العدد 1843 - السبت 22 سبتمبر 2007م الموافق 10 رمضان 1428هـ

استعارات مجازية للفساد

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

يمكن النظر إلى الفساد وكأنه «خفاش» يعشش في الظلام، ولا يحتاج هذا الخفاش إذا أريد طرده إلا إلى تسليط بعض الضوء عليه. ولذا فإن هناك الدعوات المتتالية للشفافية، بمعنى أن يكون كل شيء مرئيا ويمكن للمراقب أن يرى ما يدور، وهذا بحد ذاته يعتبر رادعا للفاسد، ووسيلة ناجعة لاصطياده ومكافحته.

ولكن يمكن أن يكون هناك فساد من نوع آخر، فهو قد يكون واضحا للجميع وضوح الشمس، فالجميع يراه ويشعر به ويعرفه، ولكن لا يستطيع أحد الاقتراب منه، تماما كما أنه لا يمكن لأحد أن يقترب من الشمس لأنها ستحرقه بالتأكيد. وبالتالي، فإن أكثر ما يمكن فعله هو الاستظلال والابتعاد عن الشمس الحارقة مهما أمكن، أو استخدام أجهزة التبريد إذا ازدادت الحرارة، وإلا فإن الشمس تبقى هي الشمس... واضحة للجميع. ومع الاختلاف بين الشمس (المفيدة) والفساد (المضر)، فإن تصوير الفساد أحيانا وكأنه الشمس الواضحة، ومصاحبة ذلك بالحديث عن العجز عن فعل أي شيء تجاهها هو ما يشعر به الإنسان أحيانا عندما يزداد الحديث عن الفساد، ولكن في الوقت ذاته لا يتمكن أحد من تحديد من هو المفسد.

على اننا سنلجأ إلى الاستعارة الإيجابية للفساد، وسنعتبره «خفاشا»، ولكنه من النوع الذي لا يهرب من الضوء العادي، وإنما يحتاج إلى ضوء قوي جدا مدعوم بإرادة سياسية من الأعلى. وهنا تكمن أهمية تصريحات سمو ولي العهد أمس الأول أثناء زيارته المجلس الرمضاني للوزير منصور بن رجب عندما أكد «أن يد المحاسبة ستطال أي وزير يثبت تورطه في قضايا الفساد»، مؤكدا «ان ما تحقق خلال الفترة الماضية يبعث على السعادة»، ومؤكدا تصميمه «أكثر من أي وقت مضى على مواجهة أي فساد أو إساءة لاستخدام المنصب العام». وأضاف «ثقوا تماما يا إخوان، أن حملة مواجهة الفساد لن تستثني أحدا، وستطال يد المحاسبة والعدالة أي وزير أو مسئول في حال ثبوت تورطه في قضايا الفساد، وهذه الرؤية لن نتراجع عنها».

إن مثل هذا الحديث يشرح الصدر، ويبث في الأنفس الحياة ويبعث الأمل بأننا لن نكون من البلدان التي يمثَّل فيها الفساد بالشمس، بحيث يراه الكل ولكن لا أحد يستطيع النيل منه... وأملنا أن يتم تفعيل تصريحات ولي العهد الحضارية، لأن فيها خير البحرين ومستقبل أهلها. فالخير المتوافر في بلادنا كثير ويكفي لكل من يعيش على أرضنا الطيبة، ولكن هناك ممارسات فاسدة أثقلت كاهل موازنة الدولة ونهبت الثروات بشكل سافر وغير أخلاقي.

إن أرضنا طيبة، وأهلها طيبون، والأكثرية الساحقة هم من الذين يؤتمنون على الأمانات، ولكن هؤلاء الطيبين يحتاجون إلى حماية القانون، ويحتاجون إلى بيئة خالية من الفاسدين والمفسدين، ومكافحة الفساد تحتاج إلى رؤية ثاقبة وإرادة حديدية، وفي النهاية فإن الخير سيعم الجميع عندما يتم تطهير البيئة السياسية والاقتصادية من الفاسدين.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1843 - السبت 22 سبتمبر 2007م الموافق 10 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً