العدد 1798 - الأربعاء 08 أغسطس 2007م الموافق 24 رجب 1428هـ

العجمـــــان قبيلـــــة ياميـــــــــــة همدانيـــــة

الرياض - أبوعبدالرحمن بن عقيل الظاهري 

08 أغسطس 2007

لعل لعلماء نجد وِجادات عن هذه القبيلة لم أطلع عليها بعد؛ لأن منها أسرة كبيرة مباركة ذات ظلال وارفة قديمة، وهم أسرة آل حصنان أبا الحصين أهل الرس الذين حلوا بها منتصف القرن العاشر كما ذكر ذلك إبراهيم بن ضويان وذلك الوقت وقُبَيله كان وقت هجرات من اليمن إلى تخوم الجزيرة وأطرافها وخارجها وفي هذه الأسرة رجال علم قدماء، ولابن ضويان كتاب عن نسب آل أبي الحصين لابد أنه ذكر فيه نسب العجمان، ولم أطلع عليه.

وأقدم نص رأيته عن نسبهم غير نص ابن رسول الذي يتعلق بعجمان غير عجمان المملكة قول حسن بن جمال الريكي الذي الف كتابه العام (1233هـ): وأما العجمان فهم في الأصل طوائف من اليمن ولكنهم من مئة سنة احتلوا نجدا إلى أن قال: وهم يرجعون نسبا من يام بداة نجران ويرجع أصلا إلى قحطان.

وقال الشيخ محمد بن حمد البسام التميمي النجدي (1246هـ): ومن القبائل المذكورة، السامية المشهورة، الذين قام الدهر مؤرخا ديباجة عزته بفضلهم وهم المسمون بالعجمان وأخبارهم معقولة، وفي القراطيس منقولة هؤلاء المؤرخون إلى آخر الزمن، وكبيرهم الآن اسمه جابر بن مانع، عسكره عشرون الف مقارع أخلاقهم كريمة وأخلاقهم لايدرك لمحامدها قيمة.

ويليه نص الشيخ إبراهيم بن صالح ابن عيسى (1343هـ) قال: وهم من همدان من قحطان ينتسبون إلى مذكر بن يام بن أصبى بن دافع بن مالك بن جشم بن خيران بن همدان كما هو معروف في كتب الأنساب.

يريد المعروف سلسلة النسب بين يام وهمدان وتابع ابن عيسى في نسبتهم إلى مذكر من جاء بعده من المؤرخين المحليين سوى ابن زيد فإن سياقه يدل على نسبتهم إلى مرة بن يام.

وأضاف ابن جمران أنهم من ذرية ألغز بن مذكر بن يام، بل وصل نسب جدهم مرزوق هكذا: مرزوق بن علي بن هشام بن ألغز.

أما التحديد بمرة، أو مذكر، أو ألغز بن مذكر: فلا يقبل إلا بعلم موصل كالإسناد إلى مصدر مؤرخ يلتحم بالمصادر قبله قبل عهود الأمية والعامية والانقطاع وما ورد من الشعر العامي المعاصر كقول سالم بن حوشان العجمي من آل سليمان:

ولعل جد حط مذكر ضنينة

تكتب له الجنة مع الأبرار

فإنما هو إشاعة مصدرها المؤرخ المحلي المعاصر، وليس من العلم المتوارث لبعد القرون، وشيوع الأمية والعامية ومن باب أولى أن يكون ذلك حكم اتصال سلسلة النسب بين مرزوق وألغز، وأما الانتساب إلى يام بإجمال فهو الاستفاضة الصحيحة الراجحة التي لا يوجد أقوى منها؛ لأن بني يام باقون على اسمهم إلى هذا اليوم، معروف نسبهم في همدان بالاتصال؛ ولأنهم جاءوا من بلاد يام على نظر المؤرخ المحلي؛ ولأن شعرهم العامي القديم ظل مفتخرا بالانتساب إلى يام وما بين مجيئهم إلى نجد فالشرقية من نجران إلى هذا الوقت لا يتجاوز ثلاثة قرون لم تنقطع فيها الصلة بيام وبلادها فهذا تقبل فيه الاستفاضة المتصلة بخلاف دعوى الاستفاضة المتصلة بعهود جد جاهلي قبل الجاهلية الأولى، وهو مذكر، أو ألغز، أو مرة باتصال والتحام حفظته العامة وند عن التاريخ المدون قبل عصور العامية!

ومن براهين الاتصال بيام بنجران غير مجيئهم من تلك الأصقاع مناصرة يام لهم في التاريخ المدون عن حوادث عامي(1117هـ)، (1178هـ)، وهكذا استنجد بهم عبلان في قصيدته التي مطلعها:

لا ياسعد دنوا معاويد ضمر

عيرات من حدب الظهور النجايب

ولا نستبعد أن لدى ابن عيسى زيادة علم من وجادة أو غيرها في نسبته إياهم إلى مذكر ولانستبعد ذلك ذاته أيضا في نسبة ابن مغيرة إياهم إلى مرة بن مذكر ولكن لا سبيل إلى صحة القولين معا إلا بدعوى أن العجمان من جدين من يام ولا قائل بذلك.

إذا نظل على الرجحان الذي حكمه حكم اليقين في نسبتهم إلى يام بإجمال إلى أن يوجد زيادة علم محقق يصلح للترجيح.

وأما العجمان الذين ذكرهم ابن رسول، وغمزهم بأنهم من الفرس: فليسوا هم عجمان المملكة، وليست دعوى الفارسية بصحيحة

لقد ذكر ابن رسول من بطون عنس من مذحج بني يام، وقال: وهم غير يام الذين هم من همدان.

وقال: والجحافل من مذحج ثم عد العجمان من الجحافل.

وقال عن العجمان: والعجمان نسبتهم إلى العجم يقال: إن جدهم فقير عجمي نجع من خراسان، فأولد خمسة: قراد، وأبو الفم، وظفر، وعياش، وفياض فتفرعوا خمس قبائل: آل قراد ورؤساؤهم أبو بكر من علي بن مرشد وكان قبله خشيبة بن فلاح، وأبوبكر بن عبدالعزيز وكان قبله القرادي الذي سبق وآل أبي الفم رؤساؤهم عياش بن يزيد بن أبا جعران، ومحمد بن عصية المرقع، وأحمد بن أبا شقرة وآل ظفر رؤساؤهم عياش بن جرير بن عياش، ويحيى بن عمر بن عياش، وبنو عمهما، وآل عياش يدخلون في جملة عياش بن جرير وآل فياض رؤساؤهم الكروَّس بن نعيم، وهم يدخلون في آل ظفر، هذه الخمس قبائل ينسبون إلى العجمان، وهم أكثر أهل دثينة رجلا، وأصحاب الفساد الكثير، ومبلغهم مئة وعشرون فارسا وثلاثمئة رجل.

وقال: وأما أهل الفساد من الجحافل وأصحاب الأخذ في الطريق فهم العجمان كافة وعد من الجحافل آل يحيى بن علي، وقال: قبائل كثيرة يجمعهم آل عزب، ثم فرع آل عزب وعد منهم آل سالم، ثم قال عن عموم العزب: ولم يخرج منهم سوى عمر بن أبي الكروَّس وآل سالم بالفساد والقتل، فانتجعوا إلى العجمان وصاروا من جملتهم.

وقال: ·وأما أهل الفساد من الجحافل وأصحاب الأخذ في الطريق فهم العجمان كافة وآل يحيى بن علي بن عمر بن أبي الكروَّس مِدَقّة وأصحابه، وينضم إليهم آل سالم، وما عدا هؤلاء فليس منه فساد ذكر كل ذلك في سياقه لأهل حضرموت.

هذه قبائل يامية مذحجية حضرمية، وليست قبائل يامية همدانية نجرانية وليس وجود يامٍ مذحجيةٍ غير يام الهمدانية أقل عجبا من وجود عجمان حضرمية مذحجية غير عجمان همدان!

وتفريعات هذه البطون المذحجية غير ملحوظة ألبتة في تفريعات العجمان الهمدانيين

وأما رد العجمان المذحجيين إلى أعجمي خراساني فقير فكذبة صلعاء سندها صيغة التمريض يقال، وباعثها ذحول وثارات عدائية لهذه البطون؛ لأنها ذات قطع ونهب وإفساد وصولة ومحال في بنية التجمع القبلي العربي أن يكون بناء القبيلة ابتداء من أب أعجمي غير عربي عرقا؛ لأن العربي بغريزة جماعية لا ميل فردي مبالغ في الاحتفاظ بنسبه، مسرف في تفضيله على غيره يتأفف من الدخيل غير العربي مجاورا، فكيف يرضاه مذحجيا وصهرا وكم من قبيلة تجانف عنها العرب لشبهة دخيل أو جهالة نسب احتياطا لخلوص العرق العربي! ولو علقت بهم شبهة ما كانوا مذحجيين لحظة واحدة بأي اعتبار. إن أراد نسبة يام إلى قحطان فلا أعلم جدالا في صحتها سواء أكانت ياما الهمدانية، أم المذحجية وإن أراد نسبة العجمان إلى قحطان من غير طريق يام فلا أعلم قائلا بذلك وإن أراد نسبة العجمان إلى قحطان من طريق يام الهمدانية فلا أعلم في صحة ذلك جدالا، وإنما زوحمت هذه الدعوى الصحيحة بدعوى عوام مجردة غير محققة والدعوى العارية من الطبيعي أن من هويتها الفراغ من الجدال، ومن تلك الدعاوى الزعم بأنهم من العلويين، وهي دعوى وجدت في أول القرن الثالث عشر كما في قول عبلان معاصر راكان:

هواشم نسل الشريف المعرب

ما حن بهافين المناسب غرايب

وقال لوريمر: يدعي العجمان أنهم منحدرون من أشراف نجران

قال أبوعبدالرحمن: هي دعوى لبعض من عوامهم، ومنشأ هذا الوهم من ثلاث علاقات لا يُحصِّلن هذه الدعوى:

الأولى: أن منشأهم من بلاد تنتمي إلى بعض آل البيت العلوي مذهبا.

والثانية: أن العجمان من يام، وأمراء يام المكارمة ينسبهم بعض العامة إلى الأشراف بحكم العلاقة المذكورة آنفا قال سالم بن حوشان عنهم:

مقدم بني هاشم المدح والثنا

نسل شريف مطوعين الأشراف

والمعروف أن المكارمة من حمير.

والثالثة: أن للعجمان جدا اسمه هشام فهذه العلاقات أوهمت العلوية والشرفية وإذا أطلقها العوام والمتأخرون فلا يريدون بها عموم المعنى اللغوي، وإنما يريدون الانتساب إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

ومن تلك الأقوال إن العجمان من بني عبدالقيس قال الأستاذ محمود شاكر: بينما ينتسب بعضهم إلى عدنان، ويقولون: إنهم من بقايا عبدالقيس.

لا أعلم قائلا بهذه النسبة، فإن كانت صادرة من بعضهم مشافهة فأساس الوهم كونهم سكنوا بلاد عبدالقيس، وهي سكنى حديثة لا ينبغي أن تكون ملبسة.

العدد 1798 - الأربعاء 08 أغسطس 2007م الموافق 24 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً