العدد 1748 - الثلثاء 19 يونيو 2007م الموافق 03 جمادى الآخرة 1428هـ

حين أصابت الوفاق في شأن قانون التأمين ضد التعطل وأخطأت في غيره

عباس هاشم Abbas.Hashim [at] alwasatnews.com

إنها ضجة بنسبة كبيرة مفتعلة حول الـ 1 في المئة المقتطعة لصندوق التأمين ضد التعطّل، فأصحاب الرواتب المتدنية مثل 200 دينار، لن يغنيهم الديناران المقتطعان، ولن يدفعا عنهم حاجة ولن ينزلا بهم أسفل خط الفقر الذي هم تحته وفي «الأرض الرابعة» منه.

هذا لا يعني الرضا بهذا الاقتطاع ابتداء حين يكون من دون تمييز بين أصحاب الرواتب المتدنية والعالية، فالمشروع فيه ثغرات وهذه إحداها، ولكن إيقاف المشروع فيه ضرر بالغ بالمتعطلين الذين ما زالت أعدادهم ذات أربعة أرقام أي بالآلاف، بجانب الكثير ممن يفقدون وظائفهم لأسباب مختلفة، ما يعني استمرار تسلمهم للراتب بنسبة 60 في المئة من الراتب الأصلي (500 دينار حد أقصى حسب قانون التعطل) حتى يجدوا وظيفة تناسب مؤهلهم.

من حق الآخرين المطالبة برفع هذه النسبة عن ذوي الدخل المرتفع وفقا لطريقة الضريبة التصاعدية المعمول بها في الدول المتقدمة وغيرها، أما رفض المشروع لمجرد عدم تحقق ذلك أو لاستفادة العسكريين من دون أن يشاركوا في الدفع لأسباب تدخل في كتم سرّ أعدادهم وأعداد من تم تجنيسهم ورواتبهم وكم تصرف الدولة عليهم، أو الحديث عن احتمال تلاعب الأجانب بأموال المشروع، ومن ثم المطالبة بمنع هؤلاء من الاستفادة من المشروع، وأكثرهم من المقهورين الذين يعملون كالأقنان والذين طالما تخلصوا من حياتهم عن طريق مراوح السقف، مع أنه عندما يشملهم هذا المشروع لا يعني تكريس وجودهم كما يستسيغ للبعض طرحه، فوجودهم مرتبط بمدة الإقامة الممنوحة لهم قانونيا.

هذه الأسباب وغيرها غير كافية لرفض هذا المشروع وبالمطلق، بل أجد في رفضه معاقبة للذات وجلدها. ومثل هذه الإشكالات مشكلة الحكومة بالدرجة الأولى وليست مشكلة المواطن، فالتأكيد ينصب على وجوب أن ينال العاطل حقه من دون بخس، والتفكير ينبغي أن ينصب على تطوير المشروع خصوصا فيما يتعلق بتعديل المعونات (المادة 25)، والتي قد تصبح بعد عدة سنوات كمصروف جيب لتلميذ الثانوية.

إن بعض ما يتم ترويجه يدلل على وجود فهم مغلوط بشأن القانون، فالبعض غير راض عن اقتطاع الـ 1 في المئة تحت زعم أنه غير مستفيد من هذا التأمين، بينما القانون يشبه أي قانون تأمين، إذ يدفع الأفراد نسبة من رواتبهم، ولكن في حال حدوث مكروه لأحد المشتركين في هذا التأمين، يتم الدفع له من ماله ومال الآخرين، وقس على ذلك التأمين الاجتماعي للهيئة العامة للتأمينات في بعض الحالات، فعندما يتوفى يُنظر في ورثته، فمن كان منهم مستحق للنفقة ، يُدفع له وفقا لشروط محددة، ثم يتوقف الدفع ويتم توجيه المال لصالح بقية المشتركين إذا انتفت الشروط. ومثل ذلك التأمين على السيارة، فمن يصاب بحادث هو المستفيد من تجميع المال من المشاركين، أما الباقين فلا ترجع لهم أموالهم أبدا. ولو ترك التأمين اختياريا، فستسمع في كل يوم من يطلب المساعدة بسبب حادث سيارة اتلف فيها أملاك الآخرين أو أتلف سيارة باهظة الثمن وليس لديه ما يدفعه.

وفي رأيي، ان الجمهور كان سيقبل إمضاء القانون لو عرضته جمعية الوفاق عليه وبيّنت لهم الخيارات الصعبة التي وقعت فيها نتيجة للمادة 123 من قانون اللائحة الداخلية لعمل مجلس النواب التي تنص على قبول المرسوم الملكي أو رفضه من دون تعديل، ولكن العتب على الجمعية التي أهملت التواصل مع قاعدتها الجماهيرية لاستشفاف الآراء بخصوص هذا القانون قبل إصداره، وعطلت طويلا ملتقى الوفاق الذي أصبح بلا جمهور بسبب زهد أعضاء الجمعية الكبار في حضوره، ولو فعلت ذلك، لما احتاجت كل هذه الندوات واللقاءات الحالية. وإذا كانت الوفاق قد أصابت - في رأيي- حين أمضت هذا القانون، فقد وقعت في الخطأ فيما يتعلق بقانون صندوق العمل الذي سيستنزف نسبة كبيرة من دخل عامة الشعب. وقد تتسبب رسوم قانون صندوق العمل في استنزاف نسبة تفوق مرات النسبة المقتطعة لقانون التأمين ضد التعطّل، والفرق هو اقتطاع غير مباشر في حال قانون صندوق العمل في قبال اقتطاع ضئيل ولكنه مباشر في حال قانون التأمين على التعطّل دفع لهذه الضجة التي بدأت تتعملق وتزداد حجما مثل كرة الجليد المتدحرجة من أعلى الجبل. في مقال قادم سنعرض وجهة نظرنا الناقدة لقانون صندوق العمل وبعض الإشكالات التي لم يجب عليها الرسميون منذ ثلاث سنوات، ومع ذلك تم إمضاؤه.

إقرأ أيضا لـ "عباس هاشم"

العدد 1748 - الثلثاء 19 يونيو 2007م الموافق 03 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً