العدد 1876 - الخميس 25 أكتوبر 2007م الموافق 13 شوال 1428هـ

حرب اليوان والدولار 4/4

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قال المدير الإداري في شركة «دراجونوميكس»، شركة متخصصة في الأبحاث الاقتصادية في بكين، عن انعكاسات رفع سعر العملة الصينية على الاقتصاد الأميركي آرثر كرويبر، في مقال نشرته له صحيفة «لوس أنجليس تايمز» الأميركية: «في وسع التعديل المفاجئ في سعر العملة الصينية أن يسفر عن عواقب جدّا وخيمة لا يحمد عقباها في أوساط المجتمع الأميركي. وفيما يأتي 3 احتمالات لما أعنيه».

وأوضح «يتلخص الاحتمال الأول في ارتفاع قيمة رهن المنازل الأميركية ... (الأمر الذي سيترتب عليه) حدوث ارتفاع لا مفر منه في نسبة الفوائد الأميركية. أما الاحتمال الثاني، فيتمثل في حدوث زيادة كبيرة غير مرغوب فيها في أسعار الوقود الأميركي. أما العاقبة الثالثة فإن ارتفاع قيمة اليوان، سيكون ضربة البداية لانطلاق الصين في شراء الولايات المتحدة الأميركية كلها. ولا يظنن أحد أن في استنتاجي هذا ضربا من المزحة أو الفكاهة لا أكثر. فالحقيقة أن تعديل سعر اليوان، سيكون الكارثة الكبرى الداهمة على بلادنا (أميركا)».

لقد تطورت في السنوات الأخيرة، العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين وأميركا بسرعة. ففي السنة الماضية، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 211,6 مليار دولار، وأصبحت الولايات المتحدة – بفضل ذلك - ثاني أكبر شريك تجاري للصين، وأكبر سوق تصديرية للمنتجات الصينية، وسادس أكبر مصدر واردات للصين. بينما تكون الصين ثالث أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة وأسرع سوق خارجية نموا لمنتجاتها. وتتنامى العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين أوثق فأوثق. والتعاون الاقتصادي والتجاري بينهما في توسع مستمر، هذا يخدم المصالح الأساسية للبلدين، ويعود على الشعبين بالمنافع الحقيقية. لكن الأمر الذي تنبغي الإشارة إليه هو أن العلاقات الصينية – الأميركية ليست محصورة في الجوانب التجارية فحسب، فهي تشعبت واتسع نطاقها حتى باتت علاقات مركبة ومعقدة وتتميز بقضاياها المستمرة غير المنتهية، فمصالحهم الإستراتيجية غالبا ما تتعارض ومفاهيمهم الأمنية غالبا ما تتناقض، ومن المتوقع ان تمر العلاقات الصينية - الأميركية بفترات أكثر صعوبة. ففي فترة الحرب الباردة تلاقت أهداف الطرفين ذلك أن كليهما كان يسعى إلى الحد من النفوذ السوفياتي فى آسيا. وبعد نهاية الحرب الباردة ولدت ساحات عدة للمواجهة بين الطرفين أهمها على الإطلاق التجارة وحقوق الإنسان وتايوان وانتشار الأسلحة، الأمر الذى يغري بالقول إن تعاونهما رفاهية وليس ضرورة. والعلاقات الأمنية بين بكين وواشنطن أضحت مع الوقت متوترة بصورة متزايدة بسبب تلك الأحداث غير المحسوبة الى جوار الخلاف في الرؤى الإستراتيجية بين البلدين. فعلى سبيل المثال رأت بكين فى تمدد الناتو شرقا، وفي عمليات الناتو العسكرية الأخيرة في كوسوفو واحتمال وجود الصواريخ الدفاعية الأميركية فى شرق آسيا، وتقوية التحالف الأمني الأميركي الياباني، ومبيعات الأسلحة الأميركية لتايوان تهديدا مباشرا لأمنها ومبررا قويا للشك في استراتيجيات الاحتواء الأميركية ضد الصين. وعلى الصعيد الآخر، فإن واشنطن ترى في العلاقات الصينية الروسية في المجال الأمني، والأسلحة التقليدية المتقدمة الروسية التى تتسرب الى الصين وإستراتيجيات تحديث القوة التقليدية والنووية والمفاهيم الأمنية الصينية الجديدة ومقاومة الصين للهيمنة الأميركية على الباسيفيكي، وأسلحتها الموجهة الى تايوان، ونشاطها في نشر الأسلحة لدول جنوب آسيا والشرق الأوسط مبررات لتوتر العلاقات مع بكين، ومبررات للقلق من تهديدها للرؤية الأمنية الأميركية للمنطقة فى المدى البعيد. فالهدف القومي الأساسي للصين هو أن تصبح أمة قوية، غنية، موحدة، وذات صوت مسموع، ومعتبر فى آسيا. والصينيون يرون دولتهم على أنها دولة نامية ذات قوة نووية، ومقعد دائم في مجلس الأمن. وتضاهي أعظم الدول وأكبرها في العالم، لذلك فهم يسعون الى تحقيق الفوز السياسي والاقتصادي والعسكري على دول العالم الكبرى بحلول منتصف القرن المقبل.

الصين تسعى الى تكوين نظام اقتصادي سياسي، أمني، عسكري جديد يستند الى مراكز متعددة من القوى العظمى. ولأن الصينيين أدركوا أن قيام دولة عظمى فى المنطقة سيؤدي الى إضعاف القوة الأميركية في المنطقة، فإن المصالح الأميركية ولاشك بات عدوها الأساسي الطموح الصيني. من المتوقع أن تتحول العلاقات الصينية - الأميركية الى المزيد من الصراع إذ تحاول الولايات المتحدة إبقاء منطقة الباسفيكي تحت سيطرتها. وفي الوقت نفسه تقاوم بكين ذلك وتسعى إلى فرض سيطرتها على المنطقة سعيا الى المكانة التي تظن أنها تستحقها، وذلك في الواقع هو التحدي الأساسي الذى يواجه علاقات البلدين.

وفي الوقت نفسه، تتعزز علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري الصينية - الروسية. ففي العام 1992، بلغت القيمة الاقتصادية والتجارية بين الدولتين 4,63 مليارات دولار أميركي. وفي العام 2002، وصلت إلى 12 مليار دولار أميركي. وفي العام 2003، وصلت إلى 15,7مليار دولار أميركي.

لذا فمنطق الأحداث يشير إلى المزيد من التوتر بين اليوان والدولار على رغم كل التطمينات التي تحاول الدولتان إشاعتها في المحافل الدولية.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1876 - الخميس 25 أكتوبر 2007م الموافق 13 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً