العدد 1762 - الثلثاء 03 يوليو 2007م الموافق 17 جمادى الآخرة 1428هـ

خليج توبلي...بيت الخلاء الكبير!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من حسن حظ خليج توبلي أن مشروعات سكنية واستثمارية كثيرة نفذت حوله، تحت إغراء أنها تطل على البحر، حتى باتت الأرض هناك من أغلى الأراضي في البحرين.

ومن حسن حظ الخليج أنه يحتضن بيوت بعض كبار تجار البلد، بل منازل عدد من الوزراء أيضا (وزيران سابقان، ووزيران حاليان، اثنان منهم وزراء سيادة)، وهو ما قد ينعش الأمل في إمكان إحياء الخليج المحتضر، وفق خطةٍ جادةٍ تستنفر فيها الوزارات المعنية كل طاقاتها، إذا صدقت النية وتم الالتزام بالقرارات التي أصدرها مجلس الوزراء، بانتظار علاج حقيقي وجذري يستغرق بضع سنوات.

وضع الخليج لا يسر حتى العدو، بل إن سكان جزيرة سترة يشكون من الروائح ليلا، حتى أثناء عبورهم الجسر بسياراتهم فيضطرون إلى رفع زجاج النوافذ تجنبا للروائح المؤذية، فكيف بحال المقيمين في المنطقة؟

عندما تتجوّل في الخليج المنكوب، فستكتشف أن كثيرا من المنازل هناك مهجورة، وخصوصا الفلل التي بنيت للإيجار فلم يعد يُقبل عليها أحد، إذ سرعان ما يتركها المستأجرون بعد شهر أو شهرين لعدم تحمّل الوضع، فليس هناك مستأجرٌ مستعدٌ أن يفتح نافذته على دورة مياه مفتوحة على امتداد الأفق. بل إن هناك مشروعات استثمارية تورّط أصحابها؛ بسبب تحوّل الخليج الجميل إلى «بيت خلاء» كبير!

ثم ان المحطة التي أُعِدَّت لاستيعاب مخلفات 700 ألف نسمة، تستقبل مخلفات أكثر من مليون نسمة، بحسب بعض التقديرات، مع ازدياد عدد السياح من جهة، ومن جهةٍ أخرى بسبب التوسع العشوائي في عمليات التجنيس، التي أضافت عشرات الآلاف إلى سجل المواطنين في ظرف زمني قصير. فالتجنيس ليس فقط إعطاء جواز وتوفير وظيفة وسكن للبحريني الجديد، وإنّما له ضريبته الفادحة على الموارد والصحة والمياه والبيئة أيضا.

من هنا، نكرّر إن قرارات مجلس الوزراء الأخيرة لن تكفي لإنقاذ الخليج، وهو ما ذهب إليه البلديون في تصريحاتهم أمس، من أن فتح قنوات مائية لن ينهي الأزمة، إلاّ أن ما يلفت النظر هو ما جاء في اللقاء الذي نشرته «الوسط» أمس لمدير إدارة الثروة السمكية جاسم القصير. فهذه التصريحات التي غطت صفحة كاملة، لو عصرتها فلن تحصل على أكثر من جملة مفيدة واحدة «الخليج بحاجة إلى خمس سنوات ليعود كما كان»، هذا إذا افترضنا توقف محطة توبلي فورا عن إلقاء مخلفاتها، وتوقف المصانع الخمسة لغسل الرمال.

المثير ما تضمنه اللقاء من مغالطات لا تليق برجلٍ مسئولٍ عن الثروة السمكية. فإذا غضضنا عن سكوته عن الجرائم البيئية طوال السنوات السابقة، فمن غير المقبول أن يحاول تخفيف آثار الجريمة، بالادعاء أن «الجزء الأكبر من الخليج صالح للحياة البحرية»، أو أن «أسماك خليج توبلي غير ملوثة ويمكن تناولها»، فهذا كلامٌ لا يمكن شراؤه في هذا الزمان.

أحد المواطنين من قرية النويدرات منزله مجاورٌ للبحر، اتصل صباح أمس معلّقا أن فتح المعابر لن يفيد كثيرا؛ لأنها لا تزيد على مترين، وكشف أن مجاري القرية مؤقتة وصممت لتلقي مياه مجاريها في الخليج. وهي معلومةٌ قد لا يعرفها من يغط في مكتبه ثم يستيقظ ليفتي الناس بأكل الأسماك من خليجٍ حوّله الإهمال والتواطؤ ومصالح مافيات الأراضي... إلى «بيت خلاء» كبير!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1762 - الثلثاء 03 يوليو 2007م الموافق 17 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً