العدد 1632 - الجمعة 23 فبراير 2007م الموافق 05 صفر 1428هـ

قاسم: لسنا مع العنف والعدوانية والتصعيد من أيِّ طرف

الحلول سياسية لا أمنية ...ولا نرضى بحرق الإطارات وتعطيل حركة المرور

سيطرت التطورات السياسية على الساحة المحلية على مجمل خطبة الشيخ عيسى قاسم يوم أمس في جامع الإمام الصادق (ع) في الدارز، وخصوصا بعد الحوادث التي شهدها الشارع وما رافقها من صدور بيان من وزارة الداخلية تحدث عن وجود معسكر تدريبي في منطقة بني جمرة يستهدف تدريب بعض الشباب على الأعمال التخريبية واستخدام المولوتوف ضد قوات الأمن، ووجه قاسم في خطبته رسائل سياسية إلى مختلف الأطراف المعنية بضرورة وقف التصعيد الأمني.

ورأى قاسم أن «دولة مستقرة ومتقدمة لا يجب لها أن تقوم على التهويل والتضخيم الإعلامي، وعلى جيش من الصحافيين والإعلاميين والنيابيين المتحركين على مسار الإعلام الدعائي، المستعدين لئن يقولوا كل شيء (...)»، ولفت إلى أن هذا الأسلوب من شأنه أن يضر أكثر مما ينفع، وإذا كان ينفع في أوساط شعب مغفّل فإن شعبنا هنا قد بدأ يقظته مع أول صحوة إسلامية، وهذه اليقظة إلى اتساع وليست إلى تراجع، على حد قوله.

وخاطب قاسم جميع المعنيين في الشارع والدولة «لسنا مع رغبة التصعيد الأمني، ولا مع حالات الاستفزاز من أيِّ طرف، لسنا مع العنف والعدوانية والتطرف من أيِّ طرف، وفي الوقت نفسه نُصرُّ على حق التعبير السلمي عن الرأي والمطالبة الشرعية، والشرعية قبل كلِّ شيء، والدستورية من بعد ذلك بالحقوق الثابتة. ونحن نقف ضد قوانين التكتيم والتكبيل والتدجين القسري».

وتطرق قاسم للحديث عن بيان وزارة الداخلية بشأن المعسكر التدريبي، وقال: «نعرف أن وزارة الداخلية قد تحدثت عن معسكر تدريب إرهابي واقعٍ تحت نظر كلِّ عابر في قرية تطل عليه، حيث يقع في منخفض مكشوف بجوارها، والمعسكر مزرعة صغيرة، والسلاح الذي يثبت كونه معسكرا تدريبيا إرهابيا خطيرا هو صندوق ورق أو خشب فيه زجاجات فارغة وُضعت بعناية - كما يهتم الخبر بهذا الوصف - وربما هي على حدّ العناية التي توضع فيها الزجاجات البيبسي في صناديقها الجاهزة للتوزيع»، مردفا «ووُضِع الخبر في الصحافة الموضوعية النزيهة جدا في السياق الذي يجعله يعلن حالة الإنذار، ويثير الرعب والذعر، ويدق طبول الحرب، ويُقدِّمه نصرا كبيرا على طريق اكتشاف التآمر الداخلي والخارجي، والإعداد لحرب لا هوادة فيها على النظام، ومن جهة أخرى قُوبِل الخبر وتصويراته بالاستهجان والسخرية والتبكيت والتنكيت؛ لأنه لا يمتلك من مقومات الصدق أي درجة من الدرجات، وبحسب مطروحه الذاتي، فضلا عما أُحيط به من عناصر التضخيم والتهويل المفزعة».

وحمل قاسم بشدة على مطالبات أحد النواب بتقطيع أرجل وأيدي المتهمين من خلاف، مؤكدا أن «الكل يعرف أن المشكلة في الأصل سياسية لا أمنية، والحل في الأصل سياسيٌّ لا أمنيٌّ، والمشكلة السياسية ليست معقّدة، والمطالب ليست تعجيزية (...)، على أنّ مأساة الحقوق قد تعمّقت بعد شعار الإصلاح، وجاءت طامّة التقرير المثير للرأي العام، وهو يتحدث عن أخطر مؤامرة، وأسوأ مؤامرة، ويؤسِّس لفوضى شاملة، ودمار واسع»، مؤكدا أن «الحلُّ سيبقى سياسيا قبل كلّ شيء، ولا يُغني عنه شيء، ولو امتلئت السجون بالنّاس، ووقوع حدثٍ أمني هنا، وافتعال حدث أمنيٍّ هناك، والتوتر والهدوء اللذان يمكن أن يتناوبا على الوضع الأمني كلُّ ذلك لا يمكن أن يُنسي أو يُقلِّل أو يُهمِش أو يصرف عن أهمية المطالب السياسية الأم التي يجب التمسك بها دائما. وحلُّها يعني الحلَّ لكثير من متاعب الساحة وأزماتها، ويمد جسور الثقة ويُمتّنها(...)».

وجدد قاسم رفضه لاستخدام العنف من أي طرف كان، وقال: «لسنا مع حرق إطارات السيارات أو قمامة هنا أو هناك، ولسنا مع خروج فئات من أبنائنا الشّباب في هذا الشارع أو في ذلك الشارع لتعطيل عملية المرور، وخلق اختناقات مرورية، لسنا مع ذلك ولا نرضى به، ونطالب الشباب بالتوقف عنه»، مضيفا «ونحن قبل ذلك مألومون، ومستنكِرون، ومحتجّون، ومناهضون لتجميد المسألة الدستورية، وتهميش دور النيابيين، وتعطيل كلّ الملفات الساخنة، وأنكر ما ننكر السكوتَ المخزي والمريب على التقرير المثير للجدل»، مردفا «وحينما نُنكر حرق قمامة، أو عجلة سيارة، أو تعطيل حركة مرورية لا نريد بذلك أن نُعطّل فريضة فرضها الله عز وجل قبل أن تكون حقا دستوريا (...) وقبل أن تُمارَس تحت أي عنوان كعنوان المعارضة أو غيرها»، مؤكدا أنه «إذا كان يسع أحد أن يتوانى عن مسألة الحقوق والمطالبة بها فإن من يفهم الدين ويتمسك به لا يسعه أن يسكت على ذلك ؛لأن منطلقه ديني إلهي ملزم»، موضحا «وإنما نُريد التعقّل والانضباط، والمحاسبة الدقيقة للمصالح والمفاسد، ونُريد أن يكون التحرُّك تحت التوجيه المأمون الديني المكشوف، وأن نقطعَ الطريق على عمليات الاندساس في الصف الشبابي والتي قد تستدرجهم إلى ما لا يريدون. نُريد لمسألة الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والمطالبة بالحقوق أن تتّخذ مسارا عقلانيا حكيما خاضعا للحكم الشرعي».

ونوه قاسم إلى أن «هناك لغة من الحكومة تحث النيابيين للقول للعلماء: أوقفوهم قبل أن تطالبونا بإطلاق سراحهم(...)، نقول للحكومة: هؤلاء الشباب لم نُحرِّكهم، ولا نرضى بهذا اللون من حركتهم (...)»، مضيفا «نحن لم نحرّكهم ولا نرضى بهذا اللون من حركتهم، ولكن لم يتحركوا تلقائيا، وإنما حركهم السكوت على الملفات الساخنة، وإدارة الحكومة وجهها عن لغة الحوار، عن المطالبة الهادئة، حرّكهم مثل التقرير المثير للرأي العام، حرّكهم مثل التجنيس المفتوح، حرّكتهم مظالم كثيرة»، مردفا «حرّكتهم هذه اللغة الملتهبة التي يمارسها نواب كبار لتقول قطّعوا أرجلهم وأيديهم من خلاف وصلّبوهم تصليبا(...)»، متسائلا «ما هو البديل يا حكومة؟ هذه الممارسة مرفوضة عندنا، وبكل تأكيد، ونحن ننهى عنها علنا صادقين».

وخاطب قاسم الناس بقوله: «من رأى أنني ناصح، تستحق كلمتي أن تُسمع فأنا أنهى عن مثل هذه الممارسات لكن وأنا أنهى عن مثل هذه الممارسات لا أريد أن أُدجّن الشعب، لا أريد أن أُفحمَ كلمة الحق عند الشعب، لا أريد أن أُجبِّن الناس، لا أريد أن أقول اقبلوا الذل، واقبلوا السكوت على كل الظلم»، متسائلا «ما هو البديل يا حكومة؟ غيّري سياسة التجنيس، اكشفي أوراق التقرير، اسمعي لكلمة التعديلات الدستورية، حينئذ ستكون الساحة هادئة، وسنقف بكل صراحة وبكل قوة ضد أي حركة يحرّكها أي واحد في هذه الساحة. لغة الصلب والقطع من خلاف هي هذه اللغة المهدئة؟! وهذه هي التي يقف معها علماء الدين على المستضعفين؟! نحن نساعد من يقول قطّعوا؟!! على كل حال(...)»، مؤكدا أن «المسئولية مشتركة، ومسئولية الحكومة هي الأولى، وهي الأكبر، وأنا متأكد من أن بداية جدّية للإصلاحات الحقيقية ستُحسِّن الوضع وستقشع كل هذه السحب القاتمة عن سماء البحرين».

مطالبا بإيقاف تأجيج الوضع الداخلي

الجودر: بلادنا تتأثر بما يأتيها من دول الجوار من ثقافات إرهابية وتكفيرية

أكد خطيب الجمعة في جامع طارق بن زياد بالمحرق الشيخ صلاح الجودر أن «بلادنا من الدول التي إن اختل فيها الأمن تأثرت دول المنطقة، وهي كذلك تتأثر لما يأتيها من دول الجوار من ثقافات إرهابية وتكفيرية وطائفية، وهي تلقي بظلالها على الوطن وأبنائه».

وأردف «إننا لا نعترض على مفهوم المسيرات والاعتصامات بذاتها فهذه حقوق كفلها الدستور والمواثيق الدولية لكن حينما تتضرر مصالح الناس وتتوقف حياتهم اليومية فهنا يكون اعتراضنا واستنكارنا، فهناك المريض الذي يريد العلاج، والسائح الذي يسعى إلى العودة إلى دياره، والمرأة التي تبحث عن أبنائها، فإن تلك الممارسات بجميع أصنافها من الأمور التي لا يقبلها عقل ومنطق، وتعتبر خروجا على الحق الشرعي في ممارسة حرية التعبير بالوسائل السلمية».

ونوه الجودر إلى أن «المواطن البحريني ينشد الأمن والاستقرار والعيش الكريم ويأمل أن تعالج قضايا السكن والعمل وارتفاع الأسعار من خلال القانون ومؤسساته التشريعية»، مطالبا بإيقاف ممارسة تأجيج الوضع الداخلي الذي سيدفعنا إلى عدم الاستقرار، فلا الفوضى أجدت نفعا ولا التخريب والترويع أعطى حلا ولا إغلاق الشوارع وحرق الإطارات أوصل إلى نتيجة»، مؤكدا أن « التصعيد والمواجهات لن تكون الحل لمشكلاتنا الاجتماعية، إن مشكلاتنا نحلها ضمن التوافق والحوار والنقاش الهادئ، هناك مؤسسات دستورية وهناك برلمانيون وشوريون، وهذا ما توافقنا عليه قبل 6 أعوام».

وأضاف الجودر «إن مسؤولية الأمن هي مسئولية مجتمعية وليست مسئولية وزارة الداخلية وأفرادها، وإنما هي مسئولية كل مواطن يخاف على وطنه»، مشيرا إلى أن الجميع في مركب واحد، فإذا قام فرد بخرق هذا المركب غرق وأغرق من معه، لذلك فإن الهروب من المسئولية سيقود البلاد إلى الانفلات الأمني والفوضى الاجتماعية التي لا تحمد عقباها».

وأشار إلى «إننا اليوم بحاجة ماسة إلى وقفة جادة من علماء الأمة ومفكريها وساستها للنظر في مفهوم العنف والترويع، فما تتعرض له البلاد هذه الأيام ليس بخافٍ على أحد»، مؤكدا أن «المخاطر المحيطة بالوطن كثيرة، وأن الإحساس بالمسئولية يستوجب من كل مواطن صادق مخلص التصدي لكل تصرف يدفع إلى تأزيم الوضع وإرجاعنا إلى المربع الأول، فاختلال الأمن يستهدف الجميع ولا يستثني أحدا، ويهدد بنتائجه وآثاره الجميع».

ودعا «الجميع إلى معالجة القضايا بالطرق السلمية المشروعة ووقف الممارسات العنيفة من أية جهة كانت والابتعاد عن التصعيد والمجابهة».

الغريفي: ندين جميع أشكال العنف في التصدي والمواجهة

أدان عالم الدين البارز السيد عبدالله الغريفي في حديث له مساء أمس الأول (الخميس) بجامع الإمام الصادق بالقفول جميع أشكال العنف، موجها إدانته لأي شكل من أشكال العنف في التصدي والمواجهة.

واضاف الغريفي اننا نؤكد ومازلنا أن هناك أزمات واحتقانات في هذا البلد يجب أن تعالج حتى لا تتوافر المناخات الملائمة للانفلات والتطرف والعنف»، وبين «اننا ضد أيّ عمل يخلق أجواء متوترة، أو يساهم في إثارة الرعب في نفوس الناس»، مضيفا «لذلك أبدينا قلقنا وانزعاجنا من بعض البيانات الصادرة عن وزارة الداخلية والتي تتحدث عن اكتشاف مخطط يهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار، وعن وجود مراكز للتدريب على أعمال الإرهاب والشغب، ما يوحي للرأي العام بأن هناك مشروعا سريا خطيرا يتحرك لإرباك الأوضاع في هذا البلد».

واردف الغريفي «وما يؤسف له أن الأقلام المشحونة بهاجس الظن السيئ، تعالت صيحاتها تندّد بالمؤامرة الكبيرة التي استطاعت أجهزة الأمن أن تكتشفها(...)»، مؤكدا أن «هذه التهويلات الموهومة وهذه الضجات المفتعلة، تعمل على خلق الرعب في نفوس المواطنين، وتعمل على تعبئة الأجواء بالتوتر، وتدفع في اتجاه الكراهية»، وقال «نتمنى بكل إخلاص في هذا الوطن ألا نسمع خطابات التخوين، وبيانات المؤامرات، إذا أردنا أن نعززّ روح الثقة، وروح المحبة، وروح التعاون». وأكد الغريفي عدم الرغبة في أن «تعود الأجواء إلى الذكريات البغيضة أيام أمن الدولة، مشددا على رفض تلك الانفلاتات التي تمارس التخريب هنا أو هناك ما يخلق إرباكا وتوترا» وبين «إلا أن هذا لا يبرر أبدا أن تفبرك مسرحيات موهومة لها مردوداتها الخطيرة جدا على أمن هذا البلد واستقراره(...)».

توفيق: الميت لا تنقطع حياته مادام هناك من يبره

تناول خطيب الجمعة في جامع سار الكبير الشيخ جمعة توفيق موضوع حقوق الميت على أهله، وأوضح أن «الميت لا تنقطع حياته بموته مادام هناك من الناس من يبره ويقوم بما كان يقوم به من صلة وغيرها، ولذلك فمن حقوق الميت البر بأصحابه وأقربائه»، معتبرا أن «من المسائل المهمة في حقوق الأموات أن نصلهم بالعمل الجاري، وذلك بوقف أو صدقة جارية أو بأي أمر فيه نفع للناس وبركة بحيث يكون أجره للميت».

وأشار إلى أن «الحديث اليوم هو لفتة إلى أمر تغافل عنه بعض الناس، ولا أكون مبالغا إذا قلت: «بل أكثر الناس تجاهلوه، إما لجهل أو لعلم أو تكاسل»، مضيفا «إن الأمر هو عن حق فرد منا، هذا الفرد كان بين أهله، وأصحابه، وأقرانه، ولكنه وسّد التراب، الحديث عن حق هذا الإنسان الذي مات، ولا أقصد أحدا بعينه ولكن المسلم إذا مات تناسى الناس حقوقه، ولسائل أن يقول: وهل للميت حقوق وآداب؟ والجواب: نعم».

وأردف أن «الميت منا يحتاج إلى أمور كثيرة من الأحياء، فلا يمكن أن يموت ويوسد في قبره، وينساه الناس وكأنه لم يكن يوما بينهم، ويا للعجب لما يسمع مما يحدث في بعض الجنائز، وإليكم منها: الميت يغسل ولا نرى أكثر أبنائه، وإنما صهره وأخوه وأما البقية فيبحثون في أغراضه عن المال خشية أن تأخذ زوجته الأجنبية شيئا»، معطيا مثلا بآخر «لا يحضر جنازته إلا العدد القليل ولما صلينا عليه لم نجد من يكمل الصف الأول، ولما سألنا، قيل إنه أحد الأثرياء وأولاده وأحفاده كثر».

وقال إن «الميت يحتاج منا إلى أشياء لابد من تحقيقها، وهي من حقوقه ومن الأدب معه بعد موته، وأول هذه الحقوق دفنه والصلاة عليه، وهي من أعظم الحقوق التي تجب له على المسلمين»، منوها إلى أن «ذلك حق معلوم حتى عند الديانات الأخرى فإكرام الميت دفنه، ولا يجوز تأخير الدفن إلا لمصلحة راجحة ومنفعة كبرى، وثاني الحقوق الدعاء له، ويكون ذلك في موضعين: الأول عند الانتهاء من الدفن، وذلك عندما يأتيه الملكان»، والثاني الدعاء له متابعا أن «من حقوق الميت التي تركها الناس وخصوصا أهله وأولاده، النظر في دينه وهل عليه دين؟ وذلك أن الميت يحبس عنه النعيم بسبب دينه».

العدد 1632 - الجمعة 23 فبراير 2007م الموافق 05 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً