العدد 1832 - الثلثاء 11 سبتمبر 2007م الموافق 28 شعبان 1428هـ

المعلمون... ماذا بعد؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ربما يشكّل المعلمون الشريحة الأكبر من الطبقة الوسطى في البحرين، فهم إلى جانب المهندسين والأطباء وذوي الرواتب الإدارية المتوسطة... يمثلون العمود الفقري لهذه الطبقة الحيوية في أي مجتمع معاصر.

ومن المعروف اليوم أن هذه الطبقة تتعرض إلى تآكل في قدراتها الاقتصادية، وتراجع في مستوياتها المعيشية، وبالتالي تتزايد الأعداد التي تتساقط منها إلى الطبقات الفقيرة. وهو ما يساعد على فهم الحركة المطالبة بالكادر ورفع الرواتب، وهي حقوق لا ينكرها عليهم أحد.

في الماضي كان العاملون بالتدريس محل حسد الآخرين، بسبب ما كان يُنظر إليه كمزايا، أما اليوم فقد تراجعت وتآكلت هذه المزايا، وربما لا يمضي طويل وقت حتى تصبح فيه مهنة طاردة للكفاءات الوطنية، خصوصا مع وقوع المراكز الإدارية تحت سيطرة جماعات معينة، لا تخفي أجندتها لمضايقة و«تطفيش» العاملين بالوزارة لأسباب باتت معروفة.

الحركة المطلبية الأخيرة أبرزت صورة حضارية وحسا وطنيا عاليا لدى المعلمين، وقطعت الطريق على أي مشكك أو متطفل. وتجاهل الوزارة لمطالبهم أمرٌ يحسب عليها، بينما يحسب للمعلمين استمرارهم بهذه الصورة العقلانية المنضبطة. والمسألة مسألة وقت، فهذه الشريحة التي يتجاوز عددها 12 ألفا، رقم لا يمكن تجاهل مطالبه المشروعة، خصوصا مع خطورة الدور الذي يلعبه في تربية الأجيال، وتخريج الكوادر والكفاءات، والمساهمة في دفع عملية التنمية والنهوض بالبلد.

الأرقام المتداولة عن حضور الاعتصام، دارت بين 3 و 5 آلاف، ويمكن تفهم مشاعر الإحباط بسبب تجاهل الوزارة سماع مطالبهم، وهو أمر ربما يكون مقصودا، ومع ذلك يجب ألاّ يدفعهم الإحباط إلى التسرّع أو اتخاذ خطوات غير محسوبة، إذا أرادوا لقضيتهم النجاح.

المراقبون يلاحظون تصاعد بعض الأصوات الداعية للإضراب، بل ذهب البعض للإيحاء بموعدٍ معيّنٍ للإضراب، وبدأ يرسم بعض السيناريوهات. ولكن الكثيرين يرون انه خطوة متسرّعة تدل على فقدان الأعصاب، وهو ما سيضرّ بقضيتهم ويعيدها إلى الوراء، ويفقدها الكثير من الزخم والتعاطف العام.

لو راجع المعلمون أنفسهم بدقة، لاكتشفوا أن ما قاموا به من خطوات حتى الآن، آتى ببعض الثمار، أولها شمولهم بالزيادة، على رغم انها دون طموحهم. كما أثمرت تعاطفا من كتلتين بمجلس النواب، بل إن تبني كتلة المستقبل لمطالبهم يعد مؤشرا إيجابيا جدا له قيمته على المستوى الوطني، فهذه القضية التي حاول البعض «تسييسها» و«تطييفها»، تمس آلاف المواطنين، حتى من اعتادوا على تجنب المشاركة تقليديا تمنوا للاعتصام النجاح، فتحسين المستوى المعيشي مثل المطر، إذا جاء عمّ خيره الجميع، كما حدث في قصة البرلمان.

الكرة الآن أصبحت في ملعب المعلمين بعد إدراجهم في الزيادة العامة، ومن المتوقع أن تجتمع جمعيتهم مساء (أمس) لتناقش خياراتها، وأكبر تحد يواجهها الاستمرار في أدائها المتزن الذي أكسبها احترام وتعاطف الرأي العام... وأن تضمن لنفسها عدم الانفلات.

صادوه!

من بين صور الاعتصام التي التقطها مصوّر «الوسط»، صورة لأحد الموظفين وهو يقاطع النائب الشيخ حمزة الديري في كلمته بالمعتصمين. وكانت النصيحة للزميل بعدم نشر الصورة لأنه سيفرح بها كثيرا، وستكون له «كريديت» للترقّي وبابا يتسلّق منه على ظهور المعتصمين، فهذه النماذج يعرفها شعب البحرين جيدا!

إداريا... لا أدري ما هي حدود صلاحية هذا الموظف؟ وهل كان مكلّفا للرد المباشر أم كان مرسلا ليكتب تقريرا «سريا» عن الاعتصام؟ أما سياسيا، فكيف يتجرأ موظفٌ مغمورٌ على مقاطعة أحد نواب الشعب المنتخبين بكلام يفتقر إلى الكياسة والرزانة والذكاء؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1832 - الثلثاء 11 سبتمبر 2007م الموافق 28 شعبان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً