العدد 1820 - الخميس 30 أغسطس 2007م الموافق 16 شعبان 1428هـ

أميركية مثلك تماما

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

هناك دين شرق أوسطي معين كثيرا ما يعاب في هذا البلد. إنه مليء بالحجب والأسرار، ويُنظر إليه بشكل واسع على أنه يمارس التمييز الجنسي. هو عنفي أحيانا، وأحيانا أخرى يعالَج ببراعة من قبل الفوضويين، إلا أن له حلاوة في جوهره، وقد أخذ الكثير من الناس بالتحول إليه بحثا عن المعنى.

أنا أتحدث عن الدين المسيحي

هذه المسلمة تتلوى في كل مرة يقوم أصدقاؤها العلمانيون والمتسامحون تجاه الذين يؤمنون بالبوذية واليهودية والهندوسية والإسلام والروحانية عند السكان الأميركيين الأصليين، باستبعاد المسيحيين بأصوات تتم عن الازدراء. «لأن اليمين المسيحي يريد أن يستولي على هذا البلد»، يحتج هؤلاء.

قد يكون ذلك صحيحا، ولكنه لا يبرر تسفيه الدين والطيف الواسع من المؤمنين به. لقد ألهمت المسيحية الأميركيين تجاه سياسة إلغاء العبودية وتشجيع الحقوق المدنية، إضافة إلى بعض التصرفات الشائنة. حفزت القيم المسيحية جماعات الكوكلكس كلان على حرق المنازل مثلما حفزت جيمي كارتر على بنائها. لا تستطيع القول إنه عندما تنوّر المسيحية السياسة تقع أمور سيئة.

قد تعتبر ذلك غريبا كونه صادر عن مسلمة. إلا أنه صحيح. أصحاب الإيمان لا يمثلون رؤيا الديمقراطية، وهذا ينسحب على المؤمنين من المسلمين مثلما ينطبق على أتباع الديانات الأخرى. ليس المسلمون غرباء في وسطكم، من ناحية محددة جدا. نحن أقرباء. لسنا مجرد أقرباء بالطريقة الجميلة التي تمثل جميع بني البشر.

نحن أجزاء من قصة عائلتك

تسلمت مكالمة هاتفية مساء أحد الأيام من صديقة تحب نشر الأقاويل في مدينتي. «هل قرأتِ صحيفة اليوم؟» أرادت أن تعرف، كان هناك إنسان سريع الغضب يحب كتابة الرسائل قد كتب رسالة أطلق فيها العنان لحقده، يصف فيها كيف يتوجب طرد المسلمين لأنهم عديمو القيمة وخطرون وغير أميركيين. «ماذا سنفعل؟» سألتني صديقتي. كنا قد عملنا معا على خيار توفير وجبة غذاء خالية من لحم الخنزير لأطفالنا في المدارس، إذ إننا نتشارك في هذا القانون الغذائي، كونها يهودية.

على كل حال، دعوت كاتب الرسالة لتناول القهوة ولكن والتر رفض. بدأنا نتراسل، وكانت رسائله تحمل شعار القلب القرمزي، فقد كان أصيب بجرح في الحرب العالمية الثانية. كان والتر العم الأميركي الكبير صاحب الأفكار الغربية والعنصري الذي لم يكن في حياتي. أرسلت له صور عائلتي، كما تفعل حتى مع قريب مشاكس سيئ الطبع. أجاب أنه حزر أنني خسارة لسورية وربح لأميركا.

«ماذا؟» قلت له.

«طبعا. أنت ملكة جمال سورية» قال المداهن العجوز.

في أحد الأيام وجدت كيسا بلاستيكيا مليئا بالهليون مربوطا على باب بيتي. سحرتني تلك الباقة من الخضار الأميركي الذي لا ينتمي إلى تراثي الغذائي فأدخلتها إلى البيت، ثم لاحظت ورقة صغيرة عليها شعار القلب القرمزي وقد كتب عليها «إقليها مع الزبدة». كانت تلك نصيحة والتر. جعلني أعد بالحضور إلى المقبرة في ذكرى المحاربين القدامى. ذهبت بالطبع.

بعد سنة قرع باب بيتي. كان والتر. «لا إله إلا الله» قال لي قبل أن يلقي التحية. «أنا وأنتِ نعبد الرب نفسه. أنا الآن أعرف ذلك» دخل غرفة العائلة وهو يعرج، وجلسنا أخيرا نشرب القهوة.

المسلمون هم الأخوة الأصغر عمرا في أسرة الديانات السامية، وكالعادة لا تحصل على احترام الأخوة الأكبر عمرا، اليهود والمسيحيين. كون أخوتنا الأكبر لم يلصقوا صورنا في دفتر العائلة لا يجعلنا أقل قربى يا صديقي. وليست قصصنا أقل شرعية لمجرد أن عندنا زاوية مختلفة في تاريخ الأسرة.

هل تريد أن تعرف ماذا حصل لهاجر بعد أن تلاشت من قصة التوراة عن إبراهيم وسارة؟ إجلس. تناول القهوة. سنتحدث.

الطيف المسلم يحتوي على الكثير من الهويات المعقدة، من الذين زلّوا وسقطوا إلى المتشددين. هناك حكمة سائدة بأن التحرريين هم فقط يستحقون البقاء. كلا يا أعزائي. للمسلمين المحافظين حق في أن يتنفسوا كذلك. أن تكون متدينا ورعا، حتى لو عنى ذلك السجود في المطارات، لا يشكل جريمة.

لقد نشأت مسلمة إسلامية. هذا صحيح. ليس فقط مسلمة محافظة، بل كاملة الإسلام تحب الخلافة الإسلامية، بين أناس يأخذون القيم الإسلامية الجوهرية ويضعونها لتعمل في التعليم والسياسة، تماما مثل المسيحيين الإنجيليين. أحد الأمور التي أسعدت والدي والكثير من المهاجرين الإسلاميين في الولايات المتحدة هي أنك تستطيع هنا، من خلال جهاد يومي صبور، أن تعلّم أبناءك فعلا تعاليم الإسلام، مقارنة بالعادات المتعددة المتنافرة التي تعتبر إسلاما في بلداننا الأصلية.

تملك المسيحية والإسلام التركيب الجيني للأشقاء. «الله» موجود في الإنجيل. «يا إلهي لماذا خلقتني؟» يسأل السيد المسيح في العهد الجديد وهو على الصليب. الكلمة العبرية لها مصدر الكلمة العربية نفسه: «الله» عندما اكتشفت أن الصلاة في وقت محدد كانت من الشعائر المسيحية المبكرة وأن المسيحيين واليهود مارسوا السجود في يوم من الأيام، تماما مثل سجودنا عندما نصلي خمس مرات في اليوم، كان الأمر يشبه اكتشاف أنفي في وجه شخص آخر في صورة، ثم اكتشاف أن الصورة هي لجدتي الكبرى. يا للسعادة.

الخلافات العقائدية كثيرة ولكل عقيدة مقدساتها. يجب أن يكون اكتشاف هذه الاختلافات مصدرا للسعادة لا التعالي. ففي الفروقات تكمن البركة والوفرة. يفصّل الإنجيل الكثير من لحظات حياة السيد المسيح، ولكن إذا أردت تفاصيل مشاعر السيدة مريم وهي تعاني مخاض الولادة، عليك أن تقرأ القرآن الكريم، وأن تنظر في قلوب المسلمين إذ يبقى المنظر حيا.

ليست القيم المسيحية واليهودية الورعة متعارضة ومتضاربة مع الحياة الاجتماعية الأميركية، وهو أمر ينزع العلمانيون إلى نسيانه. المسلمون المهاجرون الورعون لا مكان لهم هنا؟ هذه السفينة أبحرت منذ زمن. مايلز محمد ستانديش وهارييت حليمة تبمان موجودان هنا، وليسا غريبين لا مكان لهما. هذه رسالة إلى قلبك الجميل: نحن دمكم.

* مؤلفة كتاب «فتاة الوشاح البرتقالي»، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1820 - الخميس 30 أغسطس 2007م الموافق 16 شعبان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً