العدد 1703 - السبت 05 مايو 2007م الموافق 17 ربيع الثاني 1428هـ

التوترات في علاقات روسيا تعد اختبارا لتماسك الاتحاد الأوروبي وصبره

سعى صانعو السياسة في الاتحاد الأوروبي منذ فترة طويلة إلى تحقيق السلام والاستقرار والازدهار عند حدود الاتحاد وساندوا الرؤية الخاصة باتحاد أوروبي تحيط به دول مجاورة يتم حكمها بطريقة جيدة وذات نوايا حسنة.

ومع ذلك، ولسوء الطالع بالنسبة للاتحاد الأوروبي، فإن الواقع السياسي الأوروبي الحالي مختلف بشكل صارخ. ونظرا لان روسيا تتخذ موقفا مناهضا للغرب بسبب عدد متباين من القضايا ،بما في ذلك الصواريخ والطاقة ووضع الأقليات الروسية في دول منطقة البلطيق، بالإضافة إلى استمرار الغموض بشان موقف موسكو إزاء الوضع النهائي لإقليم كوسوفو، فإن آمال الاتحاد الأوروبي في تحقيق الاستقرار على حدوده تتلاشى بسرعة.

وتعد الفوضى عن حدوده ليس فقط اختبارا للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي وتهديدا للأمن الأوروبي، فإنها تعد أيضا تحديا لوحدة كتلة متباينة على نحو متزايد تضم 27 دولة ولقدرتها على التحدث بصوت واحد على المسرح الدولي.

وقد برزت العلاقات مع روسيا التي تحتل أسبقية رئيسية بالنسبة للاتحاد الأوروبي المتعطش إلى الطاقة على جدول الأعمال في أعقاب توسيع التكتل الأوروبي ليشمل عشر دول جديدة ثلاث منها (استونيا ولاتفيا وليتوانيا) كانت جزءا من الاتحاد السوفياتي السابق وخمس دول أخرى كانت ضمن أوروبا الشرقية ذات العلاقات الوثيقة مع موسكو.

وكنتيجة لتوسيع الاتحاد الأوروبي أصبح لخمس دول أعضاء في الاتحاد الاوروبي (استونيا ولاتفيا ولتوانيا وبولندا وفنلندا) حدود برية مباشرة مع روسيا . ودفع توسيع الاتحاد الأوروبي أيضا الاتحاد إلى الاتصال المباشر مع أوكرانيا وبيلاروس واقرب إلى مولدوفا والقوقاز.

وأعقب توسيع الاتحاد الأوروبي تفجر النزاعات بين بروكسل وموسكو.

ووصلت التوترات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا إلى نقطة الغليان العام الماضي عندما قطعت موسكو لفترة قصيرة إمدادات الغاز إلى أوكرانيا،

مما تسبب في حدوث نقص في إمدادات الطاقة في أجزاء كثيرة في أوروبا.

وشجب بشدة صانعو السياسة الغاضبون في الاتحاد الأوروبي الخطوة الأحادية الجانب بوصفها إشارة إلى أن روسيا التي تسعى إلى تأكيد الذات تستخدم مواردها الضخمة في مجال الطاقة - إذ توفر موسكو 25 في المئة من استهلاك الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي - كأداة سياسية.

وازدادت العلاقات توترا بعدما رفضت روسيا أن توقع على ميثاق دولي بشأن الطاقة يصفه الاتحاد الأوروبي بأنه حيوي لضمان وصول الغرب إلى سوق الطاقة الروسي الضخم .

ومما يضيف إلى الوضع القاتم الحالي، تشعر روسيا بالغضب إزاء خطط الولايات المتحدة الخاصة بنشر جزء من نظامها الدفاعي المضاد للصواريخ في بولندا وجمهورية التشيك، اللتين كانتا تابعتين لروسيا في الماضي وهما الآن عضوان في الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي (الناتو). ووضعت أزمة حالية بين استونيا وروسيا بشان إزالة نصب تم إقامته في تالين( عاصمة استونيا ) خلال العصر السوفياتى لجنود الجيش الأحمر الذين لقوا مصرعهم في الحرب العالمية الثانية، علامة استفهام بشأن الخطط الخاصة بعقد قمة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا في مدينة سمارا في 17 و18 مايو/ أيار الجاري.

وعلاوة على ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي يشعر بالقلق من أن معارضة روسيا لمقترحات حديثة للأمم المتحدة بشأن منح كوسوفو الاستقلال تحت الإشراف الدولي تعنى انه قد يتم إلى اجل غير مسمى تأخير اتخاذ قرار نهائي بشان وضع الإقليم الصربي المنشق.

ويقول دبلوماسيون ان دول الاتحاد الأوروبي تريد المضي قدما في عقد القمة مع روسيا حتى يمكن إثارة القضايا المتعلقة بالنزاع بين استونيا وروسيا.

ولكن مسئولي الاتحاد الأوروبي يعترفون بان لايزال يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يصيغ إستراتيجية جيدة بشان التعامل مع روسيا الغنية بالبترول والواثقة من نفسها والتي تسعى لتأكيد ذاتها.

ويحذر الدبلوماسيون في بروكسل من أن موسكو اليوم لديها ميل كبير لتسييس القضايا وربط القضايا المختلفة ببعضها، مما يجعل من الصعب جدا أن تصبح شريكا تفاوضيا. وصرح مسئول آخر بالاتحاد الأوروبي «روسيا تواصل اختبار صبرنا ووحدتنا».

ويجعل اعتماد أوروبا على الغاز الطبيعي الروسي بعض الدول غير مستعدة لإثارة غضب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين - على سبيل المثال عن طريق إثارة قضايا حقوق الإنسان أو الموقف في الشيشان.

ومع ذلك، يشير دبلوماسيو الاتحاد الأوروبي إلى أن موسكو تعتمد بالمثل على أسواق الاتحاد الأوروبي واستثمارات الاتحاد الأوروبي في قطاع الطاقة.

ومما لاشك فيه أن الأسلوب المتشدد الذي تتبناه روسيا يسبب عدم ارتياح لدى الاتحاد الأوروبي حسبما يقول أحد الدبلوماسيين ولكن هناك حدودا للمدى الذي يمكن أن تسلكه روسيا. ويضيف الدبلوماسي نفسه أنه «في عالم العولمة الحالي يتعين على روسيا أن تغير من لهجتها وسلوكها».

العدد 1703 - السبت 05 مايو 2007م الموافق 17 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً