العدد 1786 - الجمعة 27 يوليو 2007م الموافق 12 رجب 1428هـ

أموال آسيوية تغزو الأسواق الغربية

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أفادت مصادر إعلامية، قبل أيام أن بنك باركليز (BARCLAYS) البريطاني توصل إلى اتفاق مع الصين وسنغافورة يجعل حكومتي الدولتين مساهمين رئيسيين في البنك البريطاني دعما لمساعيه من أجل الاستحواذ على بنك أيه.بي.إن أمرو (ABN- AMRO) الهولندي العملاق.

وبموجب الاتفاق سيحصل بنك التنمية الصيني (China Development Bank) على حصة نسبتها 3.1 في المئة في باركليز، في حين سيحصل صندوق «تيماسيك» (Temasek) الاستثماري السنغافوري على حصة نسبتها 2.1 في المئة مقابل ضخ استثمارات بقيمة 2.5 مليار استرليني للمصرف البريطاني.

ومن المتوقع أن يستغل بنك باركليز الذي يتنافس مع مجموعة مصرفية يقودها مصرف رويال بنك أوف سكوتلاند للاستحواذ على «أيه.بي.إن امرو» تلك الأموال في زيادة عرضه للبنك الهولندي إلى 54.4 مليار جنيه استرليني.

ومما رشح من معلومات يبدو أن على بركليس أن يقدم عرضا مغريا لبنك «أ ب ن امرو»، يفوز به بملاك الأسهم في البنك الهولندي. ومنافسو بركليس، الذين يشكلون الثلاثي البنكي: «رويال بنك أوف سكوتلاند»، «فورتس» و»سانتاندر» الاسباني، لا يعدّون لتقديم عرض أكبر فقط بل سيؤدون نقدا أكبر جزء من سعر الشراء. وأما بركليس فلا يستطيع أن يؤدي نقدا مبلغا كبيرا، لذلك فانه يحتاج لأموال آسيا.

وقال معلقون إن الصفقة تؤكد تصميم الصين وسنغافورة على استخدام قوتهما المالية الكبيرة للاستحواذ على حصص استراتيجية في المصارف والشركات الغربية في حين يأمل باركليز أن تساعده «القوة المالية الآسيوية» على الفوز في حرب الاستحواذ على «أيه.بي.إن أمرو» الهولندي.

وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) أنه في حال نجاح عرض باركليز للاستحواذ على أكبر المصارف الهولندية فإن الشريكين الصيني والسنغافوري سيشتريان مزيدا من الأسهم بقيمة تصل إلى 6.6 مليارات إسترليني في البنك المدمج.

من جانب آخر، ذكرت وكالة أنباء «شينخوا» الصينية الرسمية أنه إضافة إلى ذلك، فإن باركليز تعهد لبنك التنمية الصيني بتقديم مساعدة كبيرة في عملية التحديث التي يجريها، وأن المصرفين وقعا اتفاق تعاون. وسيساعد باركليز البنك الصيني على تطوير هيكل إدارته من خلال نقل التكنولوجيا وبرامج التدريب.

وعلى رغم ان المستثمرين، بمن فيهم الصينيون والسنغافوريون، ينظرون إلى الإمكانات الموجودة لتحقيق أرباح جيدة، وليس للأمر علاقة بالتأثير السياسي، كما أن الاستثمار في أوروبا حاليا مربح، وخصوصا الآن، والاستثمار في الولايات المتحدة الأميركية يتراجع بسبب تراجع قيمة الدولار. لكن يبدو أن هذه الخطوة الآسيوية بدأت تثير مخاوف الدوائر السياسية الغربية. فقد صرحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الأسبوع الماضي، بضرورة إنشاء مكتب أوروبي من أجل تفادي أن تباع شركات رغما عنها لشركات دولة خارج أوروبا. وصرحت المفوضية الأوروبية في هذا الشأن بأنها ستنظر في الأشهر المقبلة فيما إذا كانت هناك إجراءات لابد من اتخاذها.

يشار هنا إلى أن مثل هذا النزوع الاستثماري من العالم النامي ليس بالشيء الجديد، فقد اشترى شاه إيران السابق، حصة لابأس بها في شركة «ديملر بنز» الألمانية، وهو ما فعله أيضا الزعيم الليبي القذافي مع شركة «فيات» الإيطالية. لذلك ليس هناك من جديد تحت الشمس، والاستثمارات الآسيوية تجد باستمرار طريقها نحو أوروبا. ولا ينبغي أن يبرز أي مشكل من جراء كون الأمر يتعلق هذه المرة ببنك الدولة الصيني وصندوق تمويل سنغافوري له علاقة مع الحزب الحكومي «باب».

البعض يربط بين هذا التحرك الآسيوي وما جاء في تقرير البنك الدولي الذي حمل عنوان «الموجة التالية للعولمة» مستشرفا آفاق المستقبل بعد 25 عاما من الآن. ورسم التقرير عدة سيناريوهات تخيل فيها عالما تكون فيه بلدان العالم النامية عوامل محركة لنمو الاقتصاد العالمي، كما تخيل التقرير أيضا عالما تأتي فيه نحو نصف القوة الشرائية للاقتصاد العالمي ـ أو يزيد ـ من بلدان العالم النامية، التي ستضم كذلك «الطبقة متوسطة الدخل» والبالغ عدادها نحو 1.2 مليار شخص. وأكثر من ذلك ـ عالما انخفض فيه عدد الأشخاص الذين يعيشون على أقل من دولار أميركي واحد للفرد في اليوم من 1.1 مليار شخص كما هو الحال حاليا إلى 550 مليون شخص في العام 2030.

ووفقا لـلمستشار الاقتصادي بإدارة التجارة الدولية بالبنك الدولي ومؤلف هذا التقرير الذي نشر على الموقع الالكتروني للبنك الدولي ريتشارد نيوفارمر، فإن ما تؤكده هذه الظاهرة هو استمرار للاتجاهات السائدة في الفترة الأخيرة، إذ تسارعت وتيرة النمو في البلدان النامية على مدى العقد الأخير، ومن المُتوقع أن تظل على قوتها على الأجلين المتوسط والطويل.

كما يتوقع مدير فريق البنك الدولي هانز تيمر، أن تصل معدلات النمو التي تشهدها بلدان العالم النامية لهذا العام ما نسبته 7 في المئة، وأن تتخطى نسبة 6 في المئة في العامين 2007 و2008، وهو ما يعني أنها ستفوق بواقع الضعف المعدلات المتوقعة في البلدان المرتفعة الدخل التي تبلغ نحو 2.6 في المئة.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1786 - الجمعة 27 يوليو 2007م الموافق 12 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً