العدد 1814 - الجمعة 24 أغسطس 2007م الموافق 10 شعبان 1428هـ

«ذكريات سمين سابق»

قبل أسبوعين تقريبا فتحتُ جهاز التلفزيون وأخذتُ بالبحث عما يستهويني بين تلك الفضائيات العربية والأجنبية، وعندما توقف «الريموت» بي عند قناة «البحرين» الفضائية، كان البرنامج الذي يبث هو «الصحة والحياة» الذي تقدمه وفاء الشربتي، فأخذت بمتابعة البرنامج، ليس لكوني مهتمة بالجوانب الطبية، بل لكون البرنامج استضاف شخصا «همني جدا» أن أعرف الإنجاز الذي حققه... ضيف الحلقة كان شابا رشيق القوام حسن المظهر، يعرض تجربته عندما كان «سمينا»، وماذا فعل ليصبح رشيقا ويحافظ على رشاقته على مدى ثلاث سنوات... اهتمامي بالبرنامج كان بسبب انتمائي إلى حزب «الأرطال الزائدة».

ليس حزبي هو موضوع حديثنا، بل هو كتاب يحمل عنوان «ذكريات سمين سابق»... هذا كتاب وجدته في رفوف إحدى المكتبات العامة في المحافظة الوسطى، فتصورت أنه مصباح علاء الدين أو الجني الذي سيساعدني على تغيير أفكاري بشأن «حزبي»؛ ما جعلني أقرأه.

غلاف الكتاب يجعلك تدخل في نوبة من الضحك المتواصل والتأمل أيضا، سروال بمقاس خيالي قد لا يمر بخيالك أن هناك شخصا يستطيع ارتداءه من الأساس، وبداخل هذا السروال يقف وجه تشعر أنك تعرفه بملامحه الخليجية... إنه المذيع والصحافي والكاتب تركي الدخيل.

مع أولى صفحات كتابه ستتعجب عندما تقرأ أغرب إهداء قد تقرأه في حياتك؛ لأنه إهداء إلى «الميزان»! «ذكريات سمين سابق» تدوين تركي الدخيل، وهي تجربة ذاتية لصاحبها نقلها بشفافية واضحة وألم بالغ عندما كان يبلغ وزنه 185 كيلوغراما.

لن أطيل عليكم فمهما بلغت قدرتي على الوصف فلن تصل إلى تلك الدرجة التي أبدعها الدخيل فأترككم مع جزء من ذكرياته...

«حمام أرضي»... «أذكر أنني كنت في رحلة استجمام مع ثلاثة من الأصدقاء إلى بيروت في منتصف التسعينات، ولفرط إنسانيتي وجدتني مضطرا لاستخدام دورة المياه، هناك صنف من المراحيض (أجلكم الله) لا يتكئ في ثقله على الأرض، بل على الجدار، أعتقد أن أفضل وصف يمكن أن أسديه لمرحاض كهذا، هو أنه غبي، وفي التفاصيل بيان للسبب...

جلست على المرحاض لأقضي حاجتي، ولكنني قبل أن أفعل قضيت عليه، وجدتني أنا، والمرحاض في درجة واحدة متساويين على الأرض، إلا أنه انتثر أشلاء، وليتني كنت مثله، فربما تخلصت من بعض أشلائي بدعوى نسيانها».

ويتابع «سمع الرفاق صوت الدوي فظنوه انفجارا، كان الطيران الإسرائيلي قبلها يحوم حول المنطقة، ولكن الصحاب لم يتخيلوا أن طيران جسدي حطم المرحاض تحطيما، ضحك الأصدقاء عليَّ طويلا، وكان هذا ما جرت به العادة، ترى صديقك صغيرا عندما يقهقه عليك، وأنت في حالة مأساوية، ثم تتخلل ضحكاته المجلجلة عبارة فاترة يقول فيها: (عسى ما تعورت)، أي أرجو أن لم تصب».

ويضيف في تراتب «لم أعبأ كثيرا لرفاقي بذات القدر الذي حملت فيه همّ العاملين في الفندق، كنت أتمنى لو جاءني مدير الفندق بفاتورة المرحاض، ولو ضاعف قيمته ثلاث مرات، لأدفع القيمة وأتخلص بالمال من الحرج، ولكنه لم يفعل، وليته فعل»!

كان هذا أحد الجروح والأحزان وحالات الضحك التي أثارها «السمين السابق»... صحيح أني انتمي إلى هذا الحزب ولكن عندما أرى ما يمر به غيري «أرجع وأقول لنفسي الحمد لله على الصحة، فلم يصادفني يوما مثل هذه المواقف المحرجة، عدا الإحراج في محلات الملابس الجاهزة طبعا».

أنهيت قراءة الكتاب في يومين فقط؛ لأنه مسلٍ أكثر من اللازم، وبعد انتهائي من قراءته تذكرت هذه الخاطرة التي مرت ببالي من أول وهلة رأيت غلافه... وهي هل يا ترى الكتاب به وصفة رجيم أو طريقة للتخلص من الوزن الزائد، لأكتشف أنه لا يحتوي على أي منها... ولكني استفدت منه كثيرا في حياتي.

العدد 1814 - الجمعة 24 أغسطس 2007م الموافق 10 شعبان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً