العدد 1807 - الجمعة 17 أغسطس 2007م الموافق 03 شعبان 1428هـ

مفارقة بين قانوني الجنسية البحريني والقطري (1)

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

اطلعت على قانون الجنسية القطري أخيرا، أمعنت النظر فيه، وركزت بالدرجة الأساس على المادة التي توضح الشروط التي يجب أن تتوافر لطالب الجنسية القطرية. شعرت حينها بالوجع والألم؛ لشدة المفارقات الواضحة بين ما عندنا من مشاهدات فاقعة لا يمكن التخفيف من أضرارها، وما بين ما عندهم من موادَّ تم صوغها بعقل علمي موزون بعيدا عن مشاعر العاطفة، سواء على المستوى النظري أو العملي، على رغم ما نتقاطع مع الشقيقة قطر في الكثير من المميزات فإني وجدت للأسف الشديد فروقات بيّنة، وعلى رغم أننا لا نبتعد عنها سوى مسافات جغرافية بسيطة، ولكن الحدود الجغرافية والفوارق الجوهرية تنقلنا إلى عالم يختلف كل الاختلاف لدينا، وسأبرز أهم الشروط التي يجب أن تتوافر في طالب الجنسية القطرية بحسب المادة رقم (2)، وسأتناول بالتحليل الوصفي ما يحصل عمليا لدينا في البحرين فيجعل من بحريننا الغالية كوكتيلا بشريا غاية في التعقيد لأسباب سياسية بحتة يدفع ضريبتها كل مواطن بحريني يعيش على أرض البحرين بلا استثناء.

وفيما يلي الشروط والمواد الأخرى التي سأسلط الضوء عليها، وقد أحتاج إلى أكثر من مقال كي أبرز أبعاد الموضوع وحجم خطورته.

من أهم الشروط التي يجب أن تتوافر في طالب الجنسية القطرية: «أن يكون قد جعل، بطريق مشروع إقامته العادية في قطر لمدة لا تقل عن خمس وعشرين سنة متتالية سابقة على تاريخ تقديم طلب الحصول على الجنسية، ولا يخل بالتتالي الزمني خروج طالب الجنسية من قطر لمدة لا تزيد على شهرين في السنة مع احتفاظه بنية العودة وفي جميع الأحوال تخفض هذه المدة من حساب مدة إقامته في قطر، وإذا غادر طالب الجنسية قطر بعد تقديمه طلب الحصول على الجنسية لمدة تزيد على ستة أشهر».

فلو أمعنا النظر في الشرط السابق لوجدنا أن هناك حرصا شديدا من قِبل النظام القطري يتعلق بمنح الجنسية القطرية لمستحقيها من خلال تأكيد أولا ضرورة أن يكون طالبها أقام في قطر مدة لا تقل عن 25 عاما متصلة بعدها يتم تقديم طلب الحصول على الجنسية، وفي حال خروجه من قطر مدة يجب عدم احتسابها لضمان توافر 25 سنة رصيدا مهما لطلب الجنسية.

النظام يؤكد عددا معينا من سنوات إقامة الراغب في الحصول على الجنسية، وأكد الأعوام الخمس والعشرين ولم يقل أقل من ذلك، على حين ما يحصل لدينا في البحرين هو توزيع الجنسية البحرينية هكذا بلا حد أدنى للإقامة في البحرين «عمليا»، إذ تم إعطاؤها حتى للذين لا يعرفون عن البحرين سوى اسمها وربما يجهلون أصلا موقعها الجغرافي على خريطة العالم، فالجواز البحريني ربما يأتي إليهم وهم في موطنهم الأصلي ضمن «بكج خاص» ترضية.

مازلنا إلى الآن نتذكر الجواز الذي منح للمطربة السورية أصالة التي لم تعش في البحرين ولكنها زارتها مثلها مثل باقي الدول الأخرى التي تزورها في مهمات عمل فنية ودعائية، ولكنها مُنِحت الجنسية البحرينية بغرض استغلال الجواز والجنسية في تسيير أمور تحركاتها الفنية.

كما تبيّن الشروط «أن تكون له وسيلة مشروعة للرزق تكفي لسد حاجاته، وأن يكون محمود السيرة، حسن السمعة، ولم يسبق إدانته بحكم نهائي في قطر أو في الخارج في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة». جميل جداَ أن تصاغ الشروط بعقلية وطنية تحفظ المصلحة الوطنية العليا والأجمل أن يتم تطبيق مضامينها على أرض الواقع.

وتعليقا على النقطة السابقة، فإن ما يحصل لدينا أنه يتم استيراد «أكوام» من البشر من الخارج وتوفير وظائفَ لهم يسترزقون منها في الوقت تجد هناك طوابيرَ مهولة من المتعطلين عن العمل لا لكون هناك وظائف شاغرة لا يوجد من يسدها!

بل إن البعض يضطر إلى أن يهاجر بلده البحرين بغرض البحث عن فرص وظيفية يعيش من خلالها، وما يحصل أنه يتم البدء بالغريب أولا والمواطن ثانيا وربما ثالثا تماما كعذاري التي تصر على سقي البعيد ونسيان القريب، بل الأدهى والأمرّ أن تُخصَّص وزارات حساسة خاصة للمجنسين ويُحرَم المواطن البحريني الشريف من أخذ نصيبه فيها ولكم أن تمعنوا النظر في وزارتي الداخلية والدفاع وأيضا الحرس الوطني. وبخصوص السمعة التي لا موقع لها من الإعراب عمليا، بل إن المتردية والنطيحة يجدون نصيبا لهم من الحقوق ومن بين ما نذكر من جُنِّس في هذا الصدد المغني الأميركي الشهير مايكل جاكسون المتهم بالقضايا الأخلاقية والفساد.

وأيضا «أن يكون ملما باللغة العربية إلماما كافيا». من جنسوا في البحرين في الآونة الأخيرة يتكلمون بلغات مختلفة ولهجات لا يمكن حصرها فلغات العالم كلها لديها ممثل مقيم في البحرين، ولكم أن تتجولوا في إحدى مدارس الرفاع الشرقي أو الغربي فستجدون باقة منوعة من الإيقاعات الكلامية تحتاج وقتها إلى معاجم مختلفة لفهم ما ينطق به الطالب كي تتمكن من الرد عليه أو التفاهم معه ولا أظن أن جزر الواق واق لديها ما لدينا من تشكيلات صوتية وكلامية وشكلية.

للمهتمين، رجاء متابعة الجزء الثاني من الموضوع.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1807 - الجمعة 17 أغسطس 2007م الموافق 03 شعبان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً