العدد 1611 - الجمعة 02 فبراير 2007م الموافق 14 محرم 1428هـ

الفضائيات العربية بين الصورة والتحليل

أيهما أكثر جذبا ؟!

أصبحت الفضائيات قوة من قوى العولمة، التي تلعب أخطر الأدوار في التأثير على الرأي العام المعاصر ومما لاشك فيه أن للفضائيات جاذبيتها الخاصة، التي تجذب المشاهد بعيدا عن قنواته المحلية في محاولة لمعرفة الآخر... ولكن السؤال الأهم هل الاهتمام نابعا من الانبهار البصري بالصورة أو المادة الفلمية المقدمة، أم أن التحليل والفكر المختلف هو الفيصل في نجاح أي عمل فضائي... أم أن الاثنين يكملان بعضهما بعضا؟

في رأي الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة ليلي عبدالمجيد أن هناك الكثير من البرامج التي تقدم على القنوات الفضائية التي تجذب المشاهد إليها كالحوارات السياسية والرياضية والفنية، فالقنوات الفضائية تخاطب وتتعامل مع جميع المستويات المختلفة فلا يمكن تعميم القول إن القنوات الفضائية أكثر جاذبية للمشاهد من خلال الصورة فقط دون التحليل والاستماع فكلاهما مكمل للآخر، فاهتماماتنا مختلفة، ذلك ؛لأننا مختلفون في كل شيء، ولكي تكون هناك إمكان تحديد للأكثر جاذبية، فإن ذلك يحتاج إلي عمل دراسة كاملة نستطيع من خلالها تحديد أيهما أكثر جذبا للمشاهد الصورة أم التحليل، ومن دون هذه الدراسة فليس من المستطاع تحديد ذلك.

ولعلنا نستطيع القول إن أحد العيوب التي يجدها المشاهد في البرامج التحليلية وتدفعه للانصراف عنها حين يتعالي بعض الضيوف على فهم المشاهد واستيعابه إلي جانب تكرار نفس الضيوف في الكثير من البرامج الفضائية أيضا هناك بعض المتحدثين أو التحليليين ممن يعد كلامهم مناقضا للأوضاع الراهنة فهي بعيدة كل البعد عن الأحداث الجارية والمتعاقبة وغير مقنعة للمشاهد، على رغم ذلك لا يمكن اعتبار الصورة أكثر جاذبية للمشاهد من دون التحليل، فكل منا له ميوله الخاصة وآراؤه المختلفة التي تختار ما يفضله وإذا كانت هناك إباحية تظهر خلال بعض الصور الخاصة بفئة بعينها فهي ليست مدعاة لتعميم جاذبية الصورة في أشكالها كافة، أيضا لا يمكن القول بافتقار الصورة إلى المعني والمضمون فمنها ما هو شيق وممتع وترفيهي له صفة الجاذبية للمشاهد، ومنها ما هو سيئ ينفر المشاهد من متابعتها، فالمشاهد عندما يجد ما يشده ويجعله في حالة انتباه تام ؛فإنه ينجذب إليه سواء كانت هذه الحالة الصورة أو التحليل، فدائما المشاهد في حاجة ماسة إلى كل جديد ليخرجه من حالة الكآبة التي يعيشها المشاهد بصفة عامة.

رتابة وتكرار

وترى أستاذ الإعلام نجوى كامل أن المشاهد للبرامج الفضائية يختلف من شخص لآخر، فهناك من ينجذب إلي الصورة وآخر إلى التحليل، ويرجع ذلك إلى طبيعة البرنامج نفسه فيحدد أيهما أكثر جذبا للمشاهد فأحيانا نري في أحد البرامج السياسية مثلا برنامجا يتحدث عن المقاومة في العراق أو الانتخابات فإن الصورة هنا قد لا تجذب المشاهد بقدر ما يجذبه الحوار أو الحديث له ذلك لتكرار الصورة نفسها في أكثر من برنامج وغالبا ما نجد أن سبب جذب المشاهد في المقام الأول هو الجديد سواء في الصورة أو التحليل.

وترجع أسباب جذب الصورة للمشاهد عن التحليل هو أن هناك بعض البرامج المليئة بالرتابة والتكرار والتي يجب أن نتجاوزها لأنها أصبحت مملة ودائما ما تتسبب في بُعد المشاهد عن التحليل واتجاهه إلى مشاهدته للصورة، ذلك نجده في البرامج السياسية والتي كثير منها يعود للماضي والحديث عن أحداث سابقة وقديمة، لكن يفترض أن يكون هناك تنوع في التحليل لهذه البرامج حتى تأخذ صفة الجذب للمشاهد، بدلا من نفوره منها لأنها لا تأتي له بالجديد، فيجب أن تتنوع البرامج التحليلية أكثر من ذلك، حتى لا يمل منها المشاهد ويطرحها جانبا فتصبح البرامج الفضائية في هذا الوقت بلا قيمة حقيقية، فلقد فقدت كثيرا مما كانت تحمله من ثقافة جديدة تجذبه لمشاهدتها بل على العكس تكون رؤيته للصورة أكثر جذبا حتى وإن كانت لتسلية الوقت، وفي رأيي أن غير المتعلمين هم أشد جذبا للصورة، وهم من لم تعنيهم الثقافة الفكرية سواء سياسية أو علمية أو اقتصادية في شيء، ولعلنا نلاحظ أن الصور العارية المليئة بالإباحية وخصوصا في الفيديو كليب الحديث تعتبر أشد جذبا للمشاهد ولكن في رأيي كما قلت سابقا إن هذه الفئة من المشاهدين سيأتي عليها الوقت وتمل من مشاهدة مثل هذه الصور.

العالم الحديث

كانت هذه آراء المتخصصين، ولكن ماذا عن آراء العامة من المشاهدين؟

تامر محمد (مهندس إلكترونيات) يقول إن الفضائيات أصبحت قوة من قوي العالم الحديث وتستطيع أن تلعب أخطر الأدوار في تكوين الرأي العام المعاصر ؛لأنها توجه اتجاهات الناس وتفكيرهم، ولكن لابد من حقيقة تذكر ألا وهي أن الصورة تُغني عن عشرة آلاف كلمة كما يقال، إذا تأثير الصورة قوي جدا ويتعدي ما لا تستطيع فنون القول: إن تفعله إلا بجهد جهيد فالمشاهد المتابع للصورة لا يجهد ذهنه في التفكير فالصورة تقنعه بالرسالة الموجهة ويؤمن بها سريعا على عكس التحليل الذي في التفكير بين تكذيب ما يسمع أو تصديقه وتكون قناعته بالقول هي الفيصل فتصبح الصورة سلاحا قويا أمام كسل المشاهد لتحري الحقيقة، وإنني لأفضل الصورة لسهولة الوصول من خلالها لما أريد معرفته.

ويشير سيد جلال ليسانس حقوق إلى أن البرامج الفضائية متنوعة وهناك برامج لا يمكن متابعتها من دون صورة كمباريات كرة القدم فهي تحتاج إلى الصورة والتحليل في القوت ذاته ، ولا يمكن الاستغناء عنها وربما نجد أيضا أن البرامج السياسية المقدمة تعتمد اعتمادا كليا على التحليل لأني أبحث عن معلومة يليها البرامج الاقتصادية والثقافية وهذا طبعا لا يتطلب الصورة إلا كعمل لكنه ليس الأساس على عكس البرامج الفنية التي تعتمد في الأساس على الصورة فقط.

وتعترف رشا محمد (ليسانس آداب) بأن الفضائيات عالم خاص بكل فرد فالجميع يبحث عن اهتماماته بداخلها وتنوع البرامج يرضي هذه الأذواق فهناك من يتابع برامج المنوعات بما تتضمن من مشاهد راقصة وجذابة وهناك من يبحث عن الصورة التي تجدها في معظم الأحوال مع البرامج الخفيفة، أما التحليل فيجذب نوعية أخرى من المشاهدين خصوصا أن ذلك يقترن بعدد من البرامج الثقافية أو السياسية ؛لأن التحليل هنا يعمل علي تفتيح المدارك وقراءة صحيحة لما خلف الأحداث، ولكن لايمكن الجزم بأيهما يجذب المشاهد الصورة أم التحليل لأنه «لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع».

ويقول عبدالرحمن أنس (محاسب) إن شرائح المجتمع تختلف في التفكير وأيضا في الفئات العمرية والميول تجذبه الصورة على عكس التحليل، فهو يبحث عن وسيلة تسلية يقضي من خلالها وقت فراغه أو يحاول نسيان مشكلاته من بطالة وخلافه وهنا تفتقد البرامج التحليلية متابعة هذه الفئة ثم أن أهمية البرنامج المقدم ومدى جاذبيته هي التي تفرض على البعض متابعته.

ويري جمال سالم، (صحافي) أن القنوات الفضائية تعد منتدى علميا متكاملا ومتنوعا يمكن من خلالها تزويد المشاهد بشتى المعارف والعلوم وتوسيع دائرة ثقافته من خلال البرامج التحليلية التي تعرض علي القنوات الفضائية فهذه البرامج تعد مكتبة ثقافية متنوعة وتعد هذه البرامج سمة تزين القنوات الفضائية فتنوع الحوارات والشخصيات في كافة المجالات السياسية والرياضية والاقتصادية وحتى الفنية التي تعرض علي الفضائيات لها عامل السحر في جذب المشاهد لمتابعة مثل هذا التحليل وعلى رغم ظهور بعض المذيعات بملابس لافتة للأنظار وجذابة إلا أن وجود شخصيات قوية تناقش موضوعا حيويا يكون الأكثر استحواذا على انتباه المشاهد وجلوسه أمام التلفاز لمتابعة أحداث مثل هذه الحوارات فالصورة أصبحت بلاقيمة بالمقارنة بالموضوعات التحليلية التي تناقش، وعلى رغم ظهور بعض البرامج الفضائية في صور إباحية عارية إلا أن هذا النوع من البرامج لا ينجذب إليه إلا قلة قليلة غير واعية وغير مثقفة.

أما عفاف عبدالمعز (بكالوريوس تجارة)»، فتقول: إن الصورة في البرامج الفضائية تعد أكثر جذبا بالنسبة لها ذلك ؛لأنني لا أملك الوقت الكافي الذي أستطيع خلاله متابعة هذه الحوارات المختلفة فهذه الصورة لا تعدو أن تكون مجرد تسلية في أوقات عملي بالمنزل ليس أكثر فعدم مشاهدتي للبرامج التحليلية قد يكون بسبب ضعف بعض هذه البرامج، أيضا أن هناك حوارات تحدث بها بعض المشاحنات بين الضيوف التي قد تسيئ للبرنامج واختلاف الآراء وتناقضها بين الضيوف قد يكون من أهم أسباب الابتعاد عن مشاهدة البرامج التحليلية.

العدد 1611 - الجمعة 02 فبراير 2007م الموافق 14 محرم 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً