العدد 1709 - الجمعة 11 مايو 2007م الموافق 23 ربيع الثاني 1428هـ

إن للأجيال حقها

لا بد وأن يكون لمفردة «الذوق العام» اعتبارها، ذلك أني قبل يومين وأمام أحد «الفيديو كليبات» الجديدة وجدت نفسي مجبرا على تصنيف ما رأيته بأنه «دعارة» تلفزيونية لا أكثر ولا أقل.

الذي أمسك بشفتي عن أن تنطق بذلك أمام زميلي الذي كانت عيناه مهووستين بمراقبة تموضع المغنية من جانب لآخر ومن «ميلة» لـ «ميلة» هو ذاته ذلك الإحساس الذي انتابني حين هاجمني عديدون على ذوقي «الغنائي» تحديدا.

تذكرت فعلا كيف كان جيل «أم كلثوم» و «عبدالحليم حافظ» و «فريد الأطرش» قاسيا في أحكامه على جيلنا الذي تأثر بتجديدية «عمرو دياب» وغيره. كنا حينها بمثابة أولئك الذين فقدوا حساسية «الغناء» واتجهوا الى فوضى عمرو دياب في أغنيته الشهيرة «سفن أب... سفن أب».

وهكذا سارت بنا الأيام وكنا نرد على منتقدينا بأنهم جاهلون لفارق «التوقيت» بيننا وبينهم. وهذا السبب بالتحديد هو ما دعاني إلى أن أمسك بنفسي عن أن أكرر ما رفضته من قبل، فعلى رغم - قناعتي - بأن العملية الفنية تحولت لمجرد «دعارة» و «تسابق» حول من يكشف أكثر أو «يفتح» أكثر إلا أنني - وعلى غير العادة - أقدر هذه الثقافة الجديدة وأحقية هذا الجيل في أن يشاهد ما يريد وأن يسمع ما يريد أن يستمع له.

لا بد من إنهاء حال الاحتكار التاريخية لـ «الذوق العام»، فنحن الذين تعودنا على نمطية معينة من الغناء والطرب لا يحق لنا أن نغالي في قمع هذا الجيل الجديد في خياراته. الأهم من ذلك، لابد أن ندرك جيدا أن «السوق» له قانونه الذي يتحكم به، وأن القنوات الفضائية لا تقوم بإنتاج مثل هذا المنتوج من دون أن يكون له مستهلكه الذي يدفع التكلفة ويأتي بالربح.

لا بد وأن «السوق» اليوم متلهف جدا لهذا النوع من «الفنون» ولا بد من أن لا نحاول ممارسة دور «الوصاية» فإذا كان المراقبون يعتقدون أن هذا الخيار هو خيار «هابط» فإننا نعيش بالتأكيد ثقافة «هابطة» وإذا كان الجيل الجديد يعتقد بأن هذا النموذج الجديد من الإنتاج الفني هو «التطور» وهو «النقلة الجديدة» فلا بد أن يكون أيضا كذلك.

خلاصة القول، إني لا أجد أنه من الضروري أبدا أن يمارس أحد ما دورا رقابيا مبالغا فيه، باسم «الثقافة» و «العادات» و «الذوق العام» وكلها معايير نسبية، أو حتى من منظور أن انتاج مثل هذه الأعمال هو إهدار للملايين.

إن السوق الغنائية تنظم نفسها بنفسها، والذي يتجه الى أي نوع من أنواع الإنتاج الفني هو مدرك تماما لفرص الربح والخسارة، كما أن التنوع في العرض يتيح لكل مجموعة أن ترتاح في مكانها الذي تحب. من يريد أن يستمع لأم كلثوم فثمة فضاء لها يستطيع أن يدخله، وكذلك الحال بالنسبة الى «أليسا» أو «هاني شاكر». وأخيرا أيضا بالنسبة الى «روبي» و «يارا» و «نيللي». فأين بالتحديد تكمن المشكلة؟ لا أدري!

العدد 1709 - الجمعة 11 مايو 2007م الموافق 23 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً