العدد 1849 - الجمعة 28 سبتمبر 2007م الموافق 16 رمضان 1428هـ

هانا مخملباف... الطفلة المخرجة

ترعرعت في بلاتوهات السينما وأخرجت أول أفلامها في الثامنة

اقتحمت المخرجة والمنتجة الإيرانية الشابة هانا مخملباف (18 عاما) مهرجان «سان سيباستيان» السينمائي هذا العام بفيلمها «بودا كولابسد اوت أوف شيم» (بوذا أنهار من العار) الذي تقدم فيه رؤيتها لهدم تمثالي بوذا العملاقين في باميان على أيدي نظام «طالبان» في أفغانستان.

تنتمي هانامخملباف، ذات الثمانية عشر ربيعا، إلى أكثر العائلات السينمائية الإيرانية نجاحا. أبوها وأختها الكبرى من أشهر مخرجي إيران المعاصرين.

شاركت لأول مرة في فيلم عالمي في العام 2003 في مهرجان فينيسيا «لذة الجنون». ويعتبر أول أفلامها الطويلة، وقد حازت على جائزة «الإنتاج الأول» وتبلغ قيمتها المالية مئة ألف يورو. والعمل عبارة عن فيلم وثائقي موضوعه الفيلم الذي صورته أختها «سميرة» في أفغانستان والذي اختير لـ «أسبوع النقاد» في المهرجان ذاته.

وقد نشأت هانا وترعرعت في جو بلاتوهات السينما. وقد أخرجت أول أفلامها القصيرة حين كانت في الثامنة من عمرها. وقد شوهد هذا الفيلم القصير على هامش مهرجان لوكارنو.

«التفاحة» و«قندهار»

ثم عملت كمساعدة للإنتاج في فيلم سميرة «التفاحة». أما عن سميرة فقد كانت أصغر مخرجة في تاريخ مهرجان «كان» تصل إلى تصفيات السعفة الذهبية. وكان ذلك في العام 2000 حين كان عمرها 20 عاما.

وتقول سميرة إن فيلم هانا «لذة الجنون» يعد أفضل من فيلمها هي «في الخامسة بعد الظهر» المرشح لـ «كان» أيضا، وفيلم أبيهما محسن مخملباف «قندهار»: وهو فيلم استقبله النقاد العالميون استقبالا كبيرا.

ويعزى نجاح فيلم هانا «لذة الجنون» إلى إنها جابت الشوارع ليلا وحدها تحمل كاميرتها الرقمية لتصور هذا الفيلم الوثائقي. وكادت أن تختطف في ليلة من الليالي.

محسن مخلملباف... أبوالبنات

محسن مخملباف، هو والد المخرجتين الشابتين، هو أحد أهم الأسماء في السينما الإيرانية المعاصرة وأكثرهم شعبية في إيران. ولد في أحد الأحياء الفقيرة بطهران في العام 1951، ترك المدرسة وهو في الخامسة عشرة من العمر ليشكل خلية من النشطاء المعارضين لحكم الشاه. في هذه الفترة كان لا يطيق الاستماع إلى الموسيقى، وكان يسد أذنيه حينما يسمع الموسيقى تنطلق من أحد الحوانيت في الشارع، وخاصم أمه حينما علم أنها شاهدت فيلما في السينما.

بعد عامين قام مخملباف بطعن شرطي في الشارع، لكنه أصيب بطلق ناري وقبض عليه، وأمضى شهورا في المستشفى نتيجة تعرضه للتعذيب الشديد، ونجا من عقوبة الإعدام لصغر سنه، وأمضى أربع سنوات ونصف في السجن.

تجربة السجن جعلته يعيد النظر في رؤيته للحركات السياسية والعنف المسلح، وهناك بدأ يكتب ويخرج بعض المسرحيات التي كتبها سجناء آخرون. خرج مخملباف من السجن بعد انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية، ولكنه لم يعد ذلك المتعصب، بل بدأ يرتاد دور السينما ويدرس السينما العالمية، ويكتب، ويخرج، وينتج أفلامه. ليس هذا فحسب بل بحث عن الشرطي الذي اعتدى عليه واعتذر له علنا.

يقول مخملباف عن هذا التحول في معتقداته الفكرية: «كنت أعتقد بأن حمل السلاح هو الذي سيحقق لنا العدالة والحرية، الآن أنا مؤمن بأن هذه الأهداف يمكن الوصول إليها عن طريق العمل الثقافي».

في هذه الفترة كتب 28 قصة قصيرة، ثلاث روايات، عشر مسرحيات، وأصدر كتابين يتضمنان مقالاته التي نشرها. كتب 28 سيناريو قبل أن يمارس الإخراج السينمائي في العام 1982 وهو في الواحد والثلاثين من عمره. أخرج حتى الآن 14 فيلما منها «الفرار من الشيطان إلى الله» 1984، و«المقاطعة» 1985، «راكب الدراجة» 1987، «البائع المتجول» 1987 وحازت أفلامه على 15 جائزة دولية.

منذ التسعينات ومخملباف يواجه مصاعب كثيرة مع الرقابة في إيران (ذات السلطة المطلقة والمعايير الصارمة جدا في إقرار أي من الأفلام يمكن أو لا يمكن إنتاجها) ونتيجة لذلك فقد مُنع عرض الكثير من أفلامه المهمة مثل «الزواج المبارك «1989، الذي تضمن هجوما غير متوقع ضد الفساد واللامبالاة التي واجهت المقاتلين العائدين من جبهة القتال الدموية بين إيران والعراق. أما فيلمه« وقت للحب» و«ليالي نهر زاينده »، و أخرجهما في بداية التسعينات، فقد انتقدا بعنف لكونهما يشكلان تراجعا في معتقدات المخرج الدينية.

وفي العام الماضي منع فيلمه « لحظة البراءة»، وفيلمه الأخير «كبه» (Gabbeh) الذي أعتبر فيلما «تدميريا »فقد خلا تماما من رجال الدين بلحاهم وأرديتهم السوداء، والنساء المشاركات في الفيلم كن لا يغطين رؤوسهن بالشادور، ويرتدين أزياء ملونة تعكس جمال وجاذبية الطبيعة، بينما تردد شخصيات الفيلم عبارات مثل «الحياة هي الألوان»، و«الحب هو الألوان»، و«الحب هو الألم».

فيلم محسن مخملباف الأخير «كبّه» يبدأ بزوجين، تظهرعليهما علامات الكبر، يتقدمان نحو غديرٍ وهما يحملان سجادة، أو «كبّه»، كما يطلق عليها في جنوب شرقي إيران، ويتناقشان بهزل بشأن من منهما سيقوم بتنظيفها من غبار السنين الطويلة، والآثار التي تركها عليها الزمان. تتأمل الزوجة العجوز صورة منسوجة على السجادة تمثل شابا وشابة يمتطيان حصانا، وتتساءل عمن يكونان. في هذه الأثناء تظهر روح السجادة التي يحملانها في شكل حسناء ترتدي جلبابا قبليا واسمها أيضا «كبّه» (تؤدى دورها في الفيلم شقايق جودت)، وتبدأ الحسناء في سرد قصتها بناء على طلب الزوجين.

العدد 1849 - الجمعة 28 سبتمبر 2007م الموافق 16 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً