«ليس هذا بسلاح» فيلم وثائقي لمخرج ومخرجة من فرنسا يحاولان من خلاله إظهار الوجه الآخر لحياة الفلسطينيين بعيدا عن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي من خلال التركيز على الحياة الثقافية.
قالت المخرجة الفرنسية الشابة هيلينا كونتيل بعد عرض الفيلم في المركز الثقافي الفرنسي الألماني في رام الله بالضفة الغربية، والذي أخرجته إلى جانب زميلها المخرج الفرنسي بيير دوران: «هذا أول فيلم أشارك في إخراجه وبما أن فلسطين في قلبي حاولت أن اجعل الناس تشاهد الوجه الآخر للفلسطينيين من خلال هذا الفيلم الذي يتحدث عن تعليم الموسيقى في فلسطين».
وأضافت «لقد قمنا بالتصوير على مدار ثلاث سنوات للنشاطات الموسيقية في الأراضي الفلسطينية».
وعلى رغم أن الفيلم يحاول تصوير تعليم الموسيقى في المخيمات والمدن والقرى الفلسطينية من خلال مرافقة الموسيقار الفلسطيني الشاب رمزي أبورضوان من مخيم الامعري في رام الله وزملائه الأجانب من فرنسا وألمانيا في جولاتهم في عدد من المدن الفلسطينية ومخيماتها لإقامة ورش العمل لتعليم الموسيقى فإن آثار الاحتلال تبدو واضحة في هذا الفيلم من الحواجز العسكرية والجدار العازل وأعمال الهدم وانتشار الجنود في المدن الفلسطينية.
وقالت كونتيل: «لا يمكنك أن تصور فيلما في فلسطين وتفرض مشاهد الاحتلال نفسها ومع أن رسالة فيلمنا عن الموسيقى في فلسطين وأن هناك من يريد أن يتعلم الموسيقى وكما شاهدت كان الاحتلال دائما موجودا».
وعلّقت كونتيل على ضحك الجمهور على بعض المشاهد عندما كان يحاول أعضاء الفرق الموسيقية الالتفاف حول الحواجز أو السير إلى جانب الجدار قائلة: «عندما شاهد الجمهور في فرنسا هذه المقاطع كان يصرخ من الحزن على المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني».
ويترك الفيلم المجال واسعا للأطفال للتعبير عن أنفسهم في مشاهدَ تعكس أثر العنف على تفكيرهم فعندما تسأل فتاة لا تتجاوز السنوات العشر: «ماذا تريد أن تصبح عندما تكبر؟»، تقول: «مدرسة». وعندما تسألها: «لماذا؟»، فإنها تجيبها: «لأضرب الطالبات».
ويخصص الفيلم مساحة واسعة لفتى فلسطيني اسمه عدي خطيب قال إن عمره أربعة عشر عاما، ولكنه يبدو اصغر من ذلك بكثير لصغر حجمه وعندما طلب منه أن يغني غنى بصوت جميل أغاني تتحدث عن الاحتلال والمعاناة.
وكان هذا الفتى بمثابة اكتشاف من قبل الموسيقار رمزي وزملائه فانتقل هذا الشاب من الغناء في مخيم الفوار في بيت لحم إلى إحياء حفلات فنية في القدس وبيت لحم وبعد ذلك في باريس ليعتمر الكوفية الفلسطينية ويغني لفلسطين وقد شارك حديثا في إحياء حفلات في دبي.
وتدافع كونتيل عن مشهد في الفيلم يحاول فيه رجل يظهر بلحية بيضاء أن يمنع أطفالا من تعلم الموسيقى ويخاطبهم قائلا: «ألستم مسلمين؟» ويبدأ بإخراجهم وقالت: «لم أقصد الإساءة إلى الإسلام ولكن هذا ما حدث ورأيت مسلمين كثيرين يسمعون الموسيقى ولكن هذا جزء من المعاناة التي يعانيها الشعب الفلسطيني».
وكان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات حاضرا في هذا الفيلم الوثائقي عندما استقبل فرقة موسيقية قدمت أمامه معزوفة موسيقية لفرقة كانت تتنقل بين المدن والمخيمات الفلسطينية وقد التقط جميع أعضاء الفرقة صورا تذكارية مع عرفات الذي تمنى لهم رحلة موفقة في الأراضي الفلسطينية.
ويعكس هذا الفيلم طبيعة المرحلة التي صُوِّر فيها في الأعوام من 2003 حتى 2005 والتي شهدت مواجهات دموية بين الفلسطينيين والإسرائيليين كادت تودي بحياة عدد من الموسيقيين حينما كانوا في طريقهم إلى جنين حيث تعرضوا لإطلاق نار من مقاتلين فلسطينيين باتجاههم ظنا منهم أنهم وحدات إسرائيلية خاصة تحاول دخول مخيم جنين في الوقت الذي كانوا متوجهين فيه للترفيه عن أطفال مخيم جنين.
ويصوّر الفيلم جزءا من مراحل ترميم مبنى قديم في مدينة رام الله حُوِّل إلى مركز الكمنجاتي الذي أعادت الموسيقى الحياة إليه ويتعلم فيه مئات الأطفال الموسيقى إضافة إلى إنشائه مدرسة متنقلة لتعليم الأطفال في المخيمات الفلسطينية الموسيقى ليحقق بذلك الموسيقار رمزي أبورضوان حلمه بإقامة مدرسة لتعليم الموسيقى لكل الأطفال الفلسطينيين.
وقالت كونتيل: «أتمنى أن أتمكن من عرض الفيلم في مدن إسرائيلية ليشاهد الإسرائيليون الوجه الآخر لحياة الفلسطينيين مع أني سأعرضه في الناصرة وهناك الكثيرون الذين يعتقدون بأن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية قتل ودمار فقط».
وقال عازف العود في مركز الكمنجاتي لتعليم الموسيقى سائد كرزون الذي يظهر غير مرة في الفيلم: «الموسيقى سلاح للحياة والثقافة والإبداع وهي لغة العالم وتبيّن الوجه الآخر لنا نحن الفلسطينيين».
وسيستمر عرض هذا الفيلم في الكثير من المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية بعد عرضه في عدد من الدول الأوروبية.
العدد 1742 - الأربعاء 13 يونيو 2007م الموافق 27 جمادى الأولى 1428هـ