بصمت بدأت الدموع تنحدر من أعينهن، مراقبات ما كان يجري على خشبة مسرح صالة شهرزاد في الشاخورة مساء الأمس، انحدرت الدموع متناغمة في إيقاع فريد مع سحر الكلمة، واللحن، والصوت، والأداء، في أمسية لا تنسى كانت مناسبتها تأبين سماحة العلامة الشيخ عبدالأمير الجمري. لم تكن الحاضرات في تلك الأمسية واللاتي غصت بهن الصالة بقادرات على التحكم في تلك الدموع التي صارت ملكا لما يجري فوق المسرح، تزداد غزارة فقرة بعد أخرى.
ولعل اللجنة الأهلية النسائية لتخليد ذكرى الشيخ الجمري بكل المجهودات التي قامت بها لإقامة هذا الحفل التأبيني، قصدت من فقرات حفلها ذاك أن تملك مشاعر الحاضرات تماما، بأداء كان من الواضح فيه لمسات شابة مليئة بروح التجديد وقفت خلفه عضوات اللجنة، والمشاركات في الفقرات التي تم أداؤها من فتيات وصبايا.
بدأ الحفل بكلمة مؤثرة ألقتها رئيسة الحفل انتصار يوسف رضي، معتبرة كل ما سيقدم فيه، هدية للشيخ الراحل، غير أن حديث ابنة الشيخ منصورة عبدالأمير كان أكثر تأثيرا، قالت عن الشيخ وقد غلبتها دموعها مرات «كان أبا جميلا، حنونا علينا جدا، طالما تساءلت لماذا أحب الناس والدي كل هذا الحب؟ هل أحبوه من باب التعلق بأمل ما، لكنني اكتشفت أنهم أحبوه إلى ما بعد الأمل، ذلك الحب الذي يظهر في عيون الجميع، ذلك الحب الذي دفعهم أن يسيروا جميعا في جنازته، ويسعون جميعا لرمي التراب عليه، حتى أن المعاول لم تستخدم في دفنه».
تنوعت الفقرات في ذلك الحفل التأبيني بإبداعات جميلة قامت بها فتيات شابات من فرق فنية مثلت كل منها منطقة في البحرين، فمن أنشودة هالة العرفان لفرقة الطلائع في السنابس، إلى الطفلة المبدعة وجدان التي ألقت قصيدة الشاعرة زهراء المتغوي «ذوبان» باقتدار، إلى أنشودة ترانيم الرحيل لفرقة أنوار الميامين من توبلي، إلى أنشودة «تحيات الوفاء» لفرقة فدك الزهراء من المحرق، إلى أنشودة «سكتة حداد» لفرقة الزينبيات من رأس الرمان. أما ما أضاف إلى البرنامج تنوعه الفريد أيضا فكان مشاركة اللجنة الأهلية للصم في الحفل، بقصيدة ألقتها درة عبدالله «بيديها».
بين كل تلك الفقرات الفنية التي ترددت الأصداء فيها بـ «لن ننساك يا جمري»، لم تكتفِ الجهات المشاركة بفقراتها، إذ قدمت كل منها هدية تذكارية لعائلة الشيخ الجمري «وفاء وعرفانا». أولها كان درع الوفاء الذي قدمته ممثلة الصناديق الخيرية، ولوحة للشيخ «بالرسم» قدمتها لجنة الصم. فيما كانت الهدية الأكثر ابتكارا مقدمة من فرقة الزينبيات وهي عبارة عن قدم مربع في أرض مأتمهن في رأس الرمان كوقف «يشهد له عند الله تعالى» كما قالت ممثلة الفرقة.
رمزية جميلة تلك التي حملها ذلك الحفل التأبيني بتناغم فقراته وتنوعها ذاك، يشهد على قدرة عالية على الإبداع، مثلما يشهد على مشاعر ملتهبة بحب الشيخ الراحل والوفاء له.
العدد 1618 - الجمعة 09 فبراير 2007م الموافق 21 محرم 1428هـ