العدد 1657 - الثلثاء 20 مارس 2007م الموافق 01 ربيع الاول 1428هـ

مصر... كفاية تعديلات!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كانت المعارضة المصرية أول من طالب بالتعديلات الدستورية، وكانت أول من عارض حين تم طبخها بهدوء، وأريد تمريرها ليلا على استعجال.

المعارضة عندما طالبت بالتعديل، إنّما كانت تهدف إلى إخراج البلد من الدائرة المغلقة، إلى أفق الإصلاح السياسي الحقيقي، ولكن وعلى عادة دول العالم الثالث التي تكبلها قيود القديم، انتهت هذه الدعوات إلى ما انتهت إليه: تغيير من دون أن يتغير شيء!

المعارضة اعتبرت التعديلات انتهاكا للدستور، وعودة إلى سياسة الدولة البوليسية - وخصوصا المادتين 179 و88 - باعتبارها «تكرّس واقعيا حال الطوارئ» السارية منذ 1981، وتقضي على الإشراف القضائي على الانتخابات، التي دائما ما يشوبها تزوير واسع النطاق كما يقول المعارضون.

المعارضة اتخذت قرار مقاطعة جلسة التصويت، وبالتالي أصبح التصويت محسوما لما يملكه الحزب الحاكم من غالبية بالبرلمان. والغريب ما صرّح به النائب المصري أسامة جادو(من الإخوان) بأنهم فوجئوا بالتصويت المبكر على التعديلات!

الرئيس المصري بعد إقرار البرلمان للمواد التي اقترحها، أصدر قرارا جمهوريا يدعو فيها جماهير الشعب المصري إلى استفتاء شعبي على التعديلات الاثنين المقبل. ونص القرار الجمهوري على أن «تجرى عملية الاستفتاء... بدءا من الثامنة صباحا وحتى السابعة مساء بالكيفية المنصوص عليها في قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية»، فكل شيء في بلادنا العربية لابد أن يجري وفق القوانين!

القرار يشير إلى حال من الاستعجال، وهو ما احتجّت عليه المعارضة واعتبرته خطوة استباقية لإجهاض حملةٍ كانت تنوي تنظيمها في الشارع ضد التعديلات ولشرحها للمواطنين. وحتى كتابة هذه السطور، كانت الوكالات تتكلّم عن خيارين أمام المعارضة: مقاطعة الاستفتاء أو المشاركة فيه والتصويت بـ «لا».

هذا على مستوى الداخل، أما على مستوى الخارج، فقد أصدرت منظمة العفو الدولية بيانا اعتبرت فيه هذه التعديلات «أخطر مساس بحقوق الإنسان منذ إعلان حال الطوارئ في مصر» قبل ربع قرن، فالمادة (179) مثلا تتيح اعتقال المشتبه فيهم وتفتيش منازلهم ومراقبة مراسلاتهم الخاصة والتنصت على اتصالاتهم الهاتفية من دون الحصول على إذن قضائي.

وتسمح المادة نفسها للرئيس بإحالة قضايا الإرهاب إلى «أية هيئة قضائية مشكّلة طبقا للقانون والدستور»، بمعنى آخر: بإمكان الرئيس إحالة المتهمين في قضايا الإرهاب إلى محاكم عسكرية أو استثنائية.

الأخطر من ذلك هو أن تعديل المادة (88) يلغي إشراف القضاة على صناديق الاقتراع وفقا لقاعدة (قاض لكل صندوق)، وينص على تشكيل «لجنة عليا مستقلة» لتنظيم العملية الانتخابية.

المعارضة اعتبرت نفسها مستهدفة بهذه التعديلات، والتي تهدف أيضا إلى تمهيد الطريق أمام جمال ابن الرئيس مبارك لوراثة والده. ووجهت القوى المعارضة دعوة على شبكة الإنترنت لحضور وقفة احتجاجية، ومساندة موقف أعضاء المجلس من المستقلين والمعارضين في مقاطعتهم للتعديلات، واحتشد العشرات أمام مقر نقابة الصحفيين وسط القاهرة بعد منعهم من الوصول إلى مقر البرلمان، ورددوا شعارات ضد الاعتقالات والتعديلات الدستورية ورموز النظام. وعند بداية كتابة المقال كان قد جرى القبض على ثلاثة (عضو مجلس نقابة الصحفيين واثنين من المدوّنين)، بعد محاولتهم الاشتراك في المظاهرة المقررة أمام البرلمان، ولكن مع الوصول إلى نهايته نقلت وكالة الأنباء الألمانية أن عدد المعتقلين وصل إلى ستة!

اللهم احفظ مصر المحروسة... فكفاية تعديلات، وكفاية ديمقراطية وانتخابات...!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1657 - الثلثاء 20 مارس 2007م الموافق 01 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً