العدد 1699 - الثلثاء 01 مايو 2007م الموافق 13 ربيع الثاني 1428هـ

إنه أولمرت يا عرفات!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في اليوم الرابع من الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، ألقى السيدحسن نصرالله خطابا حادا، أطلق فيه كلمته المشهورة: «سيشهد التاريخ أن إيهود أولمرت أغبى وأحمق رئيس وزراء في تاريخ (إسرائيل)».

كان من الطبيعي آنذاك أن يفسّر الخطاب الحاد بالضغط الهائل الذي مارسته آلة الحرب الاسرائيلية على لبنان، وعلى أعصاب نصرالله بالذات كشخص مطلوب تصفيته بأي ثمن. ومع ذلك ظلت العبارة تتردّد على الذاكرة كلما ورد اسم أولمرت، مع سؤال صغير: هل هو غبيٌ فعلا؟ وهو ما تولّت الإجابة عليه «لجنة فونوغراد» التي وجّهت له انتقادا حادا عن مسئوليته عن الفشل الذريع في إدارة الحرب، واتهمت رئيس أركانه المستقيل دان حالوتس بـ «ارتكاب أخطاء تكتيكية واستراتيجية»، ووزير دفاعه عمير بيريتس بـ «قلة الخبرة» و «قصر النظر»!

طبعا، من الصعب تصديق عدم وجود «خطة مسبقة موضوعة بإحكام»، فالاسرائيليون لا يشنّون حربا قبل أشهر من الاستعداد، وخصوصا مع نشر تقارير إخبارية عدة عن خطة كان مقرّرا تنفيذها بين شهري سبتمبر وأكتوبر 2006، لو لم تندلع في يوليو.

والحرب فشلت على رغم توافر كل عوامل النجاح، فالموقف الأميركي والأوروبي كان داعما بالمطلق للصهاينة، مع تفهّمٍ «عربي» كامل للاسرائيليين لأول مرة في تاريخ الصراع (وتفهّم الأمم المتحدة أيضا)، ما شكّل عامل ضغط إضافي ورهيب على لبنان، فضلا عن عدم توافر إجماع لبناني بالداخل. يقابله إجماع إسرائيلي على قرار الحرب، حتى أن زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو أعلن دعمه لأولمرت الذي كان يحيطه على الدوام بسير العمليات العسكرية. بل إن أمهات الجنود المعارضات تقليديا للحرب هن أول من أيد حرب أولمرت في بدايتها.

هذا الـ «أولمرت» قبل عدة سنوات، كان الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون يهدّد به ياسر عرفات عندما لم يقبل بشروط باراك، قائلا: «إذا ذهب باراك فسيجيء أولمرت... إنه أولمرت»!

وربما يتذكر الجميع أن الاسرائيليين فكّروا في وقف العدوان بعد الأسبوع الثاني، وكيف طارت كوندوليزا رايس إلى المنطقة ليستمر العدوان على أمل ولادة شرق أوسط جديد. فالحرب أرادها الأميركان والاسرائيليون حربا خاطفة صاعقة تنتهي في أسبوع، وأرادها الله حربا تنقلب فيها الموازين ويرتد المعتدون على أعقابهم خاسرين. فئةٌ قليلةٌ يقدّرها المحلّلون بين ثلاثة وأربعة آلاف، لا يملكون دبابة ولا طائرة فانتوم، استطاعوا تحويل نتائج الحرب بصمودهم في وجه جيشٍ فالتٍ من كل عقال، فانتهت إلى إصابة آلاف الجنود الإسرائيليين بالأمراض النفسية، وهلوسة المئات حتى ظنّوا أنهم يواجهون جيشا من الجن والشياطين!

النقلة الأهم والأخطر في حرب الصيف الماضي، هو أنها نقلت الحرب إلى عمق الكيان الصهيوني، بعد أن كانت «إسرائيل» تخوض حروبها إلى عمق أراضي الآخرين. ومن هنا يأتي الحديث عن «الفشل» لترقيع هيبة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، التي فوجئت بـ «رد الضربة بضربة»، ما دفع مليون مستوطن في الشمال إلى الهرب إلى الملاجئ أو النزوح جنوبا هربا من صواريخ حزب الله.

الإسرائيليون دخلوا مع العرب أربعة حروب، كانوا يخرجون منها دائما منتصرين، مرة لأنه (ماكو أوامر) للجنود العرب بالقتال، ومرة لأن الأسلحة التي يقاتلون بها مغشوشة، ومرة لأن الجيش يقوده ضابطٌ بريطاني، ومرة لأنهم اخترعوا لهم عدوا آخر من جيرانهم المسلمين صرفوا على محاربته مئات المليارات لمدة ثماني سنوات... ولهذا السبب لم يصدّقوا أن جيش «إسرائيل» يمكن أن يُهزم.

قبل أسابيع، تدّنت شعبية أولمرت إلى 2 في المئة فقط، وهو أدنى مستوى تصل إليه شعبية رئيس وزراء إسرائيلي... حتى شعبية باراك في أسوأ أيامه لم تهبط إلى أقل من 40 في المئة. أما اليوم، فاستقال أحد وزراء أولمرت ودعاه إلى الاستقالة فورا، قائلا: «لا يمكنني البقاء في حكومة يترأسها (الغبي) أولمرت»!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1699 - الثلثاء 01 مايو 2007م الموافق 13 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً