العدد 1800 - الجمعة 10 أغسطس 2007م الموافق 26 رجب 1428هـ

برامج الأطفال وسيلة جديدة للترويج للبضائع

عنف وإثارة توجه إلى طفلك...

كانت مشاهدة حلقة من «توم وجيري» - البرنامج الكارتوني الأكثر شعبية في العالم - حدثا يتجادل به الأطفال ويروون تفاصيله لبعضهم بعضا لعدة أيام، ينتظرونه ويتندرون بحوادثه حتى بعد أن يمر وقت طويل على مشاهدتهم الحلقة. ولا تقتصر مشاهدة هذا البرنامج الكارتوني على الأطفال فالكثير من البالغين شبانا وشابات يتابعونه بين الحين والآخر، أو ما يماثله من الرسوم المتحركة القديمة.

أسباب شعبية لانتشار هذه البرامج الكرتونية كثيرة، لعل من بينها، بساطتها وذكاءها وعفوية المواقف فيها، وارتباطها بمرحلة الطفولة بالنسبة إلى الراشدين المتابعين لها حتى الآن، جميعها أمور ربطت الناس بها، ودفعت الكثير من المحطات المختصة ببرامج الأطفال، بالإضافة إلى بعض المحطات المنوعة الأخرى، لأن تفرد لها وقتا مخصصا.

على رغم تميز هذه البرامج لعشرات السنوات، وحصدها الكثير من الجوائز والتقديرات، فإن مزاحمها اليوم نوعية مناقضة لها في الشكل والمضمون والأسلوب، فمقالب «جيري» الفأر بـ «توم» القط، ما عادت تلفت نظر طفل يتابع أبطال الديجيتال مثلا أو البوكيمونات أو بي بليد، وغيرها من الأسماء التي استعصى عليّ في الحقيقة تهجأتها، فغالبيتها أسماء غير عربي أو ليس لها أي مدلول أو معنى قريب منا.

يظن الكثيرون أن أسماء برامج الأطفال المعروضة لأطفالنا الآن، هي أتفه مشكلة نواجهها معها، فالمضامين باتت تختلف وتروج لأمور وقضايا وأخلاقيات، تتنافى وأصول تربية الطفل على تنوعها واختلافها، فكيف بها مع المعايير العامة لتربية الطفل في مجتمعات مثل مجتمعاتنا.

فإذا كانت برامج الأطفال قبل عشر سنوات تدور محاورها الأساسية حول قيم وأخلاقيات، فتوظف الصورة والموسيقى والمؤثرات لصالح فكرة المسلسل، فإن المؤثرات ووسائل إبهار الطفل باتت من أساسيات أي عمل اليوم، فالطفل يشاهد مسلسلا كارتونيا مليئا بالمشاهد الخيالية، أو بالأصح المشاهد المبالغ في خيالاتها. فأبطال الرسوم المتحركة اليوم بمختلف قصصهم قادرون على القفز لمسافات مرتفعة وصنع أمور غير منطقية بأدوات خرافية، غالبيتها (دجيتال) رقمية، بأزرار كثيرة، وشاشات، وأضواء... إلخ.

كما أن المظهر الخارجي لبطل البرنامج أصبح أمرا أساسيا، كما أنه في بعض النماذج كانت القصة بجزء كبير منها تدور حول شكل أجسام الفتيات وملابسهن (البطلات المقدامات) اللواتي ينفذن مهمات استخباراتية سرية لصلاح جهة معينة، فيغير مظهر البطلات عدت مرات أثناء الحلقة، وغالبية ملابسهن ضيقة أو قصيرة، بالإضافة إلى الأحذية المرتفعة... باختصار يمكن القول: هذا النموذج - الذي لا يعتبر وحيدا - يستعرض بطلات مثيرات متأنقات طيلة الوقت، مهتمات برشاقتهن بشكل كبير.

ولا تقتصر مشكلات البرامج المعروضة اليوم على مسألة ترويجها الجمال الخارجي بشكل كبير، فمن بين الأمور السلبية التي بات الكثيرون يرصدونها، مسألة العنف والقتال، وخصوصا أن الكثير من الدراسات العالمية تؤكد دور هذه البرامج في تحضير جيل يتعاطى العنف وسيلة لتعبر عن نفسه. اللافت للنظر هنا أن أشهر برامج الأطفال وأكثرها شعبية اليوم هي التي تحتوي على هذا النوع من التنافس العنيف، فللخير الحق في القتل والدموية في سبيل تحقيق أهدافه، كما أن مظهر الوحوش التي يحاربها أبطال المسلسل، صارت ميالة للتشويه والتبشيع بطريقة قد تخيف الكبار فكيف بالصغار؟

وأخيرا، لعل من المشكلات التي بات تواجه الأهالي الآن، هي تحول الكثير من محطات برامج الأطفال إلى وسيلة للترويج لمنتجات وألعاب، تعرض دعاياتها أثناء فترة عرض المسلسل، بهدف شد الطفل وتحفيزه إلى اقتنائها؛ بغرض محاكاته بطل القصة، وبالتأكيد فالمنتجات المعروضة على هذه المحطات ليست بواحد أو اثنين، فهي كثيرة وكثيرة جدا والطفل يتعرض لإعلاناتها طيلة اليوم؛ ما بات يخلق إشكالا لدى الأسر، وخصوصا ذات الدخل المحدود، في تلبية طلبات أطفالها لألعاب تبهرهم على الشاشة ولا تقدم إليهم الكثير في الواقع.

العدد 1800 - الجمعة 10 أغسطس 2007م الموافق 26 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً