العدد 1778 - الخميس 19 يوليو 2007م الموافق 04 رجب 1428هـ

إذاعة البحرين مقصد المواهب المبدعة وصاحبة أول تسجيل خليجي لمطرب

تحتفل الأسرة الإعلامية البحرينية غدا (السبت) بالذكرى الثانية والخمسين على إنشاء إذاعة البحرين التي يصادف تاريخ تأسيسها 21 يوليو/ تموز العام 1955 تنفيذا لأمر من حاكم البحرين آنذاك المغفور له الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، وبمناسبة تدشين أول إذاعة في البحرين أقيم آنذاك احتفال مميز اشتمل برنامجه على كلمة حاكم البحرين جاء فيها «نفتتح دار إذاعة البحرين اللاسلكية، هذه الدار التي ستحمل كلمتنا إلى العالم العربي والإسلامي، وتحافظ على ما لهذه البلاد من صلات ودية وفكرية، إذ بها تتحقق اليوم غايات سامية من الغايات التي تسعى إليها حكومتنا دائما، فعلى شعبنا العزيز أن يساهم مساهمة فعالة نحو هدفنا القوي ألا وهو إسعاد هذه البلاد والتقدم إلى الخير والسعادة».

وإن كانت بداية الإذاعة تتسم بالبساطة من حيث التجهيز في مبناها المكون من المكاتب الإدارية وقسم الرصد والأخبار وقسم الهندسة المحتوي على أجهزة البث وأستوديو الدراما والأستوديو الصغير للأخبار والبرامج وغرفة المراقبة التي يجرى منها وضع الاسطوانات والأشرطة لبثها على الهواء والمكتبة الإذاعية التي تضم الأشرطة والاسطوانات، فإن ما كان يضيف عليها سمة التميز ويشد السمع إليها هو تلك الأصوات الوطنية التي اعتلت منابرها وصدعت حناجرها بصوت عربي فصيح يعلن للملأ عن موقف وطني حيال قضية من قضايا الأمة العربية أو حدث من الحوادث العالمية التي هزت العالم وأثرت فيه.

أول مشرف واكتشاف الأصوات الواعدة

وكان إبراهيم كانو هو المشرف على سير العمل في الإذاعة بتكليف أميري وهو المكتشف للأصوات الإذاعية الواعدة وهو نفسه من يحرر نشرة الأخبار ويستقي مصادرها من المحطات الإذاعية الأخرى ويسجل بصوته النصوص الشعرية وقصائد المدح النبوي الخالدة التي يعاد بثها إلى يومنا هذا. يرافقه في مسيرته هذه أسماء أرادت لنفسها موقع الريادة في الذاكرة الوطنية بعملها المخلص وصوتها المميز منها على سبيل المثال لا الحصر عتيق سعيد الذي اشتهر بالتأليف الدرامي والإعداد البرامجي واحتضان الأطفال عبر برنامجه الشهير «ركن الأشبال» وهو البرنامج ذاته الذي خرجت منه بدرية عبداللطيف رئيسة الإذاعة حاليا.

والى جانب سعيد كان هناك عبدالرحمن عبدالله الذي أنيطت إليه مهمة الإخراج الإذاعي وتشغيل الأجهزة الالكترونية، وكذلك أحمد سليمان الذي قدِم من إذاعة «بي بي سي» وعمل مراقبا للبرامج ثم تولى مسئولية امتحان المذيعين المتقدمين للعمل في الإذاعة، إلى أن جاءت سنة 1977 التي كلف فيها بتأسيس أول إذاعة ناطقة باللغة الانجليزية وكان بثها يقتصر على ست ساعات فقط ويتنوع بين الموسيقى والبرامج والأخبار والإعلانات والتجارية إلى أن تزايدت ساعات بثها ووصلت لثماني عشرة ساعة بعد خمسة عشر شهرا من بدء الإرسال وصار أحمد سليمان رئيس إذاعة راديو بحرين. وكانت الإذاعة منذ نشأتها مقصدا لكل من يمتلك المواهب المبدعة ويريد إبرازها وصقلها على يد الرواد فكان من بين الأسماء الفتية التي سطعت في سماء الإعلام البحريني إبراهيم كانو وعبدالرحمن عبدالله وحسن كمال وأحمد كمال وغيرهم من الإعلاميين الذي تركوا منذ خمسينيات القرن الماضي ولايزالون بصمة عبر مشوارهم الحافل بالعطاء والتميز. وفيما يخص المواد البرامجية فقد كانت ساعات بث الإذاعة على رغم محدوديتها زاخرة بالمواد والبرامج ذات المضمون والترفيه الهادف، إذ تضم في باقتها تلاوات من آيات الذكر الحكيم والأحاديث والمدائح النبوية والقصائد والأغنيات الشعبية القديمة التي كانت تؤدى من قبل المطربين المحليين وكذلك الزائرين من البلاد العربية أمثال الفنان محرم فؤاد وحضيري بوعزيز وغيرهم من الفنانين.

ازدياد ساعات البث إلى 18 ساعة

وفي فترة الستينات والسبعينات ازدادت ساعات البث تدريجيا، وتنوعت برامج الإذاعة ووصلت مدة الإرسال إلى 18 ساعة متواصلة يوميا تبدأ من الساعة السادسة صباحا وحتى منتصف الليل.

ومن الأسماء التي سطعت في تلك الحقبة الزمنية التي كان معظمها من العنصر النسائي عائشة عبداللطيف وأمينة الشملان وبهية الجشي وبدرية عبداللطيف وبروين زينل، ومن المخرجين عبدالواحد درويش ونبيل العلوي وعبدالنبي حسين وإبراهيم عيسى. ومن المفارقات التي تذكر أن أحمد يتيم أخذ على عاتقه مسئولية تقديم برنامج عن المرأة لمدة سنتين برغم الكفاءات النسائية الموجودة آنذاك.

الانتقال للمقرّ الجديد في 1982

وهكذا تدرجت الإذاعة في التطور والتحديث من حيث تأهيل الكفاءات العاملة ومضمون البرامج والتسجيلات التي تنتجها وتبثها ومع تزايد وتفرع نشاطها كان لابد من إيجاد مقر بديل للإذاعة ومضاعفة عدد الاستوديوهات، ولذلك انتقلت الإذاعة في العام 1982 لمقرها الجديد في مدينة عيسى بعد أن كانت في منطقة العدلية. وقد أقيم بمناسبة افتتاح مجمع وزارة الإعلام حفل كبير تحت رعاية أمير البلاد الراحل المغفور له سمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة ما شكل خطوة ملموسة على طريق التطوير والتحديث لوجود الأجهزة الحديثة المتطورة. وساعد على تقديم خدمة إذاعية متكاملة تزويد المبنى الجديد للإذاعة بتسعة استوديوهات وبأحدث الأجهزة اللازمة لتسجيل مختلف أنواع البرامج بكل دقة وسهولة وأصبحت الإذاعة تبث برامجها على موجتين متوسطتين طولهما 801 و612 كيلوهيرتز وبجهازي بث قوة كل منهما 100 كيلوواط بعد أن كانت بدأت بكيلوواط واحد بداية تأسيسها.

تجربة البث الخارجي المستمر

وفي مطلع التسعينيات بدأت إذاعة البحرين تجربة إعلامية جديدة بالبث المستمر على مدى أربع وعشرين ساعة تلاها تطوير البث الإذاعي في العام 1991 لإيصال صوت البحرين إلى العام الخارجي من خلال الموجة القصيرة. ولعل أبرز ما يميز إذاعة البحرين عما سواها من الإذاعات الخليجية والعربية مكتبتها حيث يصطف على رفوفها ما يزيد على مئة ألف شريط من الأغاني والبرامج المختلفة، بل ويعتبر مخزون مكتبة إذاعة البحرين من الأغاني التراثية البحرينية والخليجية من أهم ما يتوافر في الإذاعات الخليجية نظرا للسبق الذي حققته البحرين في مجال التسجيلات الصوتية إذ إن أول تسجيل إذاعي لمطرب كان من نصيب المطرب الكبير الراحل محمد زويد في العام 1928.وبرغم كل هذه السنوات التي طواها سجل الإذاعة فإنه مازالت إذاعة البحرين تحتفظ بمكانتها كوسيلة إعلامية مهمة رغم شدة المنافسة واحتدامها مع الإذاعات الأخرى والقنوات الفضائية وغيرها من وسائل الاتصالات الحديثة كالإنترنت، وهي تحرص على تعزيز مكانتها كوسيلة إعلامية عن طريق تنويع مضامين برامجها وإتاحة الفرصة للمستمعين من مختلف الأعمار والتيارات للمشاركة فيها في أجواء تتسم بحرية الرأي والتعبير لتواكب مرحلة الإصلاح التي تعيشها المملكة، إضافة إلى التنوع في تقديم الخدمات الإعلامية باستحداث القنوات الإذاعية المتخصصة والموجهة مثل إذاعة القران الكريم وإذاعة الأغاني الشعبية وإذاعة الطرب والإذاعة الإخبارية وإذاعة بحرين إف إم.

جائزة اليوبيل الذهبي

وبحجم هذه الانجازات الملموسة في مسيرة إذاعة البحرين لاغرو أن تتبوأ الصدارة مقارنة بالأجهزة الإعلامية المحلية الأخرى ويشهد على ذلك حصولها على اليوبيل الذهبي في احتفالية مميزة تشرفت الأسرة الإذاعية البحرينية فيها بلقاء ومصافحة رئيس الوزراء سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة. وتم خلال الحفل تكريم رواد العمل الإعلامي والإذاعي في المملكة ومن توالى على حمل حقيبة وزارة الإعلام.

وعكس الحفل الذي أقيم في العام 2006 اهتمام وزير الإعلام محمد عبدالغفار بالإذاعة وتطوير عملها ودعمها بكل الوسائل التقنية والبشرية لأداء رسالتها الإعلامية المهمة في المجتمع.

العدد 1778 - الخميس 19 يوليو 2007م الموافق 04 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً