العدد 1643 - الثلثاء 06 مارس 2007م الموافق 16 صفر 1428هـ

تمثيل سفراء الشركات

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

إن التأثير التي تخلفه عملية تكوين الأفكار المسبقة والصور النمطية تتجاوز العلاقات الشخصية.

فالطريقة التي تتمثل فيها ثقافة ما أو شعب في بلد أجنبية تترك أثرا واضحا وملموسا على النظرة للآخر ولهويته، ولاسيما إذا ما كان هناك القليل من التفاعل بطرق أخرى بين سكان البلدين أو الثقافات.

تبدو هذه القضية أمرا في غاية الأهمية بشأن العلاقات بين العرب والأميركان، وأما الإعلانات فهي وسيلة للاتصال ذات أهمية كبيرة وأثر عميق على تكوين المفاهيم والأفكار.

الأميركان يرتبطون بكلمات مثل الجشع والطمع بسبب الحملات الدعائية للشركات الضخمة المتعددة الجنسيات، فيما ينظر إلى العالم العربي تاريخيا بعدسات إعلانات السياحة العاملة في هذا المجال والتي تروج لصور الفراعنة والبدو والجمال التي لا علاقة لها بالحياة اليومية لمعظم السكان في المنطقة.

علاوة على ذلك، يميل الإعلام في اختيارهم للصور إلى إظهار المتطرفين، إذ يشكل ذلك مصدرا قويا من اللبس وسوء الفهم.

إن قوة القطاع الخاص في الولايات المتحدة لا يمكن إنكارها وهذا ينطبق بالمثل في منطقة الشرق الأوسط، حيث تبرز في الصدارة شركات كبرى، إضافة إلى الأفلام الأميركية، وتعتبر من ممثلي الولايات المتحدة و «القيم» الجماعية للسكان. والمسألة المطروحة من ذلك هي تلك المتعلقة بالأخلاق والدبلوماسية.

لاشك أن تلك الإعلانات التابعة للشركات الدولية تطرح تصورات عن بلدانهم، ولكن السؤال يظل هل تحمل هذه الشركات على عاتقها أي مسئولية لتقديم صورة أكثر دقة وتنوعا عن الشعوب في بلدانهم؟

من ناحية أخرى، الإعلانات التي تشجع على السفر إلى مصر تميل في الحقيقة إلى تشجيع الماضي الفرعوني للبلاد. وعلى رغم أن هذا جانب مهم للغاية وشرعي لأن نعمل على تشجيعه، فإنه في الوقت ذاته يخلق سوء تفاهم ولبسا كان على المصريين تحمل نتائجه لعدة قرون. فعلى سبيل المثال، أشار طالب مصري يدرس التجارة في كاليفورنيا وقد التحق بمدرسة ثانوية في الولايات المتحدة إلى أن بعض الأسئلة التي وجهها إليه زملاؤه كانت: هل تركب الجمل في طريقك إلى المدرسة؟ وكيف لك أن تتكلم اللغة الإنجليزية بكل طلاقة؟ وقد صدم عند سماعه تلك الأسئلة من أشخاص أميركان مثقفين.

إن الحملات الإعلانية التي تديرها الشركات الكبرى في الشرق الأوسط لا تخلو في اغلب الاحيان من فنانين أو نجوم. وتستغل هذه الإعلانات نوع من الجاذبية الجنسية، فتظهر النجوم وغالبا ما تمتنع النجوم عن ارتداء اللباس «التقليدي» للمناطق المختلفة وذلك في محاولة على ما يبدو لإظهار الجاذبية الخاصة بالشركة عالميا. فيما لو شاءت أم أبت الولايات المتحدة لأن تكون الممثلة لبعض هذه الشركات الكبرى، فهي على أرض الواقع كذلك وتتحكم بقناة إدراك شعب لدولة بأكملها.

مع هذا، تتزايد أعداد الشركات المتعددة الجنسيات التي تستخدم ما يسمى بـ «المقاييس النموذجية للتسويق العالمي» - مستخدمة نوعية الإعلانات ذاتها في كل مكان بغض النظر عن الثقافة السائدة أو المفاهيم المسيطرة - وعلى رغم حقيقة أنه يمكن لهذه الإعلانات البيع للمستهلك، فهي أيضا تعزز من مشروع نظام قيم وثقافات هي في الأساس أميركية الأصل.

لسوء الحظ، لم تعد الولايات المتحدة تمول مشروعات الثقافة الدبلوماسية والتي تعمل على إظهار الثقافة الأميركية بطريقة غير مقولبة ونمطية لتكافح المفاهيم السائدة.

إن حل هذه المشكلة يكمن في التعليم والمعرفة والمعلومات المتنوعة، ويجب أخذ الخطوات اللازمة لوضع حد للصور النمطية والأفكار الخاطئة.

فمن خلال تثقيف كل من الجانبين عن ثقافة الآخر وتقاليدهم ومعتقداتهم، يمكن التوصل إلى فهم شامل وسيتم بذلك توضيح الكثير من الأمور وستكون هناك أرضية معلومات شاملة متوافرة من أجل تحليل الأخبار والدعاية المتحيزة.

برامج التبادل والحوار بين الثقافات المختلفة والتثقيف بشأن الإعلام المتحيز يجب أن تبذل في سبيل إثارة التغيرات في المواقف لدى الجوانب المختلفة.

في الوقت ذاته، ينبغي على الشركات الغربية أن تتحمل مسئولية أكبر تجاه الصور والمفاهيم التي ينتجونها في الإعلانات، وعلى الحكومات في الغرب أن تطلب من الشركات أن تتحمل مسئولية أكبر وأن تأخذ في الاعتبار «تمثيل سفراء الشركات» عند منح العقود والإعفاءات الضريبية.

بالإضافة إلى ذلك، فإن برامج المسئولية الاجتماعية للشركات القائمة في المناطق التي تعمل فيها منظمات متعددة الجنسيات يجب أن تشكل أداة مهمة لأن تكون النموذج، إذ ينبغي أن تبين أن أحد مبادئ القطاع الخاص في الولايات المتحدة هو تقديم دعم للزبائن. فعلى سبيل المثال، رونالد ماكدونالد هاوس «Ronald McDonald House» - التابع لماكدونالدز وهو برنامج للأسر المحتاجة ذوي الأطفال المرضى - ينتشر الآن في عدد من البلدان.

تميل بعض الشركات أيضا الى دعم الثقافة والفنون المحلية في مكان عملها أيّا كان. من الواجب أن تحذو شركات أخرى حذوهم وتبين أن التسويق العالمي لا يعني تحمل جميع الثقافات، يجب أن تتواءم تلك الشركات مع بلدان المنشأ.

*وليزلي هارويل/ طالبة في جامعة جورج تاون في كلية ولش للخدمة الخارجية

سارة شارابي/ طالبة سعودية بالجامعة الأميركية في القاهرة... والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1643 - الثلثاء 06 مارس 2007م الموافق 16 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً