بما لا يقاس من تلك التي تقوم بين الأب مع أولئك الآبناء.

وثاني تلك البديهيات هي أننا في مجتمع يحكمه دستور يدعي المساواة بين الناس بعيدا عن العرق أو الجندر، فكيف لنا تبرير حرمان الأنثى من أبسط حقوقها ومنح الحق ذاته من دون أي مبرر للذكر، الذي قد نجده في حالات معينة يسيئ استخدام هذا الحق أو يستغله لابتزاز الأم.

وثالث هذه البديهيات وطالما أننا نرفع شعار «أسرة سعيدة من أجل مجتمع آمن» فلا ينبغي منا في الوقت ذاته بتر، بوعي وإصرار مسبق، حبال الأسرة التي يمكن أن تربط بين أفراد الأسرة التي ندعي الرغبة في إسعادها. إننا ندق إسفين التمزق، ومن ثم التعاسة، في صرح تلك الأسرة من اللحظات الأولى التي ترزق فيها بالأطفال.

ورابع تلك البديهيات هي كيف لنا أن نبني مجتمعا مستقرا يشعر فيه الأطفال - كمواطنين مستقبليين - بالأمان والإنتماء ومن ثم الولاء في مجتمع يحرمهم من أبسط حقوقهم الإنسانية التي هي حمل جنسية الأرض التي ولدوا فيها وترعرعوا بين ربوعها وعاشوا بين أهلها.

وخامس هذه البديهيات، وقد تكون أكثرها أهمية هي أننا لا ينبغي أن تحكمنا الحالات الطارئة والآنية أو الأخطاء المتسرعة ونعالجها من زوايا خاطئة نحولها، بوعي أو من دون وعي، إلى ما يشبه القانون أو العرف. فكون عدد كبير من الذكور الذين تواجدوا في البحرين، والذين ربما، لا تنطبق عليهم القوانين التي تمنحهم حق الجنسية البحرينية، لكنهم حصلوا عليها لأسباب ليس هنا مجال سردها، هذه الحال الطارئة والآنية، لا ينبغي أن تدفع ثمنها الأمهات حاليا والأبناء مستقبلا، ولابد من البحث عن حل متحضر لعلاجها من دون ضحايا من الأبرياء.

وإلى أن نصل إلى مثل هذا الحل، لا نستطيع إلا أن نقوم بأضعف الإيمان وهو التغيير باللسان. ولعل هذا الصوت المتواضع يلقى صداه عند أولي الأمر لوضع حل ينصف الأم البحرينية أولا، ويضع حدا لهذه المأساة ثانيا.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1591 - السبت 13 يناير 2007م الموافق 23 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً