العدد 1782 - الإثنين 23 يوليو 2007م الموافق 08 رجب 1428هـ

استعادة الشرعية إلى فلسطين

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

Common Ground

مايكل ماير - ريزندي وميشيل باترنوتري* 

أخطأ الغرب عندما اعتقد أن من الصحة تشجيع الانتخابات الديمقراطية في المناطق الفلسطينية السنة الماضية، إذ إن حماس لا تستطيع الفوز بانتخابات كهذه. الزعماء الغربيون يخطئون مرة أخرى عندما يقترحون أن الرئيس عباس هو اللاعب الفلسطيني الوحيد الذي يملك شرعية ديمقراطية وأنه فاز بالانتخابات بشكل ساحق، بحسب ممثل الأمم المتحدة رود لارسن.

وهذا أمر لا تدعمه الحقائق. فقد انتخب عباس العام 2005 بغالبية بلغت 60 في المئة من الأصوات، إلا أن هذه الانتخابات لم تعارضها حماس. عباس حصل على نصف مليون صوت من أصل 1،2 مليون ناخب. وبعد سنة، وفي انتخابات أكثر تنافسا حصلت حماس على 44 في المئة من الأصوات، أي نحو 440.000 صوت. وتعتبر الجولتان من الانتخابات ديمقراطيتين بشهادة الكثير من المراقبين الدوليين.

يشير آخر استطلاع أجراه المركز الفلسطيني لبحوث السياسة والاستطلاع أن 13 في المئة فقط من الذين استُطلعوا ذكروا أنهم قانعون بأسلوب عباس في التعامل مع الأزمة، وأن معدل شعبيته قد انخفضت إلى 36 في المئة. طبعا يبقى عباس الرئيس الشرعي، ولكن ليس أكثر من كون حماس الحزب الشرعي الحاكم. وبعكس المنظور السائد بأن الضفة الغربية هي «أرض فتح»، فازت حماس فيها السنة الماضية بنسبة أكبر من المقاعد البرلمانية مما فازت به في قطاع غزة.

الشرعية وإدراكها أمر مهم، فهي الحصن الوحيد ضد الانهيار الكامل للحكومة في مضمون انحطت فيه قوات الأمن «الحكومية» إلى درك الأدوات الحزبية. من الحيوي إذا البحث عن حلول للأزمة ترتكز على شعور الفلسطينيين بالشرعية وليس تلك التي يجرى تصورها في العواصم الغربية.

ستتآكل شرعية الرئيس عباس إذا لم يتمكن من توفير الاستقرار وبسرعة. من ناحية قانونية يبدو أن مفعول سلطة حكومة الطوارئ ينتهي بعد 30 يوما. وبحسب القانون الرئيسي يتوجب على ثلثي المجلس التشريعي تأكيد حالة الطوارئ، إلا أن ذلك لن يحدث إذ إن حماس تسيطر على المجلس ولأن الكثير من المشرّعين يقبعون في السجون الإسرائيلية. وتشكل فترة انتهاء الصلاحية البالغة 30 يوما مشكلة بالنسبة إلى المانحين الذين يريدون آليات محاسبية شفافة وقانونية. ولكن ذلك كله يعتبر بشكل واسع قضية سياسية وليس قضية قانونية. ويريد نحو 75 في المئة من الفلسطينيين انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة، تتغلب على قضية الشرعية. ويبدو ذلك مغريا بالنسبة إلى فتح، إذ إن نتائج الاستطلاعات تظهر بعض التراجع في دعم حماس (33 في المئة) وتقدم عباس على هنية من حماس في حال حدوث انتخابات رئاسية. إلا أن الانتخابات قد تشكل مقامرة خطيرة بالنسبة إلى فتح لأنها أوجدت نظام انتخاب يفضّل الناخبين المنضبطين، وليس هذا من ميزات فتح. والأهم من ذلك أنه يبدو من المستحيل إجراء انتخابات صحيحة في الظروف الحالية. وقامت لجنة الانتخابات المستقلة بمهمة مثيرة للإعجاب في الانتخابات الأخيرة، ولكن من يستطيع ضمان استقلالهم في الأوضاع السائدة؟ وكيف يمكن لفتح إجراء حملات انتخابية في غزة أو لحماس إجراء حملات في الضفة الغربية؟

إذا كيف يمكن تجنب المزيد من الحرب الأهلية، ومن أين يتوجب على الشرعية أن تتدفق؟ إحدى نتائج استطلاع الرأي التي كثيرا ما تغرق في بحر إعلام الأزمات في فلسطين هي أن 70 في المئة من الفلسطينيين يفضلون التفاوض مع «إسرائيل» بشأن دولة فلسطينية في غزة ومعظم الضفة الغربية. وتحافظ مفاوضات سريعة بشأن الوضع النهائي على شرعية عباس، إلا أن ذلك أمر بعيد الاحتمال. قد يكون من الضروري اذا إضفاء الشرعية على مفاوضات كهذه منذ البداية. السنة الماضية لعب عباس بفكرة إجراء استفتاء على «مذكرة الأسرى»، وهو إعلان أصدره الفلسطينيون المعتقلون في السجون الإسرائيلية، ومنهم مروان البرغوثي القائد من فتح الذي يتمتع بشعبية كبيرة. نادت الوثيقة بحكومة وحدة ومفاوضات سلام مع «إسرائيل» يجريها الرئيس عباس ومنظمة التحرير الفلسطينية. يومها استخدم عباس فكرة الاستفتاء للضغط على حماس لاتخاذ موقف أكثر مرونة.

وتكوّن فكرة الاستفتاء مازالت تتمتع ببعض الحسنات مقارنة بانتخابات سريعة أو عدم إجراء الانتخابات. ويستطيع الرئيس عباس، بالإشارة إلى وثيقة الأسرى أو من دونها، أن يجري الاستفتاء لإعطائه تكليفا للتفاوض على اتفاق سلام ضمن إطار زمني محدد، واعدا بطرح أية صفقة للسلام للاستفتاء مرة أخرى. وقد يكون من الصعب على حماس أن تعارض خطة كهذه، التي تعد بالرجوع إلى الفلسطينيين بشأن أهم القضايا، في مواجهة تداعي السلطة الفلسطينية. إلا أنه يتوجب على عباس اقتراح ذلك في مفاوضات بنية صافية مع حماس لأنه لا توجد قاعدة قانونية واضحة لإجراء استفتاء، ويتوجب على حماس ألا ترى ذلك على أنه مجرد إعادة لمبادرة السنة الماضية. يتوجب على عباس أن يعرض شيئا في المقابل، كحكومة من التكنوقراط للإشراف على الشئون الداخلية حتى انتهاء مفاوضات السلام والانتخابات العامة التي تليها.

الوقت الحالي لإجراء مفاوضات سلام هو أسوأ من قبل سنتين، عندما لم يضغط أحد على «إسرائيل» لمحادثة عباس وحكومته من فتح، إلا أنه من غير المحتمل أن يتحسن الوضع. يتوجب على الغرب ألا يدعم فتح لتقاتل حماس، التي تستطيع تحويل المناطق الفلسطينية إلى عراق أخرى. لقد ارتكبت كل من فتح وحماس جرائم فظيعة ضد بعضها، وهذا أمر لا يمكن عكسه. يتوجب على المجتمع الدولي أن يشجعهما بقوة على الحديث مع بعضهما بعضا، وأن يدعم «إسرائيل» للتفاوض. معظم الإسرائيليين يفضلون حل الدولتين. صفقة سلام مع حدود متفق عليها هي فقط التي تسمح للعالم بالتمييز بين ما إذا كان استخدام «إسرائيل» للقوة في الضفة الغربية يهدف إلى حماية حدودها أو إلى توفير غطاء للتوسيع المتواصل للقرى والمستوطنات. ولكن يبدو أن الوقت يمر بسرعة بالنسبة إلى حل الدولتين. لا يوسع الفلسطينيون الشرعية السياسية لعباس فحسب من خلال التصويت لصالح تكليف عباس بالتفاوض من أجل السلام، وإنما يخلقون قوة الاندفاع السياسية لنوع مفقود من المفاوضات الجادة منذ العام 2001.

* يعملان في Democracy Reporting International وهي مجموعة مركزها برلين تشجع الديمقراطية، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1782 - الإثنين 23 يوليو 2007م الموافق 08 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً