العدد 1870 - الجمعة 19 أكتوبر 2007م الموافق 07 شوال 1428هـ

القرار الخاطئ في حياة حليمة وعالية

كلتاهما اقتحمت مجالا غير مجالها

ليس عيبا أنْ يجرّب المرء حظه في مجالات مختلفة للبحث عن ذاته، لكن العيب أنْ يعيش وهْم النجاح، ويواصل السير عكس التيار في وقت كلّ المؤشرات تؤكّد أنه لم ينجح. وليس عيبا أنْ يخطئ المرء لكن العيب أنْ يواصل الخطأ ويكرره مرّة ومرات. والفنان بطبعه يحاول البحث عن أدوار جديدة، ومجالات فنية أخرى لعله ينجح فيها، لأن الفن مجال واسع وله الكثير من الصور، لكن عندما يقتحم المرء مجالا غير مجاله، فإنه يقامر، وربما ينجح إذا كان يتملك المؤهلات التي تحقق له ذلك، أما أنْ يقتحم مجالا لا ناقة له فيه ولا جمل، فإنه أمر يدعو إلى الغرابة ويطرح الكثير من التساؤلات، وإذا ما أصرّ المرء على المضي قدما في المجال الذي اقتحمه وأوهم نفسه قبل الآخرين بأنه ناجح، فإنّ ذلك أكثر غرابة، ويحتاج إلى وقفة متأنية.

وكدليل على الكلام السابق استعرضت صحيفة «القبس الكويتية» تجربتين مختلفتين لكنهما تتشابهان بأنّ كلتيهما تقتحم مجالا ليس مجالها. الأولى المذيعة الجميلة حليمة بولند، والثانية الدكتورة المثقفة عالية شعيب.

فوازير حليمة

حليمة بولند مذيعة جميلة وذكية حققت نجاحا غير مسبوق على الساحة الخليجية، وتحوّلت إلى ظاهرة لعدّة عوامل من بينها جمالها، وذكاؤها وموهبتها وقدرتها على التواصل الإيجابي مع وسائل الإعلام، وعدم وجود مذيعة منافسة لها، وبعد سلسلة النجاحات التي حققتها تحوّلت إلى «نجمة» وهي صفة لم تحققها مذيعة من قبل، وبعد أن عملت في التقديم والإعلان والكثير من الأنشطة عبر الموبايل اقتحمت مجال الفوازير وأوهمت نفسها أنها النجمة الجديدة في مجال تقديم الفوازير.

الفوازير تحتاج إلى مؤهلات أخرى غير الجمال والدلع الذي تتمتع بهما حليمة، والفوازير تحتاج إلى ممثلة بالدرجة الأولى ممثلة قادرة على التنويع في أدائها؛ أي تحتاج إلى ممثلة شاملة، تتحرّك، تغني، تؤدّي، تستعرض، وهي أمور بالتأكيد لا تتوافر في المذيعة الجميلة حليمة بولند، لذلك قدّمت الفوازير بلا روح، وكان أداؤها أقرب إلى الأداء الآلي الذي يفتقد إلى الإحساس والتعبير والاندماج والتعايش مع الشخصيات.

ليس عيبا أنْ تفشل حليمة بولند في مجال ليس مجالها، وعليها أنْ تصغي إلى المنطق والعقل وتقيّم أداءها بعيدا عن المكابرة، عليها أنْ تصغي إلى صوت العقل قليلا؛ لتجد أنّها لم تقدم ما كان كثيرون يتوقعونه من مذيعة جميلة اقتحمت مجالا لا تملك السلاح للمضي فيه.

آراء عالية

عالية شعيب امرأة عصامية تابعتها منذ سنوات طويلة تبحث عن ذاتها، وتريد أنْ تحقق النجاح. وهي تمتلك كلّ المقومات التي من شأنها أنْ تساعدها في مسعاها، كتبتْ في الأدب فكتبت القصة القصيرة والقصيدة والرواية وأصدرت عددا من الكتب في هذا المجال وجرّبت الرسم والتشكيل ولهاعدّة لوحات . طرحت آراء جريئة وأحدثت ضجة، ارتدت الحجاب ثم خلعته، تقوم بالتدريس في الجامعة، باختصار هي تتحدّث عن ذاتها. وهو أمر محمود. ويحسب لها أنها تجرّب وتجرّب من دون كلل أو ملل.

عندما اقتحمتْ مجال التمثيل وشاركتْ في بطولة مسلسل «الوزيرة» فإنّها اقتحمت المجال الخطأ؛ لأنها وبحسب ما شاهدنا من لقطات لا علاقة لها بالتمثيل، لا من قريب ولا من بعيد وليس عيبا أنْ يفتقد المرء موهبة التمثيل، أو الغناء أو الرقص لكن من الخطأ أنْ يوهم نفسه بذلك. نعتقد أنّ عالية شعيب دخلت مجالا غير مجالها وعليها أنْ تراجع نفسها قبل المضي في هذا الطريق، وعليها أنْ تخوض في المجال الذي تجيده وتواصل عصاميتها ونشاطها ولكن بعيدا عن التمثيل.

أخيرا... ليس العيب أن يخطئ المرء؛ لأنّ كل البشر خطاؤون لكن من العيب العيش في وهْم النجاح في مجال لا يجيده المرء ولم يقدّم فيه ما يكشف عن نجاحه.

العدد 1870 - الجمعة 19 أكتوبر 2007م الموافق 07 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً