العدد 1680 - الخميس 12 أبريل 2007م الموافق 24 ربيع الاول 1428هـ

حتى يفهمك الأميركيون فكر وتكلم كالأميركيين

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

قبل بضعة عقود قليلة لم تكن هناك صناعة علاقات عامة في العالم العربي. هذا الأمر تغير إذ قامت مجتمعات المنطقة بالتحديث وأصبحت اقتصاداتها أكثر تعقيدا وازدادت القضايا المتعلقة بالعلاقات التجارية والتسويق وتطوير استراتيجيات الاتصالات أكثر أهمية. اليوم هناك صناعة علاقات عامة محلية نامية يديرها محترفون أكفاء.

وقبل فترة حضرْت أول مؤتمر لجمعيات العلاقات العامة الدولية - فرع الخليج في البحرين. كان اجتماعا ممتازا لممارسي العلاقات العامة الذين اجتمعوا ليقوموا بعمليات التشبيك وتبادل الأفكار والآراء، وتطوير مهاراتهم وبحث المشكلات التي تواجه صناعتهم.

لقد كان لي شرف إلقاء كلمة رئيسية في افتتاح الحدث. لدى الطلب مني الحديث عن صورة الخليج في الولايات المتحدة وكيف يمكن التعامل بأفضل صورة مع المعتقدات الخاطئة التي شوشت فهم الجمهور الأميركي لهذه المنطقة، بسطت أولا الخطوط العامة للمشكلة وعرضت بعد ذلك بعض الدروس التي آمل أن تكون بناءة. فيما يلي هذه الأفكار مرة أخرى:

لا تختبئ وراء المبررات أو الكليشهات

صحيح أن هناك فجوة متزايدة ناتجة عن الصور النمطية والإعلام الخاطئ ولكن عند تقييم هذه المشكلة من الأهمية بمكان عدم الاعتماد على الكليشهات عن الكيل بمكيالين أو نظرية المؤامرة أو سيطرة الإعلام على واشنطن. الحقيقة البسيطة هي أن الجانب العربي يخسر معركة العلاقات العامة لأن العرب لم يشاركوا ولم ينخرطوا. اللعبة غير متزنة لأن العرب ليسوا طرفا فيها.

عندما تحاول بيع منتوج عليك أن تفهم السوق

صديق حكيم من أصدقائي هو الشيخ عبدالله بن زايد قالي لي مرة: «لا نستطيع مساعدة أميركا على فهمنا إلى أن نفهم أميركا نحن أولا». وهذا يعني الإصغاء والاختبار ومعرفة ما يفكر به الأميركيون وأخذ النتائج مأخذ الجد. بإمكان الأميركيين تغيير مواقفهم، ولكن عليك أن تكلمهم أولا وليس أن تتكلم نحوهم، وعليك أن تفعل ذلك شخصيا وأن تجيب عن الاستفسارات التي تجول بخواطرهم. الأميركيون لا يسألون إذا كان العرب متحضرين ويعملون على تنمية اقتصاداتهم وإنما يرغبون بمقابلة العرب ومعرفتهم بشكل أفضل.

المباشر هو الأفضل - الناس يريدون أن يعرفونك

لا يمكن التأكيد على هذه النقطة بشكل كافٍ. في جميع الاستطلاعات ومجموعات التركيز التي نديرها نجد أن الأميركيين يرغبون بمعرفة العرب بشكل شخصي. لا شيء يمكن أن يحل محل هذا النوع من الاتصال المباشر. يجب دعوة مجموعات مستهدفة من الذين يؤثرون في وجهات النظر الأميركية لرؤية العالم العربي بأنفسهم. ومن الأهمية المماثلة كذلك يجب إرسال مجموعات من العرب (وخاصة المحترفين الشباب والنساء) إلى أميركا لمخاطبة جمهور واسع عبر البلاد. زيارات كهذه تستقطب كذلك انتباه الإعلام المحلي، وهو أكثر تقبل - وأحيانا أكثر تأثيرا من الإعلام الوطني. ليست هذه صفقة لمرة واحدة بل يجب أن تكون جزءا من حملة مستمرة هادفة تركز على الجاليات والمجتمعات والمجموعات الرئيسة.

قم بتمكين القطاع الخاص

الحكومة لا تستطيع القيام بذلك وحدها. يجب تمكين القطاع الخاص في هذه الجهود. الأمر ليس جيدا في مجال الأعمال التجارية فقط وإنما هو مهم بالنسبة لمستقبل العلاقات التجارية الأميركية العربية. إضافة إلى ذلك يتوجب علينا أن نتعلم من مجتمع الأعمال. رجال الأعمال يعرفون كيف يصفون الاستراتيجيات وكيف يطورون خططا تسويقية وإعداد برنامج وإغلاق صفقة. آمنت دائما بضرورة قيامنا بأعمالنا السياسية تماما مثل أعمالنا التجارية وليس بالعكس، فلو مارسنا الأعمال التجارية كما نمارس السياسية لكنا فقراء!

لديك أنصار في الولايات المتحدة فاعمل معهم

لدى العالم العربي موارد بشرية غير مستخدمة في الولايات المتحدة. هناك ملايين من العرب الأميركيين الذين يفخرون بتراثهم وثقافتهم. هناك مئات الآلاف من الأميركيين الذين عملوا في الشرق الأوسط ويشعرون بالحب تجاه المنطقة وشعبها. وهناك مئات الآلاف من الآخرين الذين يستفيدون من العلاقة بين هذه المنطقة ووظائفهم في أميركا. أنهم مكونات لفهم أفضل.

لا تحاول فصل دولة أو منطقة عن المضمون العربي المسلم الأكثر اتساعا فهما متصلان بعقد لا ينفصم في ذهن الجمهور. يجب أن تتوقف عن محاولة فصلهما فذلك ليس باستطاعتك.

هناك حاجة للمناداة بالإصلاح ولكنها ليست مبررات لقد سقط بعض المثقفين فريسة لجَلْد الذات بقولهم: «ليس لدينا ما نبيعه». على رغم أن النقد الذاتي والمناداة بالإصلاح لهما أهمية، إلا أنهما لا يوقفان التيار. يجب القيام بحملة علاقات عامة ناجحة. بلدي مثلا تعاني من عدة مشكلات اجتماعية (نسبة عالية من الإجرام، تمييز عنصري، ومشاكل أخرى كثيرة)، ولكن مازالت لدينا الثقة لنبيع. وإذا تم الاعتراف بالأخطاء بشكل مفتوح ومعالجتها بشكل صادق في حملة كهذه فقد نكون أكثر نجاحا.

اعرف قصتك جيدا وكن واثقا من جودتها إنها قصة إنسانية مميزة يجب روايتها. إنها قصة علاقة معمقة وثيقة ملزمة في التجارة والاستثمار والتبادل الثقافي والدفاع المتبادل، عن التقدم والتغيير الجاري حاليا في الدول العربية، عن أناس حقيقيين يتشاركون في القيم والآمال بمستقبل مع أصدقائهم الأميركيين، عن الإسلام كدين وأسلوب حياة يخلق قيما ويلهم مئات الملايين ليعيشوا حياة الفضيلة، عن خيوط عادية من الدين والتاريخ والثقافة التي شكّلت وتستمر بتشكيل قدرنا المشترك. إنها قصة تستحق السرد، ويجب أن يكون العرب هم الذين يسردوها.

*رئيس المعهد العربي الأميركي في واشنطن العاصمة والمقال ينشر بالتعاون مع خدمة «Common Ground» الإخبارية CGNews

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1680 - الخميس 12 أبريل 2007م الموافق 24 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً