العدد 1646 - الجمعة 09 مارس 2007م الموافق 19 صفر 1428هـ

شعبية والا حضارية... «القهاوي» دائما شبابية

«الاستكانة والفنجال» أفضل... والمباريات المشفرة أول الأسباب

لم تعد صورة رواد المقاهي التي رسمتها لنا الأفلام العربية القديمة وشبه الحديثة قائمة مع تطورات الزمن، فعندما تسأل مرتاد المقهى عن سبب وجوده في هذا المكان فلن يجيبك «والله لا يوجد عمل قلت اسلي نفسي بالجلوس هنا لساعات طويلة»، بل إنك قد تفاجأ حين تعلم أن ضغط العمل هو ما دفعه لأخذ قسط من الراحة والترفيه في المقهى، أو إنك قد تصطدم حين تكتشف أنه ينجز العمل في المقهى!

وللمقاهي في البحرين حكايات لا تنتهي، إلا أنه ومع تنوع خدماتها يبقى زبونها الدائم هم في مختلف الأعمار، إذ إنه مرتاديها من الشباب يشكلون 64 في المئة، فيما يشكل كبار السن (الشيوبة) 36 في المئة فقط.

لا دخل للتعليم

إذ اعتقدت يوما بان مرتادي «القهاوي» هم من الشباب الجاهل فإن ذلك خطأ كبير، إذ لا أنه وفي اعتقد معظم مرتادي تلك المقاهي أن المستوى التعليمي ليس له إي علاقة بزيارة المقاهي، فالمكان ليس غير محترم كما يحاول أن يصور ذلك البعض، وإذا كانت بعض الشوائب تعيب عمل المقاهي أو روادها فلا يمكن نسف فوائدها وكونها متنفسا للناس بمختلف فئاتهم، ومن يقرأ روايات نجيب محفوظ مثلا أو غيره من الكتاب يعرف مصداقية طرحهم وتصويرهم للحياة من خلال جلوسهم في المقاهي وتبادلهم الأحاديث مع الناس بشكل مباشر وملامستهم شجونهم وهمومهم.

ومن مشاهدات «ألوان الوسط» خلال تجولها بين المقاهي (الشعبية منها والخاصة)، تبين أن أصحاب الشهادات العليا تعد المقاهي متنفسا لتخفيف وطأة ضغوط العمل، أو هم حتى يعتبرونها مكان أكثر هدوء من مكاتبهم يمكنهم فيها انجاز أعمالهم بشكل أسرع.

وعلى ذلك يقول محمد سلمان، رئيس قسم الحسابات بأحد الشركات الخاصة: «شهريا أزور أحد المقاهي الموجودة في أحد المجمعات لأقوم بحساب رواتب موظفي الشركة...اعتقد أنها اهدأ من العمل داخل المكتب».

«القدو» و»المعسل»

ولعل مسألة ازدياد عدد رواد المقاهي بل ازدياد عدد المقاهي نفسها في مختلف أرجاء مملكة البحرين ارتبط بتطور الخدمات السريع الذي تقدمه هذه المقاهي، ما شجع الناس على اتخاذها بديلا للديوانيات والمجالس الخاصة، فليس الشاي والقهوة و»القدو» والشيشة هي فقط ما تقدمه هذه المقاهي كما كان يحدث قبل نصف قرن، بل إن القائمة أو الـ «MENU» تشتمل على عشرات وأحيانا مئات الأنواع من «المعسل» والمشروبات الباردة والساخنة والمأكولات الخفيفة والدسمة، بل أن معظم المقاهي تبتكر خلطات خاصة من العصائر وتطلق عليها الأسماء المختلفة بغية جذب الزبائن و»تثبيتهم» إن صح التعبير في المقهى.

الدامة والزنجفة

وعلى رغم الخدمات الحديثة التي تقدمها معظم المقاهي، التي أصبحت أساسيات وليست مجرد كماليات، كخدمة الانترنت والبلاي ستيشن «PLAY STATION»، فإن الألعاب الشعبية القديمة كالدامة والدومينا و«الطاولة» والورق أو «الزنجفة» مازالت صامدة في وجه الزمن ومتغيرات العولمة التي أثرت في كل شيء من حولها، فتجد مرتاد المقهى لا يكاد ينتهي من استخدام وسيلة ترفيه حديثة حتى يعود للأصالة ويحن للألعاب الشعبية القديمة.

واللافت إلى أن رواد المقاهي الذين يلعبون الدامة والزنجفة هم من الكبار والصغار، وليست حكا على الكبار في السن فقط.

وظيفة من لا وظيفة له

عبدالرحمن يبلغ من العمر 25عاما فقط، ويمتلك ويدير مع صديقه علي أحد أكبر المقاهي في الرفاع، يقول عن فكرة افتتاح مشروع المقهى «كما تعلم نحن كشباب أعدادنا في ازدياد مستمر والفرص الوظيفية لدى الحكومة محدودة، بل أننا بدأنا نشهد قائمة بطالة حقيقية، ولذا فكرنا في افتتاح مشروع خاص يدر علينا دخلا ويجمعنا في الوقت ذاته بالأصدقاء والأصحاب والأحباب».

مقاهي للدراسة!

في أحد مقاهي المجمعات التي زارتها «ألوان الوسط» تفاجئنا بجلوس فتاتان جامعيتان مع جهاز الكمبيوتر المحمول «لاب توب» هما نورة وشيخة، إذ أوضحتا أن عدد كبير جدا من الطلبة والطالبات يزورون المقاهي بغرض الدراسة، إذ لم تعد المقاهي الراقية والحديثة اليوم في البحرين مجرد مكانٍ للراحة والاسترخاء ولقاء الأصدقاء وحسب، بل باتت فرصة لاستخدام الإنترنت عن خدمة «الواي فاي».

المرأة في كل مكان

ولأن المرأة دخلت إلى كل مكان، فإن عالم «الشيشة» لم يستطع المقاومة ومنعها من ولوجه، فصارت ترتاد المقاهي التي تخصص مكانا للعائلات كلما سنحت لها الفرصة، وأصبحت «النارجيلة» صديقة معتادة لفمها سواء برضا وعلم من عائلتها أو دون ذلك.

وترى أماني، وهي جامعية جلست بين مجموعة من صديقاتها في المقهى، أن مجتمعنا يحرم الكثير من الأمور على المرأة دون سبب واضح أو داع غير العادات والتقاليد، ومن هذه الأمور حسب رأيها التدخين بصورة عامة، مضيفة أن المجتمعات المتقدمة لا تميز بين الرجل والمرأة في شيء.

حتى الأمي ليس «جاهلا»

كشف استبيان أجرته «ألوان الوسط» على عينة من رواد المقاهي في البحرين تعدادها 100 فرد (70 في المئة ذكور و30 في المئة إناث)، إن غالبية مرتادي الجامعات هم من حاملي الشهادات الجامعية والثانوية إذ أظهر الاستبيان أن 38 في المئة من مرتادي الجامعات هم من الجامعيين بينما 37 في المئة منهم هم من حملت الشهادات الثانوية، في حين كانت نسبة حملت الدبلوم 15 في المئة والدراسات العليا 8 في المئة، أما الأميين فكانت نسبتهم 2 في المئة.

ومن هنا يتضح لنا أن المستوى التعليمي ليس مهم، فمعظم مرتادي المقاهي هم من الطبقة المثقفة ونادرا ما تجد بينهم أميا (لا يجيد القراءة والكتابة)، لكنه في النهاية ليس متخلفا، فمعظم «الجالسين على القهاوي» هم القاصين والشعراء الشعبيين، كما أن بينهم من يفهم في السياسة ويطرح الموضوعات السياسية طمعا منه في إيجاد حلا عجزت عن إيجاده الدول الكبرى.

المباريات المشفرة السبب الأولى

أظهر الاستبيان أن مرتادي المقاهي خليط بين المتزوجين والعزاب، إذ شكل المتزوجون 58 في المئة من أفراد العينة بينما العزاب فشكلوا 42 في المئة. وكشف الاستنان أن السبب الأولى في تردد الرجال والشباب وخصوصا المتزوجون منهم على المقاهي هي المباريات المشفرة، إذ كان نصيها 31 في المئة (الله يقطع عنا أخبار الرياضة، الزوجة علشان تفتك من هرب زوجها للقهوة يطالع المباريات، خلها تسوي جمعيها وتشترك في قناة ART أو الشو تايم أو أوربت...والله حاله هذا كل سببه غلاء الأسعار)، فيما حلت الشيشة في المركز الثاني فكانت نسبتها 23 في المئة (اشترى شيشة واقعد في البيت وسط عائلتك أحسن، ترى الشيشة مو من غلايتها)، في حين كان للأصدقاء 21 في المئة (ليس أصدقاءكم ما عندهم بيوت تزورونهم فيها، ولا هذي حجة بس)، بينما 5 في المئة فقط هم من يلجأون للمقاهي هربا من مسئولياتهم (عيارين...الله والمسئوليات إلي على الرجال).

والله الزمن تغير

يبدو من نتائج الاستبيان أن «القهاوي» أصبحت فعلا شيئا مهما، إذ إن مرتاديها بلغوا 88 في المئة، بنما نسبة من لا يزورونها فهم 12 في المئة فقط.

الـ 88 في المئة منهم 32 في المئة من يرتادونها أسبوعيا، بينما 28 يرتادونها يوميا، و18 في المئة يزورونها بشكل غير منتظم.

«غريبة الزمن كلش تغير» الأول فقط العاطلين عن العمل هم فقط اللذين يجسلون على «القهاوي يندبون حظهم»، لكن الحين معظمهم ناس يشتغلون لا ويفهمون في السياسة بعد.

«الاستكانة والفنجال» يربحون

كشف الاستبيان أن 43 في المئة من أفراد العينة يفضلون المقاهي الشعبية أحادية الجنس عن تلك المختلطة، (اعتقد أنهم جماعة مازالوا يفضلون استكانة الشاي والفنجال على كوب الشاي أو المغ). فيما 39 في المئة يفضلون مقاهي المجمعات التجارية (يمكن خايفين من حرارة شمس البحرين ولا من رطوبة الجو)، أما من يفضلون المقاهي الخاصة فهم 2 في المئة فقط (يكسرون الخاطر محد يسوي لهم ريوق «إفطار» في البيت).

العدد 1646 - الجمعة 09 مارس 2007م الموافق 19 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً