العدد 1699 - الثلثاء 01 مايو 2007م الموافق 13 ربيع الثاني 1428هـ

الاتفاق الأوروبي - الأميركي الجديد

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

وقعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اتفاق شراكة اقتصاديا جديدا في العاصمة الأميركية (واشنطن). وصُمِّم الاتفاق لزيادة التجارة والاستثمار من خلال جعل المعايير القياسية أكثر تجانسا، ما يضع الأسس لسوق موحدة أميركية - أوروبية. كما وقع الجانبان اتفاق السماوات المفتوحة لخفض كلفة الرحلات الجوية عبر الأطلسي وزيادة الرحلات.

قبل الحديث عن مدلولات هذا الاتفاق وتأثيراته على خريطة الاقتصاد والسياسة العالمية، لابد من تأكيد أن مثل هذه الخطوة ليست جديدة على العلاقات الأوروبية الأميركية. فقبل سنوات توصلت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق على المعايير الفنية التي ستحكم نظام جاليليو للملاحة باستخدام الأقمار الصناعية الذي تعتزم أوروبا إطلاقه ويثير قلق وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون).

ويأتي الاتفاق - الذي تم توقيعه خلال القمة الأوروبية الأميركية في إيرلندا - بعد أعوام من محادثات شابها التوتر بين الجانبين بشأن النظام الذي سيكلف المليارات وأثار شكوك واشنطن التي أبدت خشيتها أن يتداخل مع الإشارات العسكرية.

وقال بيان مشترك إن الاتفاق يحمي المصالح الأمنية للحلفاء ويمهد الطريق للوصول في نهاية المطاف إلى مضاعفة عدد الأقمار الصناعية التي ستبث إشارات مدنية عادية لأنحاء العالم.

حينها أشارت المصادر إلى أن الاتفاق سيفتح الطريق أمام تدفق استثمارات ضخمة من القطاع الخاص الذي سيحاول الاستفادة من نظام جاليليو الأوروبي المكون من 30 قمرا صناعيا والمقرر أن يبدأ العمل به في العام 2008.

وبعد ذلك توصلت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق مبدئي بشأن الأحكام الجديدة التي ستحكم تقديم معلومات شخصية عن ركاب الطائرات، وذلك ضمن سلسلة إجراءات لمواجهة ما يسمى «الإرهاب».

جاء الاتفاق بعد عدة جولات تفاوضية صعبة أثار خلالها الأوروبيون تحفظات عن كشف معلومات عن ركاب الطائرات المتوجهة إلى الولايات المتحدة بعد 15 دقيقة من الإقلاع.

وقد تمحور الخلاف في الفترة الماضية حول إمكان اطلاع الوكالات الأميركية المسئولة عن مكافحة الإرهاب كمكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية على المعلومات التي يقدمها المسافرون إلى الشركات الجوية لدى شراء بطاقات سفر إلى الولايات المتحدة. كذلك الأمر كان بالنسبة إلى الموقف من العراق. إذ برزت الحاجة إلى حل الخلاف الذي نشأ بسبب العراق بين ضفتي الأطلسي. في مطلع العام 2004 (تحديدا في فبراير/ شباط) أعلنت الإدارة الأميركية مشروعها المتعلق بالشرق الأوسط الأكبر وبدأت ترسل الإشارات الايجابية حيال الاتحاد الأوروبي وفرنسا تحديدا. وبعد الاستماع إلى ردود الفعل العربية المعارضة للمشروع صاغ الأوروبيون رؤيتهم وتقدمت ألمانيا وفرنسا بورقة مشتركة. وقادت المباحثات الكثيفة بين زعماء عرب وأوروبيين وأميركيين إلى تعبيد الطريق أمام اتفاق أميركي - أوروبي، في قمم ايرلندا (القمة الأوروبية - الأميركية الدورية) وسي - آيلند (جماعة الثماني) واسطنبول (حلف الأطلسي) في يونيو/ حزيران 2004 يتعلق برؤية مشتركة للشرق الأوسط الكبير. بعد أقل من شهرين من هذه القمم وتحديدا في مطلع سبتمبر/ أيلول صدر عن مجلس الأمن الدولي القرار 1559 بدفع من واشنطن وباريس. لم يكن مثل هذا القرار ليصدر عن مجلس الأمن لولا أن اتفاقا أميركيا - أوروبيا قد رأى النور في أحد كواليس هذه القمم.

وعودة على الاتفاق الجديد وعلى رغم أن الجانبين لم يتوصلا إلى تقدم كبير في موضوع التغير المناخي، مع أن الزعماء الأوروبيين أعربوا عن سرورهم بأن واشنطن أقرت بأن النشاط الإنساني هو من المسببات الأساسية لهذا التغير، ولكنهما قد اتفقا على إقامة «مجلس اقتصادي» لدفع توحيد المعايير القياسية قدما في نحو 40 مجالا، بما في ذلك الحقوق الفكرية والخدمات المالية وصناعة السيارات.

ويهدف ذلك إلى زيادة التجارة وخفض الكلفة. ووفق بعض التقارير فإن اختلاف المعايير بين أغنى منطقتين في العالم يزيد نحو 10 في المئة من كلفة تطوير وإنتاج السيارات الجديدة.

وكانت المستشارة الألمانية أنجلا ميركل - التي تتولى بلادها الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي - قد اعتبرت أن تصحيح العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وواشنطن من أهم أولوياتها. من الطبيعي أن يدق مثل هذا الحلف الجديد أجراس الخوف والحذر في عواصم كثيرة مثل طوكيو التي طالما حاولت النفاذ من شق التناقضات الأميركية -الأوروبية، وبكين التي دأبت على تطوير العلاقات مع واشنطن من دون تناسي الكتلة الأوروبية، وفوق هذه وتلك هناك موسكو التي عكفت منذ سقوط الاتحاد السوفياتي على بناء كتلة أوروبية - هي في القلب منها - لمواجهة التمدد الأميركي في القارة الأوروبية، ناهيك عن التصدي للرعونة الأميركية على الساحة الدولية.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1699 - الثلثاء 01 مايو 2007م الموافق 13 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً