العدد 1878 - السبت 27 أكتوبر 2007م الموافق 15 شوال 1428هـ

الماء والنخلة واللؤلؤ والسمك والإنسان

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

بحريننا كانت معروفة بعدة أمور ارتبطت بتاريخها منذ آلاف السنين... فهي بلاد البحرين، ذات البحر المالح في خليجها، والبحر العذب الذي ينبع من عيونها في كل مكان. وهي جزيرة النخيل المحيط بمناطقها الجميلة في كل مكان، وهي مركز العالم لصناعة اللؤلؤ، وهي التي احتضنت أطيب أنواع البشر وأكثرهم حميمية وحبا للخير والعطاء.

على أننا نكاد نفقد معالم بلادنا... فالمياه الحلوة من العيون المنتشرة في كل مكان انتهى عصرها، وحتى عين عذاري التي كانت مضرب المثل، لم تعد عينا وإنما حديقة ومتنزها نسمع عنه كثيرا ولا نرى منه شيئا ولم يعد الجيل الجديد يعرف أي شيء عن عذاري، ولذلك فإنه لا يفهم المثل «عين عذاري تسقي البعيد وتحرم القريب»، فهي قد سقت من سقت، ونضب ماؤها، ومن هم حولها لا يعرفون، ولا يأبهون، بتاريخها ولا حتى بمستقبلها في الذاكرة.

النخلة تم قتلها في كل مكان، وأصبح شكل النخلة في أماكن عدة قبيحا بعد أن كانت ظلا ومصدرا للخير بكل أشكالها وفي جميع المواسم.. أما الآن فقد أصبحت جزءا من الزينة التي تحيط بمناطق معزولة يمنع على الناس الاقتراب منها، هذا بعد أن كنا وحتى السبعينات من القرن الماضي نسعد برؤياها والدخول في المساحات الشاسعة التي تملأها.

اللؤلؤ الطبيعي قضي عليه مع دخول اللؤلؤ الاصطناعي في السوق منذ الثلاثينات من القرن الماضي، ولم تعد البحرين قبلة لمن أراد الحصول على أفضل أنواع اللؤلؤ، وكانت البحرين تسمى في الماضي «درة الخليج العربي»، لأنها ارتبطت بهذه الصناعة التي كانت مصدرا للثروة الكبيرة قبل عصر النفط.

السمك الذي كنا نتلذذ بأكل مختلف أنواعه وصنوفه يمر الآن بمرحلة خطيرة جدا وذلك بسبب عمليات الردم وشفط الرمال المستمرة التي قضت على السواحل (بعد أن صودرت تلك السواحل من الملك العام وتم تحويلها إلى ملك خاص). وبحسب بعض البحارة والصيادين فإن السمك لن يكون موجودا في مياه البحرين بعد ثلاث سنوات، وسنضطر إلى استيراده من بلدان أخرى مثل: قطر وعمان وبنغلاديش.

ولم يبقَ سوى الإنسان، ابن البحرين، وهو الجوهرة الثمينة التي لا تعوض بثمن، وهو الذي يتعرض أيضا لضغوط شديدة ومخاطر على هويته بعد أن أصبح «غير مرغوب فيه» في وطنه، وبعد أن تم «تسييل» الهوية البحرينية (على وزن مواسم «السيل» التجارية وعلى نهج «تمييع» الثوابت أيضا)، إلى الدرجة التي بدأ بعض من شرذمة الآفاق ينشر ويقول من دون خجل إنه لا يوجد شعب أصلي في البحرين من الأساس، وكأنه يقول إن الجميع مستوردون ومتساوون في جواز السفر (والجواز يحدد قيمتهم الجمركية)، وكأنها تجارة بالبشر!

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1878 - السبت 27 أكتوبر 2007م الموافق 15 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً