العدد 1612 - السبت 03 فبراير 2007م الموافق 15 محرم 1428هـ

تحديات شواب 1/2

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في خطابه أمام منتدى دافوس حصر رئيس المنتدى كلاوس شواب التحديات التي تواجه العالم في مجموعة من دوائر أساسية هي:

1- الضرر البيئي من خلال المعاملة غير المستدامة للمحيط الجوي بسبب معدلات المتزايدة لتلوث الهواء، وندرة المياه، والتصحر، وتقلص الرقعة الحرجية. هذا الضرر البيئي - من وجهة نظر كلاوس - يصيب جميع البلدان، الصناعية وغير الصناعية على حد السواء، ناهيك عن التحديات والتوترات الاجتماعية الناتجة عن سرعة استنفاذ الموارد الطبيعية.التحديات الاقتصادية، فعلى رغم صلادة الاقتصاد العالمي المتوسع، فإن عدم الاستقرار الناجم عن خلل التوازن وفجوات الدخل بين البلدان وداخل كل منها هو في مرحلة توسع بدوره. إذ يرى كلاوس صعوبة الاستمرار في العمل بمبدأ «استهلك الآن، ادفع فيما بعد». ولا ينطبق هذا على المستهلك الأميركي فحسب بل على كل أولئك الذين يسعون إلى تجنب الإصلاحات اللازمة لإنقاذ البيئة وتكييف الأنظمة الاجتماعية والصحية والتعليمية.

2- العجز العالمي السياسي: فقد كشفت حوادث أخيرة، التي عمت العالم، التداعي الكبير للهياكل التي استخدمناها على مدى التاريخ لتدبير شئون العالم. المشكلات الاجتماعية: الناجمة عن سرعة التغير التي باتت تشكك في الاحتفاظ بعالم متوازن. ففي عالم غير متوازن اجتماعيا، يحذر شواب من مغبة تعمق الفجوة بين هؤلاء القادرين على استغلال العولمة لاسيما في مجال المعرفة والابتكار وبين أولئك الذين تخلفوا، على مستوى العالم والأمم والشركات والأفراد.

3- ضبابية المجال الثقافي: إذ يسود العالم كما يراه شواب حالة روحية تبحث الجذوره من أجل العودة إلى الهويات الثقافية والدينية. كما أن ثقافة «انترنيت»، والعالم المتوازن الجديد لا يتيح أفضل المجالات الممكنة لثقافة أو هوية عالمية. فالاتجاه يسود نحو الانفرادية والقبلية والمحلية المتجددة.

يرسم شواب من خلال هذه التحديات صورة متكاملة للتحديات التي تواجه وسوف تواجه العالم خلال الثلاثين سنة المقبلة على أقل تقدير. وأهمية هذا التشخيص صدروه عن شخصية مثل كلاوس شواب. فبالإضافة إلى كونه مؤسس منتدى دافوس العالمي في العام 1971 ورئيسه التنفيذي من ذلك التاريخ، قام «شواب» مع زوجته «هيلدي» بإنشاء مؤسسة «شواب» للريادة الاجتماعية كما قام في العام 2004 بإنشاء مؤسسة جديدة تحت اسم «منتدى القيادات العالمية الشابة» الذي يضم أعضاء من جميع أطياف المجتمع الذين أبدوا التزامهم بالتنمية الشاملة لتحقيق مستقبل واعد في العالم.

وعمل شواب أستاذا للإدارة العامة في جامعة جنيف بين العامين 1972 و2002 وحصل على 6 درجات دكتوراه فخرية. وهو مؤلف للكثير من الكتب و»تقرير التنافسية العالمي السنوي» منذ 1979 إلى جانب الكثير من المطبوعات. وتلقى في دافوس خلال يناير/ كانون الثاني الماضي لقب الفارس الفخري من «جاك سترو» بالنيابة عن الملكة إليزابيث الثانية تقديرا لخدماته القيمة لبريطانيا.

هذه المكانة والإنجازات تدفعنا إلى التوقف بعض الشيء أمام ما جاء في التحديات التي أشار إليها شواب. وعلى رغم أهمية التحديات الخمسة التي أشار إليها شواب، لكن منطق الأمور يشير إلى ان أخطرها وأكثرها تأثيرا هو التحدي الاقتصادي. والتحدي الاقتصادي يتمثل في مستويين: الأول أفقي عام، بمعنى الهياكل العامة للسياسات الاقتصادية والعلاقات النمطية التي تفرزها وتفرضها في بناء العلاقات الدولية الخارجية من جهة والوطنية الداخلية من جهة ثانية. والثاني عمودي متخصص، والمقصود به هنا عناصر بناء كل اقتصاد على حدة ومكونات ذلك الاقتصاد الأساسية.

وفي اعتقادنا يتعذر الحديث عن نموذج ناجح على المستوى الأفقي في غياب نموذج ناجح وفاعل على المستوى العمودي. لذلك نرى ضرورة قراءة ما جاء في خطاب كلاوس من الأسفل نخو الأعلى. أي لابد من بناء اقتصاديات محلية متينة وناجحة تنعكس في مراحل لاحقة على الأداء الأفقي للاقتصاد العالمي.

وأهم مشكلة تواجهها الاقتصاديات المحلية في هذه المرحلة، وقد يباغت البعض من بهذه الحقيقة، هي الجوع الذي ما يزال يكتسح العالم.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1612 - السبت 03 فبراير 2007م الموافق 15 محرم 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً