العدد 1742 - الأربعاء 13 يونيو 2007م الموافق 27 جمادى الأولى 1428هـ

كلام جوّاني بلغة حارقة تتناول موضوعات الحياة اليومية

نزال في «مزاج أزرق»...

تُطل علينا الشاعرة الأردنية رانة نزال، المقيمة في البحرين بديوان شعرها الثاني «مزاج أزرق» بعد الأول «فيما كان» والصادرين عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بحساسيتها الجديدة ومزاوجة نصوصها بين شعر التفعيلة وقصيدة النثر.

وكانت مجموعة نزال الأولى أثارت انتباه عدد كبير من النقاد العرب والمحليين، وخصوصا بعد مشاركتها لأكثر من دورة في مهرجان جرش وإحياء أماسٍ شعرية.

وتكثف نزال من لغتها لجهة تشكيل وعي مفارق للحظة الواقعية. وتتبدى تجليات هذا الاتجاه في قصائدها التي تنتمي إلى فضاء «التوقيعة»؛ ما يستدعي قدرة عالية على الاختزال اللغوي.

وتقول في ديوانها ما تقول من كلام جوّاني بلغة حارقة تتناول موضوعات الحياة اليومية من زاوية رؤية تستشرف الآتي عبر تحديقها في الماضي، في الآخر، في الأشياء، بلغة تتفلت من المكان، وتبحث عن مكان يتلبس أشواق الإنسان وظمأه للأنبل والأكمل.

وإذ تنبني الذات عند الشاعرة من الشتات الذي يعم... ويغم فإن تجربتها تمتد إلى الجيل الثالث من الشتات الفلسطيني، الأبناء الذين عاشوا بعيدا عن الأرض، بعيدا عن الجرح وفي الوقت ذاته في عمقه من حيث يدرون ولا يدرون، فكل ما بهم وكل ما عاشوا وسيعيشون يرتبط بها تلك الأرض التي تفوح منها رائحة الصبر والدم والقهر، ولعل المعادل الموضوعي الذي يطل من خلال الديوان في تعسّر ولادته كرؤية متبصرة بواقعها يجعله لاذع النكهة، مستشرسا في خمشه الواقع المرير بحثا عن أفق آخر، يصير فيه للآخر طعم الحليب والسكر... على حين هو في ظل ما هو فيه ينز قهرا، ويترجم تهلّكه في تخفّف من الحياة وتواطؤ بغيض يحرم الأشياء أن تتمظهر في فازاتها الرقيقة العابقة بالورد، ليحيلها إلى مكانات صابئة وملثاتة وملتبسة وقد اختلطت فيها الصور...

تقول:

«قد يمرض الواحد من حمى العناق المرّ

ولربما قد يعترض

على تراخي الروحِ

عند سفح الرغبة العمياء

فيما القلبُ هدّارٌ

وشكّاء بغيض

وممتعض»

وتضيف في اعتراف صارخ بالاستلاب الدامي الذي يجهل الذات بذاتها وينكرها، يدفنها وأدا تحت طبقات من الأقنعة والمرايا الساخرة:

«هذه التي تشبهني

كيف تتصرف مثلي؟

تشرب القهوة

والسجائر العجلة

وتسخر من الجريدة

وتدير المحرك بالطريقة ذاتها

وأذكر أني كنت أعرفها

كانت مني

فكيف جرى أن انفصلنا

ذات صباح شتوي

قبل نهاية السنة

وصرتُ أذكّرها بي فلا تفعل؟»

لغة تراوح بين السرد اللاذع البسيط الذي يحكي الأشياء على ماهيتها وبعلاتها، وأخرى تتبحر وتغوص بعمق على معانٍ ودلالات تحيل إلى النص القرآني، وموروث من الإشارات والدلالات الثقافية الغنية بأبعاد تشف عن تثاقف محمود يصب في سعيه إلى مس الجواني المتحرّق إلى كينونة صائبة وانوجاد أصيل، ومن ذلك:

«ارفع يدك للناظرين

وألقِ عصاك ولا تتردد

ألقِها فأنت الكليم المصطفى

وأنت الندى والرنين»

«... يا جد

منَ مِن بعدك

يَعُدُّ العشيرة...

من يصهل في ودياننا الخضراء

بصرخة الزير القتيل»

بلا تصالح...

لا تصالح».

العدد 1742 - الأربعاء 13 يونيو 2007م الموافق 27 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً