العدد 1632 - الجمعة 23 فبراير 2007م الموافق 05 صفر 1428هـ

تقرير «الشفافية»... إيجابياته وقصوره (1)

عبدالله جناحي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

صدر تقرير الانتخابات النيابية والبلدية للعام 2006 من قِبل لجنة مشتركة لمراقبة الانتخابات مكونة من ممثلين عن الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، والجمعية البحرينية للشفافية.

أثار التقرير جملة من ردود الفعل الإيجابية والسلبية، وذلك بحسب مصلحة الأطراف ورؤيتها نزاهة الإجراءات في الانتخابات النيابية. وقف البعض صامتا غير معلق على هذا التقرير؛ إما لأن نتائجه تمس الوتر الحساس وصحة ما ورد في التقرير؛ وإما لأنه لا تهمه إثارة قضايا لا علاقة بدوائره المحصنة طائفيا، وإما استصغارا وغير مبالاة بدور الرقابة الشعبية على الانتخابات باعتبارها دورا هامشيا في نظره، إذ لا تُتخذ نتائجها وتوصياتها محمل الجد.

وكشفت الصحافة - بحسب موالاتها وانتماءاتها - عن حقيقة عملها الصحافي، إذ برزت عناوين لتأكيد مواقف تياراتها وهي العالمة أن كثرة من المواطنين يتأثرون بالعنوان من دون بذل جهد لقراءة مضمون التقرير الأصلي، فترى تلك العناوين التي تؤكد صحة ونزاهة الانتخابات وعناوين أخرى تشك في ذلك ولو بخجل.

بدورها، مارست جمعيتا «الشفافية» و «حقوق الإنسان» أقصى درجات الحيادية وتطبيق المعايير الدولية للشفافية سواءٌ كان تجاه أعضائها، المنتمين إلى الجمعيات السياسية الذين تم إبعادهم بقرار جماعي عن أي دور لهم في الرقابة أو الإشراف على اللجان والفرق المتطوعة للرقابة، أو تم تجميد من قرر الترشح منهم للانتخابات النيابية مثل: فوزية زينل وجاسم حسين عضوي مجلس إدارة «الشفافية»، كما حددت اللجنة المشتركة بين الجمعيتين الأعضاء المسئولين عن إعداد التقرير النهائي الذي صدر مع عدم مشاركة أي عضو إداري منتمٍ إلى جمعية سياسية حتى إبداء الرأي والملاحظات، وأن حاله هي حال أي مواطن الذي سيطلع على التقرير بعد صدوره، وكان لرئيس جمعية «الشفافية» جاسم العجمي، الدور الرئيسي في ضبط هذه المعايير وتطبيقها بصرامة مهنية لا مجاملات فيها.

إيجابيات التقرير وإداناته نزاهة الانتخابات

إضافة إلى الإيجابيات المتقدم ذكرها، لابد من الإشارة والإشادة بالتميز الكبير لجهود الجمعيتين في تنظيم عمليات وآليات الرقابة بأداء مهني راقٍ وتدريب وتأهيل مسبقين للمتطوعين وحسن اختيارهم؛ ما كشف ريادتيهما ومهنيتيهما قياسا على الكثير من الجمعيات الحقوقية والأهلية التي أقحمت في هذه العملية وكشفت الأيام عن ضعفها وعدم تخصصها في هذا الحقل، وفُضحت الأهداف غير المعلنة عن هذا الإقحام في الرقابة الشعبية من قِبل جمعيات حكومية الصنع والدعم والإرادة تقول عن نفسها إنها منظمات غير حكومية!

كشف التقرير عن جملة من الحقائق الفاضحة والتفاصيل المهمة التي تؤكد مدى الإرباك في سير عمليات وآليات الانتخابات، إضافة إلى الخروقات والتجاوزات التي بعضها خطير وتقترب ليس فقط من التشكيك في نزاهة الانتخابات وإنما عدم شرعيتها.

أورد التقرير التجاوزات والخروقات الآتية:

- عدم التمكن من التأكد من هويات المقترعين، بالإضافة إلى خلو جداول الناخبين المسلّمة إلى المترشحين من عناوين الناخبين، وهو أمر يمس أحد أهم مبادئ النزاهة؛ إذ إن غياب هوية المقترعين يعزز التشكيك في احتمال وجود كتلة انتخابية غير معروفة.

- تباين واضح في طرق إعلان النتائج بين مراكز الاقتراع ومراكز العامة؛ ما يؤكد صحة الشكوك في الدور المسكوت عنه للمراكز العامة، ويفرض أهمية إعادة النظر في مشروعية وجودها، فضلا عن ضرورة إعادة النظر في القوانين ذات العلاقة بالانتخابات بما يحقق الوضوح والإلزام والالتزام من قِبل اللجنة العليا للانتخابات ورؤساء اللجان بمعايير وإجراءات واضحة بعيدا عن اجتهادات فردية.

- وضّح التقرير وجود توجيهات للمنتسبين إلى السلكين العسكري والأمني بالتصويت لبعض المترشحين في الكثير من الدوائر، وعلى رغم أن التقرير أكد أن اللجنة لا تمتلك دليلا يؤكد صحة ذلك، فإن مطالبتها الأجهزة العسكرية والأمنية بتوضيح هذا الأمر في وسائل الإعلام بهدف زيادة ثقة الجميع بالعملية الانتخابية مؤشرٌ على وجود تشكيك في صحة هذا الاتهام الخطير، وسكوت وعدم استجابة الأجهزة العسكرية والأمنية إلى تبيان صحة هذا الاتهام أو نفيه هما دليل آخر على وجود مثل هذه التوجيهات التي تعطي صحة أطروحات المعارضة، فكما تقوم الحكومة بنفي أي خبر غير صحيح كان من المفترض أن تمارس السلوك نفسه. هذا الاتهام وسكوتها يعنيان وجود الاتهام وليس نفيه.

- كشف التقرير - في أكثر من محور وفقرة - عن الشكوك الموجودة لدى البعض من المراكز العامة في آلية تصويت كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة وسلبية وانحيازية بعض رؤساء اللجان والحاجة الماسة إلى وجود قانون انتخابي لتأطير العملية الانتخابية وتأكيد وجود هيئة مستقلة دائمة للانتخابات ووجود قانون يحدد السقف الأعلى للإنفاق على الحملات الانتخابية.

- أكد التقرير - في أكثر من موقع - اختلال العدالة في أعداد الكتل الانتخابية في الدوائر الأربعين، وأهمية ضمان التوازن بين أوزان أصوات المواطنين، وبالتالي إعادة النظر في قانون الدوائر الانتخابية.

- أكد التقرير وجود انحياز لبعض المترشحين وحصولهم على قوائم الناخبين، بل عناوينهم في وقت مبكر وهي ميزة نسبية من جهة واتهام للجهات الرسمية المسئولة عن هذه القوائم من جهة ثانية؛ ما يؤكد أيضا صحة الاتهامات الموجهة إلى هذه الجهات الإحصائية بوجود نوايا وأحيانا مؤامرات كشفتها بعض التقارير السرية.

- النواقص في قوائم الانتخابات مثل: وجود أسماء متوفين أو حذف أسماء من لهم حق الاقتراع أو وجود أسماء ثنائية أو احتواء القوائم أسماء وأفرادا لا يحملون الجنسية البحرينية، حتى إشارة التقرير إلى عدم تمكن اللجنة من تكوين رأي نهائي وقاطع بشأن الكتلة المعومة والمتحركة التي أعلنها الشيخ سلمان بن صقر آل خليفة، وهو أحد المترشحين ثم تداعت إفرازاتها بشكل إعلامي وشعبي كبيرين، وهو مؤشر على التشكيك والإرباك. وسكوت السلطة التنفيذية عن تبيان الحقائق بشكل جلي قد ساهم في عدم تمكن اللجنة المشتركة من إعطاء رأي نهائي وترك الأمر مفتوحا.

- أفرد التقرير محورا خاصا عن مراكز الاقتراع والمراكز العامة وقدم تحليلا عن تباين النتائج ورفض وزارة العدل مطالب عدة بإغلاق المراكز العامة، كما كشف عن أهم الدوائر التي أكدت هذه الشكوك، إذ أشار التقرير إلى «نتائج الاقتراع للدائرة الرابعة في المحافظة الوسطى، إذ فاز رئيس جمعية المنبر الإسلامي الوطني صلاح علي بحصوله على (4066) صوتا، منها (1191) صوتا من المراكز العامة، مقابل (2867) صوتا من مركز الدائرة، و(8) أصوات من الخارج، وحيث إن منافسته مترشحة جمعية «وعد» منيرة فخرو قد حصلت على (2854) صوتا من مركز الاقتراع الرئيسي - بحسب التقرير -. وكانت التوقعات قبل صدور نتائج الاقتراع في المراكز العامة تشير إلى جولة ثانية بالدائرة بين صلاح ومنيرة. وأشار التقرير إلى تكرار الظاهرة نفسها في الدائرة الرابعة بمحافظة المحرق، حيث كان مرشح جمعية «وعد» عبدالرحمن النعيمي متقدما بـ (498) صوتا على المترشح عيسى أبوالفتح - وفق بطاقات الاقتراع في الصناديق الخاصة بمركز الاقتراع والفرز الخاص بالدائرة - إلا أن نتائج الاقتراع في المراكز العامة العشرة جاءت عكس ما كان في الدائرة؛ ما وضع المترشح أبوالفتح في المركز الأول والمترشح النعيمي في المركز الثاني.

- كشف التقرير عن معلومات إضافية في هذا الشأن وخطيرة وتؤكد الاتهامات، إذ أشار إلى «عدم حصول فرق المراقبة التابعة إلى اللجنة المشتركة على نتائج الفرز لثمانية مراكز عامة على رغم المحاولات المتكررة التي بذلت من قِبلهم لطلب النتائج من رؤساء لجان الاقتراع والفرز في هذه المراكز، إلا أن رفض رؤساء اللجان القاطع حال دون ذلك».

- وفي الجولة الثانية، أشارت نتائج الاقتراع في مركز الاقتراع الرئيسي للدائرة الرابعة بمحافظة المحرق التي تقدم المترشح النعيمي على المترشح أبوالفتح، إلا أن نتائج الاقتراع في المراكز العامة أدت إلى فوز المترشح الأخير بالمقعد النيابي.

وواضح من هذه الفقرات أن الانحياز والتشكيك في دور المراكز العامة هو سيد الموقف ومؤشر فاضح للاتهامات التي وجهتها المعارضة للسلطة التنفيذية وسكوتها ورفضها تلبية مطلب إلغاء المراكز. الأمر الذي يعزز القناعات القائلة بوجود نوايا مسبقة لدى الحكم وبعض أجهزته المعلوماتية في ترتيب وضع المجلس النيابي ضمن خطة محكمة تم تنفيذها.

- أكد التقرير تجاوزات فاضحة أخرى كاستخدام بعض المترشحين دور العبادة في دعايتهم الانتخابية وتجيير بعض الأندية الرياضية ودور العبادة والمؤسسات الخيرية طاقاتها لدعم مترشحين.

- استخدام المساجد وخصوصا خلال خطب الجمعة وبصورة مستمرة خلال فترة الحملات الانتخابية، وخصوصا يومي الجمعة السابقين لجولتي الانتخاب «للدعوة للتصويت لمترشحي تيار سياسي والإساءة لمترشحي تيارات سياسية منافسة».

إقرأ أيضا لـ "عبدالله جناحي"

العدد 1632 - الجمعة 23 فبراير 2007م الموافق 05 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً