العدد 1861 - الأربعاء 10 أكتوبر 2007م الموافق 28 رمضان 1428هـ

العدّ التنازلي نحو مؤتمر نوفمبر

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

بقيت أسابيع على انعقاد «مؤتمر» - أو «لقاء» - السلام في الشرق الأوسط، الذي جرى بحثه بكثرة على رغم أن موعده لم يحدد بعد، والذي دعت إليه إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش. وبقي الكثير من العمل الجاد الذي يجب القيام به.

إضافة إلى تاريخ الاجتماع ومكان عقده، لم يجرِ بعدُ إعداد قائمة بالمدعوين ولا أجندة المؤتمر بصورة واضحة. لن يكون ذلك محفوفا بالمشكلات لو لم تكن المنطقة معكّرة ولو لم تكن التوقعات من الاجتماع مرتفعة، على الأقل في أوساط البعض.

أعلن الرئيس بوش في يوليو/ تموز الماضي - لأسباب هي قيد البحث والتفسيرات (إذ يقترح البعض إرثه المعروف، ويقترح غيرهم إيران... إلخ) - نيته عقد هذا الاجتماع. في الأشهر التي تلت ذلك تعدّت التوقعات في بعض الأوساط، الأداء إلى درجة بعيدة.

مع تداعي الأوضاع المهلهلة في العراق وإنذارات بهجوم محتمل على إيران تعصف مع الريح، ومع استمرار الوضع المحزن المثير للقلق للفلسطينيين، وموقف الولايات المتحدة الضعيف، يملك أصدقاء أميركا وحلفاؤها في المنطقة بعض الأمل على الأقل في تغييرٍ في سياسة الولايات المتحدة.

ما أثار هذه التوقعات - في هذه الحالة - هو الأمل، أكثر من أي شيء آخر. مع بقاء أكثر من سنة بقليل لحكم إدارة الرئيس بوش، ومع بقاء الكثير من دون حل نتيجة للسياسة والتجاهل الأميركيين، هناك هؤلاء الذين سمحوا لأنفسهم بالاعتقاد بأن الإدارة تنوي أخيرا حل القضية الإسرائيلية - الفلسطينية.

ولكن من خلال إمعان النظر عبر الضباب الذي أوجده الأمل، نجد أن الواقع عمل على الحد من التوقعات. فالحكومة الإسرائيلية كانت في حال ضعيفة، قد تكون أكثر ضعفا من أن تتمكن من القيام بمخاطرات واتخاذ تنازلات من أجل السلام. الفلسطينيون كانوا منقسمين بعمق ولم يكونوا بوضع سهل للقيام بتنازلات. كما أن إدارة الرئيس بوش نفسها كانت تكافح محليا، في غياب تاريخ من الدبلوماسية الشجاعة المقدامة. على رغم ذلك كله كان هناك أمل.

كان الإيمان السائد هو أن النجاح على المسار الإسرائيلي - الفلسطيني قد يغير الدينامية القائمة في الأوضاع الثلاثة. تنازلات إسرائيلية حقيقية وتغييرات درامية في حياة الفلسطينيين ومسار واضح مميز نحو دولة فلسطينية مستقلة، ستقوّي موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض على حين تضعف قوة معارضيهما. الجوّان الدولي والإقليمي المتغيران الناتجان من تنازلات إسرائيلية مهمة وتحرك نحو حل دولتين حقيقي، يجلب بدوره فوائدَ حقيقية لحكومة إيهود أولمرت. وإذا تم تحقيق الأمور المذكورة أعلاه جميعها فسيحقق الرئيس الأميركي دونما شك نصرا دبلوماسيا في السياسة الخارجية نحن في أمسّ الحاجة إليه، هو الأول في فترة حكمه المضطربة.

ولكن في الأشهر الثلاثة منذ إعلان المؤتمر كان التقدم بطيئا جدا، وعلى رغم الآمال التي جرى استثمارها في ذلك الجهد والشعور بإلحاح خاص نحو نتائجه فإن الإدارة و «إسرائيل» تحركتا للحد من التوقعات، وهذا ليس مؤشرا جيدا.

قامت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس حتى الآن بزيارات متعددة للمنطقة من دون أن تحقق ما يمكن أن يبرر جهودها. قد تكون حققت، كما قد يقترح البعض، «تقدما هادئا»، ولكني لم أعد أؤمن بالسحر، وخصوصا في مجال صنع السلام.

في المقابل، تذكر قبل 16 سنة كيف توجه وزير الخارجية يومها جيمس بيكر نحو بدايات مؤتمر مدريد، كانت الأهداف التي وضعت أقل تفاؤلا (قد يكون أقل من الضروري) ولكن الضغط العام الذي وضعه بيكر على كل الأطراف كان مثاليا ومحوّلا ومثمرا.

على رغم حقيقة أن الساعة تدق، مازال هناك وقت لإحداث اختراق بحلول شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. جميع عناصر النجاح مترابطة. ستقرر الأجندة قائمة المدعوين، التي ستقررها إلى درجة بعيدة قدرة المشاركين الرئيسيين على الاتفاق على سبيل إلى الأمام. وهذا - إذا أخذنا في الاعتبار وضع الإسرائيليين والفلسطينيين - سيعتمد على درجة استخدام الولايات المتحدة عضلاتها السياسية والاقتصادية لتحقيق اتفاق.

لا يستطيع الإسرائيليون والفلسطينيون تحقيق التقدم الضروري إذا «تُرِكوا وحدهم». حتى السيناريو الأفضل الذي تسربت تفاصيله ليس كافيا. ما يقترحه ذلك هو نوايا «إسرائيل» تجميد المستوطنات (مرة أخرى، بحسب تعدادي، هذه هي المرة الخامسة التي تتعهد فيها «إسرائيل» بذلك)، إطلاق سراح بعض الأسرى، إزالة الحواجز ونقاط التفتيش وتسهيل مرور التجارة (مرة أخرى، هذا تعهد قديم لم يتحقق، على رغم أنه دائما مرحَّب به)، والموافقة على إعلان عام للمبادئ مع الفلسطينيين. هذا لن ينجح في مباشرة العملية وليس كافيا لاستقدام مشاركة عربية واسعة، حتى من قبل الفلسطينيين.

نحن بحاجة إلى المزيد. فبالإضافة إلى إطلاق الأسرى وحرية العبور وإزالة الحواجز ونقاط التفتيش والبؤر الاستيطانية المتقدمة وعكس مجرى الاستيطان، ما نحن بحاجة إليه هو تعريف واضح مفصّل للنتيجة النهائية (مثل معاهدات جنيف) وجدول زمني أكيد للوصول إلى هناك.

لم يفت الأوان بعد لأن يحصل ذلك، ولكن الوقت يمر بسرعة، إذ بقي الكثير لإنجازه، وليس هناك من خيار إلا لإنجاز ذلك. تداعيات الفشل تنمو مع كل أسبوع يمر.

*مؤسس المعهد العربي الأميركي ورئيسه

والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1861 - الأربعاء 10 أكتوبر 2007م الموافق 28 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً