العدد 1685 - الثلثاء 17 أبريل 2007م الموافق 29 ربيع الاول 1428هـ

السياسة الإندونيسية ومستلزمات النجاح

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

قد يكون الفيلسوف السياسي نيكولو ماكيافيللي وصن تسو، مؤلف «فن الحرب» قد عاشا مئات الأميال عن بعضهما، وقد يكونان أطلقا سياستيهما بعيدا عن بعضهما ولم يلتقيا أبدا. ولكنهما تكلما اللغة نفسها، واتفقا على أن كل شيء جائز في السياسة والحرب. وأنه لا يوجد أصدقاء وأعداء دائمون، أي أنه من الضروري «استخدام» البشر واستغلالهم لتحقيق الأهداف السياسية.

يبدو أن الإله الهندوسي كريشنا يقف وحيدا في ساحة المعركة التاريخية كوروشيترا بالهند برسالة مختلفة كليا. الرسالة هي أنه الآن وبعد مرور خمسة ألاف عام وتقدير العالم كله له، كما ذكرت مجلة «البيزنس ويك» العام الماضي في كل من طبعتيها العالمية والمحلية، يعارض كريشنا استغلال البشر.

إنه على استعداد للعمل من أجل الناس دونما مصلحة ذاتية. وهو ليس عضوا في أي حزب سياسي يسعى إلى الحصول على أصوات انتخابية. إنه مع الشعب وبين الشعب وموجود لخدمتهم.

أحد أبائنا المؤسسين، الرئيس الإندونيسي الأول أحمد سوكارنو فهم هذه الرسالة. كموظف عام اعتبر واجبه ومسئوليته نحو شعب إندونيسيا فوق مصالحة الشخصية والسياسية ومصالح حزبه. هذا أمر لم يفهمه بعد رجال السياسة اليوم من دبلوماسيين وبيروقراطيين وعسكريين وموظفين مدنيين، بل نحن جميعا.

لقد حان الوقت لأن يقرر سياسيونا ما إذا كانوا يريدون الوقوف مع ميكافيللي أو صن تسو، أو مع كريشنا. ما إذا كانوا يريدون استخدام البشر واستغلال مواقعهم، أو خدمة الشعب.

يعترف الرئيس الباكستاني برويز مشرف بشجاعة نادرة في مذكراته أنه عندما نستغل الناس يتوجب علينا أن نكون على استعداد لأن يتم استغلالنا. وهو يذكر المجاهدين الأفغان. لم يعد سرا أن الحكومة الباكستانية ساعدتهم يومها، وكذلك الحكومة السعودية ووكالة الاستخبارات الأميركية في منتصف الثمانينات.

ذلك أنتج مع مرور الزمن حركة طالبان، وما تبقى هو التاريخ.

قبل ذلك، استخدم مؤسس الباكستان محمد علي جناح الدين القضايا الدينية لإنشاء الدولة التي حلم بها. بعد ذلك، وبعد ميلاد الدولة أعلن على الملأ رؤيته للباكستان كدولة حرة يستطيع أتباع الديانات المختلفة أن يعيشوا فيها معا بسلام وتناغم، وقد ووجه بتمرد من قبل بعض أتباعه المتطرفين.

استخدم القادة الذين تبعوه من ذو الفقار على بوتو إلى محمد ضياء الحق ومحمد نواز شريف، جميعهم المشاعر الدينية. استسلموا لمطالب العناصر المتطرفة في مجتمعهم. النتيجة واضحة ليراها الجميع. اليوم يحاول مشرف تغيير صورة الدولة، ولكن المهمة ليست سهلة.

بينما تحاول الباكستان إصلاح أخطائها الماضية من الغريب أن نرى نحن في إندونيسيا إننا نرتكب الأخطاء نفسها. اضطرت الباكستان لأن تدفع ثمنا باهظا للأخطاء التي ارتكبتها، وما زالت تفعل ذلك. ما كان في يوم من الأيام لباكستان الشرقية هو اليوم بنغلاديش. هل ندرك نحن المخاطر والاحتمالات؟ هل ندرك الكلفة الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية لكل حركة خاطئة؟

تم تفجير بالي مرتين وتعرضت جاكرتا لعدة تفجيرات، وتمزقت مناطق معينة بسبب استخدام العواطف الدينية. لقد نجحت العناصر المتطرفة في بلدنا بأخذ الأمة كلها رهينة. هل ندرك ذلك؟ هل نفعل شيئا لتحرير أنفسنا؟ أم هل نعيش بوهم أن الوضع عادي؟عندما كنا صغارا كنا نستطيع اللعب والأكل والجلوس في غرفة الصف مع الأطفال الآخرين. لم يكن هناك فرق بين مسلم أو مسيحي أو هندوسي أو بوذي. كنا جميعا إندونيسيين. اليوم يختلف الوضع. منذ نعومة أظفارهم نجعل الأطفال يدركون أنهم مختلفون. عندما يحين موعد حصة الدين يتم التفريق بينهم. هذا الشعور بالتفرقة محفور في أذهان الأطفال. عجب في ذلك، فسياسيونا اليوم لا يرون مشكلة في إنشاء أجنحة مختلفة تعتمد على الدين. الحزب السياسي الذي يتوجب عليه خدمة الأمة والشعب بغض النظر عن الخلفيات الدينية وغيرها من الفروقات أصبح الآن يفرق بين موظفيه وأعضائه حسب خلفياتهم الدينية.

ما نحن بحاجة إليه اليوم هو روح سوكارنو وشجاعة أتاتروك وعقلية رسلان عبد الغني (كاك روس) وبساطة نورشليش مجيد (كاك نور) وبصيرة عبد الرحمن وحيد (غوس دور) وإمها عينون نجيب (كاك نون) وميم داوام راهاردجو وجلال الدين رحمات (كانغ جلال) ومحمد سوباري وغيرهم.

* ناشط إنساني ووطني ، والمقال ينشر بالتعاون مع

خدمةCommon Ground الإخبارية (CGNews) .

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1685 - الثلثاء 17 أبريل 2007م الموافق 29 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً