العدد 1702 - الجمعة 04 مايو 2007م الموافق 16 ربيع الثاني 1428هـ

«حزب النواب» في مواجهة الصحافة!

خالد المطوع comments [at] alwasatnews.com

في البداية كنا كغيرنا من كتاب وصحافيين، ينتابنا قلق شديد تجاه التركيبة الطائفية الخطيرة للنسخة البرلمانية الجديدة، وذلك بعد أن نجح الواقع الطائفي المأزوم والمصطنع في إفشال وصول مرشحي «الكتلة الوطنية للتغيير»، وعلى رأسهم الرمز الوطني والمناضل الكبير عبدالرحمن النعيمي (شفاه الله ورعاه) إلى البرلمان.

وأذكر هنا على سبيل التحديد مقولة شهيرة قالها النعيمي حينها «إذا نجح البرلمان بتركيبته المستجدة في السير بخطى ثابتة، وفي صف وطني واحد إلى آخر المشوار من دون اضطراب واعتراك، فسيكون هذا أكبر إنجاز ونجاح يحققه البرلمان، ولو أخفق في التعامل مع جميع الملفات والقضايا!»

وحذر آخرون من أن البرلمان الحالي سيشهد في كل جلسة من جلساته لكمة وصفعة ووقاحة طائفية، وكادت أن تتحقق تلك التشاؤمية السوداء التي كانت واقعية جدا حينما قاطع أعضاء كتلة الوفاق الحضور إلى الجلسة الأولى وما قبلها، فأطلق عليهم البعض من المتربصين حينها لقب «نواب التأزيم»!

ولكن شيئا فشيئا تبخرت تلك السوداوية حينما رأينا حال النواب المشطورين طائفيا يحققون الأعاجيب، وأصبحوا الأقرب إلى تأسيس حزب سياسي برلماني مشترك، ربما هو أول حزب سياسي في تاريخ البحرين، ليس بهدف بحث وتناول القضايا الوطنية والمعيشية الكبرى التي انتخبهم لأجلها الناس، وإن كان هنالك تميز ملحوظ في الأداء النيابي قدمه النائب جواد فيروز وغيره من زملائه النواب، وإنما تأسس الحزب النيابي الواحد لمواجهة جميع فعاليات «ربيع الثقافة» وللتفتيش في ثنايا الإبداع عن ما يخدش «العرض» و»الكرامة» و»الشرف»!

واليوم يعاود الحزب السياسي النيابي الالتئام من جديد برئاسة اللجنة التشريعية أو قل «اللجنة المركزية»، وبدعم وفاقي مستغرب من قبل الشيخ علي سلمان، ورئيس اللجنة التشريعية الوفاقي المزكى خليل مرزوق في سبيل التصدي لمطالبات وزارة العدل للبرلمان بنزع الحصانة عن النائب محمد خالد تمهيدا لمباشرة التحقيق معه في واقعة توجيه الشتائم البذيئة والعبارات النابية إلى رئيس تحرير صحيفة «الأيام» عيسى الشايجي، إذ عللت اللجنة التشريعية هذا الرفض والرد السلبي لكون القضية المرفوعة ضد النائب خالد هي قضية كيدية، وهو ما زاد من الأمر غموضا وإثارة!

فكيف توصل الإخوة الأفاضل أعضاء اللجنة التشريعية البرلمانية إلى أن القضية كيدية برمتها، هل عقدوا محاكمة قضائية خاصة بهم استمعوا فيها إلى أقوال وإفادات مختلف الأطراف الداخلة في القضية، وهل استوعبوا جميع الشهادات ومحصّوها خير تمحيص ليتوصلوا إلى حكم العدالة النيابية القاطع حينها بتبرئة خالد وربما تجريم الشايجي؟!

هل في الأمر تشكيك في نزاهة وعدالة القضاء البحريني الذي ينبغي أن يكون له الحكم الفصل في صدقية أو كيدية هذه القضية المرفوعة ضد خالد، وهو ما قد يراه البعض؟ وألا يدخل مثل ذلك التحقيق أصلا ضمن أولى وأجدى اختصاصاته، وهو الذي سيتولى إما تبرئة النائب خالد ورد اعتباره، أم تجريمه ومعاقبته؟!

أم هو تندر حكم نيابي وأمر تنظيمي حزبي لحفظ الإجماع والاجتماع الوطني داخل المجلس عبر الاحتفاظ بحصانة خالد، والسكوت عن شتم صحفي ورئيس «جمعية الصحفيين البحرينية» وقبلها فرد ومواطن وإنسان أيا كان حكم الذوات والتجارب تجاهه؟!

أم هو إعلان لتبادل تسجيل النقاط والمآثر، وربما يرقى إلى صفقة نيابية مشتركة بين «الوفاق» و»المنبر»، ونوع من غزل سياسي بليغ يمكن تحشيمه باصطلاح «إبداء حسن النوايا» للطرف الآخر، عسى أن يذكر هذا الطرف مثل هذا الجميل مستقبلا، ويتعاون في بعض الأجندة والملفات والتمكينات؟!

وإن صح إيجابا الحديث عن غزل سياسي أو إبداء حسن نية أو توفيقات وتصفيقات وتمكينات متبادلة بين «الوفاق» و»المنبر» لأهداف وأجندة مستقبلية، فهو موقف مصلحي وبراغماتي بحت غير مبدئي، يرغب في التضحية بالمحاكمة القضائية لواقعة معلنة بشأن سب صحافي وممثل لجمعية تمثل صحفيين أيا كانت نقاط الاختلاف والاتفاق معه، وذلك في سبيل أمور وأجندة أكبر مستقبلا!

أي أن يصبح الصحافي والصحافة لدى النواب هذه المرة بمثابة «الطوفة الهبيطة» التي يتسلقها النواب لنسج غزلهم السياسي، أو تصفية حساباتهم مع بعضهم البعض، كما هي «الطوفة» التي تعكزوا عليها سابقا في الربيع الانتخابي «الوطني» وتنصعوا بها!

ما أود أن أنبه إليه في هذا المقال هو ليس السعي قدر الإمكان إلى زج النائب محمد خالد في بطن محاكمة قضائية عسى أن يسهل توريطه ومعاقبته لاحقا، وهو الذي سبق وأن تورط وكان طرفا في عديد من الأمور والحوادث البرلمانية الخطيرة التي أثارت بلبلة وجدلا، وإنما رغبة في تطهير وتصفية الجرح المفتوح حاليا بين حزب نيابي ومجتمع صحافي خيفة أن يمتلأ بالجراثيم والميكروبات مستقبلا، وبالإضافة إلى غاية لنصح الإخوة النواب بعدم اللجوء إلى التضحية بحلم تحقيق العدالة والإنصاف المستحق إما في خطوة مصلحية سياسية أو تعصب زملائي ورفاقي، وبالأخص أعضاء كتلة الوفاق «الكتلة الأكبر» الذين عولنا عليهم كثيرا برلمانيا باعتبارهم ممثلو المعارضة الوحيدون الذين نجحوا في الوصول إلى البرلمان، ولكون بعضهم قد حمل معه تاريخا نضاليا في فترة من الفترات قد تشفع له على رغم شح الكفاءة وتواضعها كأغلب حال النواب الآخرين مع كونهم أصحاب برنامج انتخابي مميز حافل بتناول القضايا المعيشية الكبرى التي تضنينا وتشقينا كمواطنين، وربما في تصريح النائب محمد المزعل ونصيحته الموجهة إلى زميله محمد خالد خير بيان وخير دعوة للتصميم على إثبات البراءة عبر المواجهة للمحاكمة القضائية!

وإن أخفق أصحابنا في «الكتلة الأكبر» في الصد والهجران السياسي أول مرة، فليس معناها النجاح في الغزل السياسي ثاني مرة؟!

وعلى رغم ما بيني وما بين عيسى الشايجي من اختلاف وتباين في الرؤى والمواقف وحتى التوجهات ماضيا وحاضرا، وهو ما يدفعني بحكم التوق إلى تحقيق الإنصاف والعدالة، وقد يدفعني بحكم عصبية الانتماء المشترك إلى المجتمع الصحافي إلى الانحياز في صف الصحافة وممثليها أيا كانوا إذا ما استمر الإخوة النواب «وفاقيين» و«منبريين» و«أصاليين» مواصلة حزبيتهم لغرض ما في ذواتهم، ولحديث قد لا تفقهه إلا الروح، ليكون حزبا في مواجهة حزب، وهو ما لا نتمناه أبدا فالقضاء هو خير جهة لحسم هذا الموضوع إذا استعصت الحلول الودية في أي أمد منظور!

إقرأ أيضا لـ "خالد المطوع"

العدد 1702 - الجمعة 04 مايو 2007م الموافق 16 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً