العدد 1639 - الجمعة 02 مارس 2007م الموافق 12 صفر 1428هـ

الكتابة الصحافية طريقنا إلى جنة الوصول!

خالد المطوع comments [at] alwasatnews.com

من حق القارئ العزيز والمطلع على بعض من واقع صحافتنا المحلية التي أصيبت للأسف بداء التصفيح أن يستغرب من حال الغياب والانقطاع الحاصلة في مجال الكتابة الصحافية من بعد وصول بعض الوجوه إلى مقاعد البرلمان، وذلك بعدما قضت هذه الوجوه أو الأقلام فترة زمنية معدودة تثري صحافتنا المحلية بـ«خامات» صحافية متفاوتة في جودتها أصالة تارة أو استنساخا وسرقة فكرية وحرفية غير أخلاقية في تارات أخرى!

فما الذي جرى وراء اختفاء تلك الأقلام الصحافية أكانت حزبية أم مأجورة أم معمورة تارة بنفثات الحقد والتفاهة أو حتى نزر من تنوير؟!

هل هي رائحة الانتهازية والوصولية تضوع في الديار بين أركان الحبر والورق مجددا؟!

أخشى ذلك بكل جدية، كما أنني أرجو أن يقف وراء ذلك الانقطاع المفاجئ في حبر هؤلاء أدنى اشتغال عسى أن تبرأ زاويتهم من تهمة الانتهازية والوصولية والتسلق العنكبوتي طالما ظلوا لم يروا في مثل هذا التسلق والوصول إلا ضربا مباحا من الترقي الوظيفي الجائز شرعا من «خطيب مسجد» إلى «ولاية نيابية عامة»!

الكتابة الصحافية التي قد تجد لها من الهم اليومي والهم الأزلي مرتعا لتواصلها وحمالا لرؤاها وبوصلة لروحها التعبيرية، والتي يرى فيها العديد مكونا فطريا ضروريا لمعاني وجوده الذاتي في محيطه البيئي المعاش، يبدو أنها لم تكن لدى هؤلاء الذين أصبحوا في ليلة وضحاها نوابا عن كامل الشعب سوى أداة ووسيلة وطريقة تمهد الطريق لا الدرب أمامهم نحو جنة الوصول والتنكر للأصول بحجة انتهاء زمن تأصيل المفاهيم والقيم وبدء موسم العمل والتأسيس وبذل الوعود الانتخابية المعطاءة، وكلها مراحل ضمن مشروع عمر فردي شامل لابد من فهمه!

لا أدري كيف كان إحساس القراء الذين ربما قد ساقهم حظهم الرديء ذات يوم إلى إدمان قراءة مقالات شيوخ الوصول لا الأصول، وإذ بهم يفتحوا الجريدة الطازجة ويستنشقوا رائحة الحبر والورق الباكر فإذا بكتابهم الصحفيين المفضلين أو «الأبطال» و«النجوم» بحسب ما أشاعته ثقافة الأبواق الصحفية، قد اختفوا وتلاشوا «...» سرابا هكذا ولمرة واحدة من خارطة «نجومية» الكتابة الصحافية؟!

القضايا والهموم الوطنية والقومية والدنيوية والأخروية مازالت كما هي عليه لم تتغير بوصة واحدة أبدا منذ أن قطع أصحابنا «المطاوعة» حبالهم وحبائلهم الصحافية مرة واحدة وهم في قمتهم المبتغاة، ففلسطين لم تتحرر بعد ولم يتحسن حال شعبها المشرد، والعدو الصهيوني الإمبريالي الوظيفي لم تنكسر شوكته، والخلافة الإسلامية ذهبت بلا عودة، والشرع الذي شنت لأجله سابقا المعارك وحاليا المزايدات والحملات الانتخابية لم يطبق بحذافيره كما كان يراد له وإن أدى إلى توصيل دعاته لا تأصيلهم، ليظلوا خلف السلطة سابحين في حمدها وحالهم كحال سمكة «...»!

فلماذا إذا مثل هذا الانقطاع الصحافي المفاجئ ؟!

هل أصبح عالم الكتابة والتأليف والنشر محطة عبور «ترانزيت» لكل من هب ودب وذهب إلى دنيا الذهب؟!

هل تحررت العراق التي ملئوا اسمها المخضب بالدم والرماد كل الآفاق ؟!

هل ازدهر الوعي الثقافي والسياسي مرة واحدة وتفتح في صحرائنا الفكرية القاحلة كالأقحوان البري؟!

هل امتلأ خطابنا السياسي الشرعي تجديدا وانتعاشاَ تقدمياَ؟!

من يدري؟! فلربما عاد الناس هنا فجأة إلى استقامتهم الفطرية الأولى وصوابيتهم الأخلاقية بفضل ركام المقالات السابقة الملقية في أحشاء الصحائف، وجهود وزارة الإعلام بعد أن فاضت في بلادنا منابع النور والتقوى!!

لا داعي للكتابة الصحفية ولافتراش ساحات الصحافة المحلية بالغثاء والموهوب والمسلوب!

لا داعي للتنفيس عن زئبق الأحقاد الشخصية بزنبقة الصحافة!

بعد أن نشف ريق ودم جميع القضايا فماتت جميعها مرة واحدة، ولم يبق إلا فتح باب المطالبات وتقديم الاقتراحات النيابية الدسمة، والتي وإن كانت لا تسمن ولا تغني من جوع إلا أنها تساعد في تسجيل المواقف وتثبيت المآثر القابلة للتخليل والتعليب والدفع كمثقال قرش أبيض ساعة يوم انتخابي أسود!

بعد أن هاجر بر الصحافة «الشيوخ» و«الخطباء» و«المجاهدين» و«المناضلين» و«الأقحاح» من «أهل المصب» إلى جنة البرلمان، ربما لم يبق من كاتب في هذه الدنيا إلا مجنون وهاذي ومحاكي لذاته المتقوقع في ثناياها، أو من يظن أن الهم هو مختبر الكتابة الصحفية، لا أن يكون استيلاد الكتابة الصحفية هو هما في ذاته كما كان سائدا في مرحلة ما ؟!

وربما ظلت القلوب الباحثة عن أسيادها حيرى جراء هذا الفقد؟!

ولكن من يدري؟!

لعل المهاجرين أو المترقين الوظيفيين يعلمون مستقبلا بأن صوتهم في منابر الصحافة اليومية كان أقرب إلى الناس وهمومهم من صوتهم في برلمان قد «لا يسوي شي» هو الآخر بفضل قيوده اللوائحية والدستورية إذا ما وجد في قلوبهم مكان إلى هؤلاء الناس!

أخشى أن يكون لسان حالهم لنا اكتبوا واكتبوا يا أعزاء ونحن سنصل وسنصل حتما ولو ذاب جلد وجوهنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله!

إقرأ أيضا لـ "خالد المطوع"

العدد 1639 - الجمعة 02 مارس 2007م الموافق 12 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً