العدد 1727 - الثلثاء 29 مايو 2007م الموافق 12 جمادى الأولى 1428هـ

هل تستطيع أوروبا إنهاء لعبة يخسرها الجميع مع إيران؟

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

في صيف العام 2006 خاف الدبلوماسيون الأوروبيون من تفاقم وضع الجمود في القضية النووية الإيرانية نتيجة للتصعيد في مجلس الأمن، الأمر الذي يجعل الحل أكثر صعوبة. لقد تحققت هذه المخاوف الآن حيث تحدّت إيران قرارين لمجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع يطالبانها بإيقاف برنامج تخصيب اليورانيوم، وردت بالحد من تعاونها مع المنظمة الدولية للطاقة النووية. حتى الآن لم يحقق ضغط مجلس الأمن أو العقوبات المالية التي تفرضها الولايات المتحدة من طرف واحد من موقف إيران، بل على العكس من ذلك، ثبّت طرفا العملية أعقابهما في الأرض ووضعا حدودا ضيقة لإمكانات إيجاد تسوية، وعلى رغم كلفة العقوبات المالية الأميركية على الاقتصاد الإيراني أعلن نائب وزير الخارجية عباس أراغشي في بداية الأسبوع أن طهران «مستعدة لدفع ثمن» الاستمرار في برنامجها النووي.

«ماذا كانت نتيجة ثلاثة قرارات لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فرض اثنان منها عقوبات اقتصادية؟» تساءل نائب وزير الخارجية الإيراني. «لقد سرّعت إيران خطى نشاطاتها السلمية وحدّت من تعاونها مع المؤسسة الدولية للطاقة النووية. يمكن لهذا أن يستمر، والنتيجة لن تكون سوى تصعيد للأزمة».

إضافة إلى ذلك يحذر خبراء منع انتشار الأسلحة النووية من أن إيران ستجيد «عاجلا أو لاحقا» التكنولوجيا النووية بحيث تصبح أية تسوية نحو تحديد نشاطاتها النووية بعيدة المنال.

المثير للسخرية هو أن هذا الوضع الذي يخسر الجميع فيه أوجد حوافز متوازنة على جميع الجوانب للسعي وراء أسلوب يحفظ ماء الوجه للخروج من هذا الجمود. فبوجود الدولتين الرئيسيتين في المعادلة في مواقف بعيدة كل البعد عن بعضها بعضا، بحيث ترفض إيران وقف التخصيب وترى الولايات المتحدة الإيقاف الكامل للتخصيب على أنه الحل الوحيد المقبول، أصبح التفكير المهم خارج اللعبة أمرا مطلوبا من الأوروبيين حتى يتسنى جَسر هذه المواقف التي تبدو غير متناغمة. فمن ناحية يتوجب على أوروبا أن تكون قوية وصامدة ضد تحدي إيران لقرارين صادرين عن مجلس الأمن. ومن ناحية أخرى يتوجب عليها إعادة تعريف تعليق التخصيب حتى يتسنى مباشرة مفاوضات نحن في أمسّ الحاجة إليها وإنهاء لعبة الخسارة للجميع التي يلعبها الغرب وإيران. وقد قامت أوروبا أخيرا ببذل جهودها الدبلوماسية بصورة أكثر جرأة، إذ دعا الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمنية المشتركة خافير سولانا إلى محادثات أميركية إيرانية مباشرة، وهي رسالة فضّل الأوروبيون إيصالها بسرّية حتى فترة وجيزة، إضافة إلى ذلك فقد اعترف سولانا بأن إصلاح معاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النووية ضروري وأنه لا يمكن النظر إلى الحال الإيرانية بمعزل عن القضايا الأوسع.

إضافة إلى ذلك فقد قام الأوروبيون بنشر الكثير من الأفكار المختلفة حتى يتسنى الحصول على موافقة إيران على شروط التفاوض المسبقة المتعلقة بتعليق التخصيب، بما في ذلك تجمع دولي للتخصيب على الأراضي الإيرانية.

في مفاوضات سابقة مع أوروبا باشرت إيران المحادثات بمفهوم مفاده أن الأطراف ستحدد «شروطا موضوعية» تمكّن إيران من ممارسة حقوقها ضمن معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية وفي الوقت نفسه تقديم ضمانات للمجتمع الدولي ببقاء البرنامج النووي الإيراني مدنيا بشكل صارم. إلا أنه مع تطور المفاوضات تحوَّل موقف أوروبا نحو وجهة النظر الأميركية ومفادها أن الشرط الوحيد الذي يمكن قبوله هو عدم انخراط إيران في عملية تخصيب اليورانيوم من حيث المبدأ.

نتيجة لذلك شعرت طهران بالوقوع في شرك المحادثات إذ إن الاتحاد الأوروبي لم يكن يسعى لتحقيق حلول تضمن بقاء برنامج التخصيب الإيراني سلميا، وإنما كان الهدف إنهاء برنامج التخصيب الإيراني بشكل كامل. قد تستمر طهران في رفض المناداة بتعليق التخصيب ما لم يقتصر إطار المفاوضات على احتوائه حلولا تسمح باستمرار التخصيب على الأراضي الإيرانية، والأهم من ذلك أن يحتوي على أي حل محتمل يمنع إيران من ممارسة هذا النشاط. إلا أن الموافقة على إطار كهذا ستخلق مشكلة أخرى لأوروبا، فواشنطن لم تظهِر بعد أي استعداد لمفاوضات لا تهدف بشكل واضح وصريح إلى إنهاء جميع عمليات التخصيب الإيرانية.

وقد يكون السبيل البديل هو إعادة إحياء فكرة قديمة انتشرت الصيف الماضي في اجتماعات المسار الثاني المختلفة. الفكرة التي أطلقت عليها تسمية «التجميد مقابل التجميد» تتطلب من الطرفين تجميد نشاطاتهما ووقف أي تقدم إضافي ولكن من دون المطالبة بوقف هذه النشاطات. وهذا سيمكّن من بدء المحادثات وفي الوقت نفسه تجنّب متطلب التعليق، إلا أنه يمنع الطرفين من تعزيز مواقفهما من خلال إيجاد حقائق جديدة على الأرض. عبر هذه الفكرة تستمر إيران في نشاطاتها النووية القائمة ولكنها تُمنَع من توسع برنامجها أو إضافة مسارعات نووية جديدة. بهذا تجمّد إيران برنامجها دون تعليقه.

لن تضطر القوى الغربية، من ناحية أخرى، إلى التراجع عن عقوبات الأمم المتحدة ضد إيران، وهي خطوة يبدو أن واشنطن تقدرها، نظرا للصعوبات التي واجهتها في جعل مجلس الأمن يفرض هذه العقوبات بالدرجة الأولى. من خلال الإبقاء على هذه العقوبات كما هي تتجنب الولايات المتحدة سيناريو تقاوم بموجبه روسيا والصين أية جهود لإعادة فرض العقوبات بعد فترة مفاوضات فاشلة.

إلا أن مفهوم «التجميد مقابل التجميد» سيمنع واشنطن من السعي إلى تعزيز نظام العقوبات أثناء فترة المفاوضات. فمسار مجلس الأمن سيجرى تجميده، مثله مثل البرنامج الإيراني، ولكن ليس تعليقه.

يبقى الدعم السياسي لمفهوم «التجميد مقابل التجميد» ضعيفا، ولكن بينما تبدأ جميع الأطراف بالشعور بالألم نتيجة لاستمرار الجمود الحالي، قد تتسارع الفكرة وتوفر للأطراف سبيلا يحفظ ماء الوجه للخروج من لعبة خاسرة للجميع.

*مؤلف كتاب «التحالف المخادع» المعاملات السرية لـ «إسرائيل» وإيران والولايات المتحدة»، وهو كذلك رئيس المجلس الوطني الإيراني الأميركي، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1727 - الثلثاء 29 مايو 2007م الموافق 12 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً