أدان الشيخ صلاح الجودر في خطبته في جامع طارق بن زياد في المحرق أمس الممارسات الصهيونية ضد المسجد الأقصى حاليا، سائلا «أين الاتفاقات والمعاهدات التي أبرمتها (إسرائيل) مع العرب، أم هي حبر على ورق؟، وأين دعاة السلام ورعاة عملية الاستسلام، وأين أبواقهم الإعلامية؟».
ومن جانبه، انتقد الشيخ عيسى أحمد قاسم في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس في جامع الإمام الصادق (ع) في منطقة الدراز، توجه بعض الجهات لإثارة النعرات الطائفية والمذهبية بين أبناء الوطن، وشق الصف، وتشتيت وحدة الكلمة.
واستفهم قاسم عن دواعي الربط الذي تعمل عليه بعض الجهات ومنذ عامين على الأقل، فتربط بصورة مفتعلة ومتعمدة بين هذه القضية وتلك القضية، وبين ما يمس هذه الساحة أو يمس تلك الساحة، وتخلط الأمور خلطا عجيبا، وتتعدى من أمر إلى أمر، وكل ذلك في حياكة محكمة تريد أن تتوصل من خلالها إلى أغراض سيئة خبيثة.
وقال: «نجد شيئا آخر، أي حدث سياسي كبيرا كان أو صغيرا ولو متعلقا بشخص واحد لا بد أن يحمل على الطائفية والمذهبية. قد يكون هناك حدث سياسي مطلبي، فتجد أن هناك إصرارا وإلحاحا على أن هذا الحدث ظاهره سياسي ،أما باطنه فطائفية ومذهبية. تحفيز دائم، إثارة دائمة، صب زيت لإشعال روح الفتنة بين أهل الدين الواحد، والوطن الواحد، واللحمة الواحدة، حالة استنفار دائم للتخندق المذهبي، والمقصود من هذا التخندق المذهبي هو غرض سياسي».
ورأى قاسم أن أي نزاع في الخارج فيه شمة طائفية يربط بحالة الخلاف السياسي الداخلي، وتحول القضية إلى قضية خلاف مذهبي طائفي في الداخل.
وأكد أن بعض الملفات السياسية أقدم من بعض الفتن في الساحة الإسلامية، وعندما يتحدث المرء عن ملف سياسي يصوّر حديثه على أنه قائم على التنسيق مع الخارج ولبنان والعراق.
ودعا قاسم إلى الابتعاد عن حال التصادم والاحتراب، مطالبا العلماء والمثقفين أن يقولوا للناس كلمة تحميهم من الوقوع في فخ التأسيس لعداوات مذهبية طائفية متأصلة في هذا الوطن العزيز.
وأضاف قائلا: «أقول إنه ليجب على هذا الشعب الكريم أن يتمسك بما هو من شعائر الإسلام والإيمان، بعيدا عن حالات الاستعراض والاستفزاز والتحدي، وهذا أمر مفصول عن حساسية السياسة، ولا يمكن لنا أن نراعي حساسية السياسة والملابسات السياسية التي تجيء وتذهب وتهدئ وتثورعلى حساب دين الله والحكم الشرعي».
واستطرد «الوضع الأمني تقومه أمور وتحطمه أمور، من مكوناته العدل، والثقة المتبادلة، والحوار الجاد، والنظرة الموضوعية البعيدة، وعدم تحكم الانفعال في القرار، ومن محطماته الظلم، والتصور الخاطئ لطرف أو أكثر مما يهدم الثقة، وعدم التفكير في العواقب البعيدة، والغرور بالقوة، والمبادرة إلى استعمال القوة، العنف والإفراط في استعماله واللغة الطائشة والمتشنجة، بالإضافة لتضييق الحريات وارتجالية المواقف».
وأفاد قاسم بأن هذه الأمور ليست مصنفة على هذا الطرف أو ذاك الطرف بخصوصه، فقد يحدث الخطأ هنا وقد يحدث هناك، إلا أن هذا الطرح يجعل الوضع الأمني من مسئولية الجميع، والنظرة المنصفة لا يسعها إلا أن تحمل الحكومات عموما المسئولية أولا، لأن أول ما يقلق المجتمعات هو السياسات المجافية للعدل والمستضعفة للناس والمصادمة لضرورات حياتهم والمناهضة لمقدساتهم وكرامتهم، مشيرا إلى أن هذا لا يعني أن المصلحة الوطنية تحققها على كل الوسائل والكلمات عند المعارضة بعيدا عن كل الموازين والضوابط الشرعية والعملية.
وأعرب عن اعتقاده بأن لا حل في النظر الموضوعي لأزمة المشكلات وحالات التدهور المخيف، إلا من خلال عملية حوار جادٍ هادف مخلص يسلك بالجميع إلى نتيجة التوافق الشامل على مجمل الوضع.
الجودر: ما يجري في القدس جريمة نكراء
وفي جامع طارق بن زياد بالمحرق، قال الشيخ صلاح الجودر: «تعود قضية فلسطين مرة أخرى إلى واجهة الأحداث، إنها القضية الأولى والجرح الدامي، فقبل أيام بدء المخطط الصهيوني الجديد لإزالة التلة الترابية من جهة باب المغاربة، واستبدال الممر القديم بجسر معلق، واستمرار عملية الحفر تحت المسجد الأقصى، وهذا هو الاعتداء الجديد على المسجد الأقصى وآثار مدينة القدس».
وسأل الجودر «بمثل هذه الجرائم والأفعال تتعامل (إسرائيل) مع العرب والمسلمين، فأين الاتفاقات والمعاهدات التي أبرمتها أم هي حبر على ورق؟ وأين دعاة السلام ورعاة عملية الاستسلام؟ وأين أبواقهم الإعلامية؟»، واصفا ما يجري بالجريمة النكراء في سجل الجرائم الصهيونية، مؤكدا أن المسلمين لم ينسوا مذبحة ديرِ ياسين، ومذبحة غزةِ، ومجزرة كفر قاسم، ومجزرة رفح، ومذبحة تل الزعتر، ومذبحة صبرا وشاتيلا، ومذبحة قانا، ومجزرة المسجدِ الإبراهيمي بالخليل، والاعتداء على منبر صلاح الدين الأيوبي، وإحراق المسجد الأقصى، معتقدا أن المخطط الإسرائيلي لهدم المسجد الأقصى ما هو إلا حلقة في سلسلةٍ طويلةٍ من أحقاد اليهود ومؤامراتهم الدنيئة.
ونوه خطيب جامع طارق بن زياد إلى أن «إسرائيل» لم تكن لتتجرأ وتتمادى بأفعالها المشينة على المسجد الأقصى، لولا علمها بالعجز العربي الذي كبلته اتفاقات كامب ديفيد ومدريد وأوسلو ووادي عربة، ولولا علمها بالعجز العربي الذي لم يستطع حتى اليوم من حقن الدماء العراقية، كما أنها لم تتماد على أمة تفوق المليار نسمة، لولا علمها بانقسام الصف الإسلامي، وما كانت لتتمادى وتتجرأ لولا انشغال إخوة النضال في فلسطين (فتح وحماس) بالصراع الداخلي.
توفيق: وسائل الإفساد كثيرة
وفي خطبته في جامع سار، قال الشيخ جمعة توفيق: «إن مفهوم التوحيد في العقيدة والدين الإسلامي مفهوم شامل وواسع ومتكامل، فالتوحيد كما يكون في العقيدة، فإنه يكون في جميع جوانب الحياة التي تعيشها الإنسان، ولا يخفى على أحد ما للوحدة من أهمية لوحدة الصف وتحقيق الأهداف والنصر على الأعداء، وكم تكلم المتكلمون عن وحدة الجهود والصف ونبذ الخلاف، وهذا كله من أجل أن يصلوا إلى هدف واحد وغاية واحدة، ولكن الأمة لما اختلفت وتنازعت وتشتت فكرها، وتغايرت أهدافها، تفرق أتباعها، وضعفت قوتهم، وتسلط عليهم عدوهم».
وفي موضوع آخر، قال توفيق: «إن وسائل الإفساد كثيرة ومسببات الخلاف والفرقة عديدة، فعلى مستوى الدولة الواحدة، فمن جاء ليفسد صوف دولة، ويريد إفساد الناس على حاكمهم ويفقرهم فحكمه في الإسلام القتل، ومن سبر التاريخ وجد بأن الدماء سالت لما خرج الناس على الحكام وأزهقت الأنفس وحل الدمار، والسبب الطمع في تغيير حاكم أو تغيير نظام لهوى في النفس أو فكر منحرف، فكان حكم هذا المفرق القتل، لعظم جرمه، وسوء صنيعه. ولعل الدائرة تتسع عندما يحصل نزاع بين فئتين من المؤمنين، وكم يسعد المسلم عندما يرى الإصلاح والألفة تدب في عروق فتح وحماس من جديد في اللحظة التي بدت بينهما العداوة والبغضاء، وفي لحظة يعمل اليهود على تدمير المسجد الأقصى بالجرافات الآلات».
وبين توفيق أن «من وسائل الإفساد بين الناس والتي حرمها الله تعالى النميمة بين الناس وهو نقل الكلام على جهة الإفساد، وغالبا عندما تذكر النميمة يذكر المشي لحاجة النمام إلى السعي بين الناس للإفساد بينهم، والنميمة جريمة في حق أفراد المجتمع الواحد والجماعة الواحدة، فكم فصل موظفون بسبب النميمة؟ وكم تباعد وتباغض الأخلاء بسبب النميمة؟».
سلمان: البحرين بحاجة إلى حوار هادف
وفي خطبته بجامع الإمام الصادق في القفول، قال الشيخ علي سلمان: «إن حالة القلق والإضراب وعدم الاستقرار هذه التوصيفات منطبقة على وطننا العربي وبعض مناطق وطننا الإسلامي، فتجد في المغرب العربي وهو نسبيا من أفضل البلدان في درجة الاستقرار، وعند الخروج من المغرب لتمر بعدد من البلدان من ضمنها تونس والجزائر وليبيا وصولا إلى مصر لتجد حالة من استمرار التشنج والتدافع بين السلطة وقوى المجتمع ومرحلة اعتقالات متقدمة إلى صفوف تيار أساسي في المجتمع المصري وهو تيار الإخوان المسلمين، فنخرج إلى بلادنا الإسلامية في المشرق فنجد أن حالها ليس أفضل من حال المغرب إن لم يكن أسوء، فاضطراب وأزمة عميقة في العراق وأزمة في لبنان وأزمة في أفغانستان وأزمات تحت الستار في بقية بلداننا تقريبا جميعا. هذا هو الحال الذي تعيشه الأمة ويبدو أنه لا أفق لحد الآن إلى الخروج من هذه الحالة المستمرة منذ عقود بل منذ قرون ومظاهرها تختلف بين حين وآخر».
وأضاف «نجد أن مظاهر الاصطدام بين المجتمع والسلطة هي الظاهرة الأبرز في هذا العقد الماضي وحتى العقد المقبل، لا نقول إن هناك تحولات تصل إلى مرحلة الاستقرار ولكن بالملاحظة والمراقبة وبتلمس أسباب الأزمات وأسباب هذا الاضطراب نعتقد أن المجتمعات العربية مازالت ولأسباب كثيرة سياسية واقتصادية وثقافية ودينية وتدخلات سلبية من القوى الكبرى وغيرها من العناصر نعتقد أن هذا العالم مازال مرشحا بأن يحتل صدارة أنباء الأزمات وأنباء القتل وأنباء الاضطراب وأنباء الخسائر وأنباء الضحايا، مازال سيتصدر مع شديد الأسف عالمنا العربي والإسلامي الصفحات الأولى والنشرات الإخبارية الرئيسية».
ورأى أن «البحرين ضمن هذا العالم ومازالت تعاني مما يعاني منه ومازالت تعيش في المرحلة نفسها، المرحلة التي لم تصل إلى مرحلة الاستقرار الثابت الحقيقي المتجذر الذي يستطيع بهذه المواصفات الاستقرار والثبوت والتجذر المتوافق عليها والمصنوعة بإرادة مشتركة يستطيع أن يواجه أي تغيرات وأي تقلبات وأي تحديات كما صنع العقلاء في بلدانهم في عديد من الدول الغربية وفي بعض الدول الإسلامية التي وضعت نفسها على طريق الاستقرار الحقيقي».
وأكد سلمان الحاجة إلى «حوار هادف وهادئ ليس حوار إعلانات صحافية، بل يكون حوارا هادئا يأخذ فيه الفكر رحابة الحركة ويتلمس فيه البرنامج والحل والطريق المناسب، هادف يريد أن يصل إلى حلول حقيقية وليس حلولا تغلبية وليس إلى البحث عن حل يقدمني عليك ولا تبحث عن حل يقدمك عليّ فلا أبحث عن حل يعطيني الميزات على حسابك ولا تبحث عن حل يعطيك الميزات على حسابي، حوار العقل وليس حوار الانفعال وحوار العاطفة، الحوار الذي ينتج رؤية وينتج برنامجا وينتج توافقا».
العدد 1618 - الجمعة 09 فبراير 2007م الموافق 21 محرم 1428هـ