العدد 1780 - السبت 21 يوليو 2007م الموافق 06 رجب 1428هـ

عناصر لاتفاق ثان في مكة

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

من الواضح أن معظم الدول العربية، وخصوصا المملكة العربية السعودية ومصر، أهم القوى العربية اقتصاديا وعسكريا، تريد من حركتي فتح وحماس الفلسطينيتين إصلاح العلاقات التي أصيبت بالضرر واستئناف المحادثات من أجل التسوية والوصول في نهاية المطاف إلى اتفاق مكة الثاني الذي يعرّف بوضوح ترتيبات المشاركة في السلطة على أساس الأولويات الوطنية.

لعبت المملكة السعودية من قبل دورا كهذا لإنقاذ لبنان من مصائب الحرب الأهلية. كان لبنان الذي مزقته الحرب منقسما إلى حركات سياسية وطائفية تتصارع على السلطة والسيطرة. قام السعوديون بعمل جبار لوضع معاهدة الطائف التي وفرت الاستقرار والتشارك في السلطة في لبنان، وبقي الحال كذلك حتى حرب لبنان الثانية مع «إسرائيل» العام 2006. وتحاول المملكة السعودية والجامعة العربية مرة أخرى تحديث معاهدة الطائف لمواجهة التحديات التي فرضتها التطورات الإقليمية الأخيرة.

وفي فلسطين، تحتاج معاهدة مكة التي رعتها السعودية إلى جهود جديدة حثيثة من قبل السعودية وغيرها من الدول العربية للتغلب على العلاقات التي تصدعت أخيرا بين فتح وحماس، نتيجة لاستيلاء حماس العسكري على قطاع غزة من قبل القوة التنفيذية وكتائب عز الدين القسام.

لقد ساعدت معاهدة مكة الأولى على تشكيل حكومة وحدة وطنية لم تدم طويلا، إلا أنها لم تحل خلافات رئيسية عن التشارك في السلطة وإنشاء ثقافة الشراكة السياسية.

يدرك جميع قادة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وحماس أن الصدع الأخير تسبب بالأذى لوحدة الشعب الفلسطيني وصورته وتطلعاته الوطنية. بعد الصدمة الرهيبة، تطالب العقول الهادئة في فلسطين والعالمين العربي والإسلامي كلا من فتح وحماس بالتغلب على الهبّات العاطفية والاتهامات الغاضبة التي وقفت عائقا أمام احتمالات الوصول إلى الاستقلال والخلاص من الاحتلال.

أدركت مصر والمملكة السعودية بسرعة أن مهمتهما الأولية هي شفاء الجروح العميقة داخل المعسكر الفلسطيني. قررت مصر، التي سحبت بغضب وفدها العسكري من غزة الذي كان يشارك بثقل في محادثات التسوية الفلسطينية، أن عليها استئناف هذا الدور. كما أشارت السعودية، بعد مشاورات جادة أجراها الملك عبدالله آل سعود مع الرئيس مبارك والملك عبدالله الثاني ملك الأردن، وبتعابير واضحة جدا للرئيس عباس ضرورة استئناف المفاوضات مع حماس. وكمؤشر على عدم رضاه أجّل الملك السعودي لقاءه مع عباس في الأردن عندما كان في زيارة رسمية في عمّان.

حتى داخل حركة فتح، يجرى تقييم انهيار قوات الأمن الموالية لعباس في غزة. الخلافات برزت في فتح، وانتقد زعماء من اللجنة المركزية لفتح، مثل هاني الحسن، الحركة وتم تعنيفهم وطردهم من قبل قادة آخرين. هذا الحوار الصحي، على رغم كونه لاذعا وقاسيا، قد يؤدي إلى انعقادٍ مبكر لمؤتمر فتح السادس لإعادة تنظيم الحركة وضخ دم جديد والقيام بإصلاحات ملحّة لإعادة هيكلة فتح حتى يتسنى تفنيد الانتخابات المقبلة عن طريق طرد القادة الذين تلطخوا بالفساد.

عند هذا المنعطف، وإعدادا لمعاهدة مكة الثانية المحتومة، يتوجب إدراك الحقائق والعناصر المهمة التالية وأخذها بعين الاعتبار: يدعم المجتمع الدولي بكامله ومعظم الدول العربية والإسلامية الرئيس عباس المنتخب ديمقراطيا كونه الصوت الشرعي للشعب وللسلطة الفلسطينية ويرغبون بتقويتة. كذلك يتوجب أن يحصل الرئيس عباس ومكتبه على دعم حماس، كونه الطرف المسئول عن المفاوضات الرسمية مع الحكومة الإسرائيلية.

لقد نجح رئيس الوزراء سلام فياض على رأس مجموعة من التكنوقراطيين المستقلين في كسر المقاطعة والعقوبات التي واجهت حماس وحكومة الوحدة.

للمرة الأولى منذ خمس عشرة سنة تمكن رئيس الوزراء فياض من دفع رواتب موظفي الدولة كاملة، ومازال يتسلم العائدات الضريبية المجمدة من «إسرائيل». ويتوجب أن تبقى حكومة فياض، ربما لسنتين قادمتين، حتى تنجح جهود التسوية أو يتم إجراء انتخابات مبكرة، حتى يتسنى لها تحقيق استقرار الاقتصاد وتوحيد وإصلاح الشرطة وقوات الأمن والاستمرار في الإصلاحات الضرورية للحكم الجيد. وقد يسمح هذا الدور، بموافقة فتح وحماس، لفياض بالبقاء فترة ثانية بعد معاهدة مكة الثانية. ولكن في هذه اللحظة الحاسمة فإن الأمر أساسي للاقتصاد الفلسطيني ولتوفير الاستقرار لوزارة فياض للاستمرار في مهمتها.

ويتوجب كذلك على حكومة فياض إعادة التفاوض على صفقة الغاز البريطانية (BG-CCC) بهدف إيجاد صندوق لمدة خمسة عشر عاما لإعادة إعمار قطاع غزة، وبقيمة 250 مليون دولار سنويا على الأقل حتى يكون له أثر وحتى يعيد الحياة لاقتصاد غزة. ومن الأمور الملحة الأخرى أمام فياض إحضار مياه الشرب إلى غزة خلال الشهور الستة المقبلة، من تركيا أو عن طريق تحلية مياه البحر. إيماءات ضرورية جدا كهذه تجاه السكان الفلسطينيين في غزة ستثبت من دون أدنى مجال للشك أن غزة غير مهملة وقد تساعد حماس وفتح على العمل معا نحو تحقيق الأهداف الوطنية.

يتوجب على حماس كذلك أن تكون جزءا من عملية صنع القرار، فهي حركة سياسية مهمة حُرمت من الشرعية. لقد تسببت بالأذى بالتأكيد لاحتمالاتها المستقبلية باستخدامها القوة للسيطرة على غزة. يتوجب على حماس التأكيد على دورها السياسي والعسكري. لقد أشارت إلى استعدادها لاستئناف محادثات التسوية مع فتح. وحتى يتسنى التغلب على الصراع على السلطة مع فتح يتوجب على حماس، ولفترة المجلس التشريعي الحالي قبول ممارسة التشارك على السلطة من خلال قاعات البرلمان وألا تنسلخ عن الهيكل التنفيذي القائم حاليا. وستنتهي هذه الفترة عند إجراء انتخابات وطنية جديدة بعد نجاح محادثات التسوية. وفي المجلس التشريعي، حيث تتمتع حماس بغالبية، فإنها تستطيع إفشال التصرفات التي لا تتناسب مع خطوط اتفاق مكة الثاني الإرشادي.

تحتاج حماس لأن ترسل إشارات إيجابية ورسائل إلى أصدقائها وأعدائها. إطلاق سراح ألان جونستون مراسل البي بي سي المخطوف شكّل عملية علاقات عامة ناجحة بالنسبة إلى حماس. ومع عودة الوفد المصري إلى غزة يتوجب على حماس إتمام عملية تبادل أسرى مع «إسرائيل» في أسرع وقت ممكن، تغلق ملف الجندي الأسير جلعاد شاليط.

* العضو الفلسطيني المشارك في مركز «إسرائيل» - فلسطين للبحوث والمعلومات، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1780 - السبت 21 يوليو 2007م الموافق 06 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً