العدد 1752 - السبت 23 يونيو 2007م الموافق 07 جمادى الآخرة 1428هـ

لِمَ أدموا قلوبنا مرتين؟

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

أصبحنا أكثر الناس حزنا وألما، كيف لا؟ والإمامان العسكريان أقلقا في مرقديهما الشريفين للمرة الثانية، شعور غاضب يعترينا، ومرارة تعتصرنا، حدث قاس علينا، يهزنا من الأعماق، ويترك فينا أثرا لا تداويه الأيام والسنون، إذ مازلنا نكتوي بنار التفجير الأول، حتى يداهمنا الثاني، لماذا يتعمدون إدماء قلوبنا وهم يعرفون أننا لم نعد نتحمل المزيد؟ إنهم ليسوا من البشر في شيء، إنهم مغول القرن الواحد والعشرين.

في صبيحة يوم الأربعاء 13 يونيو/ حزيران غدت سامراء شبيهة بالقيامة، خرج العراقيون عن بكرة أبيهم إلى الشوارع وهم يجهشون بالبكاء على غير عادة، وهم يرون مرقد العسكريين قد أصبح بلا قبة ذهبية ولا منارتين، وقد كانتا عبر التاريخ معلما من معالم سامراء تتلألأ عن بعد، يبصرهما الزائر قبل عشرات الكيلومترات، وما يزيدهم ألما وكمدا أنهم حموا الروضة أكثر من ألف عام من دون أن يصيبها أذى، واليوم وللمرة الثانية تفجر الروضة الشريفة وهم في غفلة من أمرهم.

تضم الروضة الشريفة قبر الإمام العاشر للشيعة وهو الإمام علي الهادي بن محمد الجواد المتوفى العام 868م (254هـ)، وابنه الإمام الحادي عشر الحسن العسكري المتوفى العام 874م (260هـ) والذي دفن إلى جوار أبيه، كما تضم قبر السيدة حكيمة بنت الإمام محمد الجواد، أخت الإمام الهادي، وعمة الإمام الحسن العسكري، وزوجته السيدة نرجس وهي أم الإمام المهدي آخر أئمة الشيعة، والذي تشير المراجع الشيعية إلى أن غيبته كانت من هذه الروضة الشريفة. تقع هذه الروضة في مدينة سامراء التي بناها الخليفة العباسي الثامن المعتصم بالله العام 836م (221هـ) في شمال بغداد، وتمتاز الروضة العسكرية بقبتها الذهبية المهيبة التي تعد من أكبر قباب الأئمة بالعالم الإسلامي، ويبلغ محيطها 68 مترا بقطعها الذهبية البالغة 72 ألف قطعة ومنارتيها الذهبيتين اللتين يبلغ ارتفاعهما 36 مترا. ويرجع تشييد هذه القبة إلى حاكم الدولة الحمدانية ناصر الدولة الحمداني العام 945 م (سنة 333هـ)، وقد توالت عملية البناء والتطوير في الروضة عبر مختلف العصور، وعندما حكم الصفويون الشيعة بغداد، أبدوا اهتماما ببناء وتعمير مراقد الأئمة، ولم تستثن الروضة العسكرية من هذا الاهتمام، إذ كسا السلطان ناصر الدين شاه القبة بالذهب العام 1867م، بينما أنفق عمه فرهاد ميرزا أموالا كثيرة على تذهيب المنارتين.

نحن بحاجة إلى وقفة صادقة ضد تلك الجرائم البشعة بحق بيوت أذن الله أن يرفع فيها اسمه، بيوت تحيط بها السكينة والهدوء، وتغمرها العبادة والخشوع، ينبغي أن تكون ملاذا للعباد للانقطاع والسلام، لا للإجرام وتصفية الحسابات، يجب إيقاف كل الممارسات، ونشر ثقافة احترام المقدسات الدينية لكل ديانة وطائفة وعدم مساسها بأي سوء، يجب أن تصدر دور الفتاوى فتوى تحرم تلك الجرائم، وإنزال أقسى العقوبات على مرتكبيها، فالاستنكار وحده لا يكفي هنا، فمتى كانت ثقافة تفجير القبب ومنارات المساجد تسري بيننا؟ وفي أي دين وبأية إنسانية تمس عقائد الناس في جذورها بكل دناءة ووحشية؟

ألم يئن الأوان لعلماء هذه الأمة ومثقفيها التحرك بشكل جدي قبل إن نحترق جميعا بنار الطائفية؟

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 1752 - السبت 23 يونيو 2007م الموافق 07 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً