العدد 1886 - الأحد 04 نوفمبر 2007م الموافق 23 شوال 1428هـ

«وزارة التربية» على نهج الـ «واق واق»

ميثم العرادي comments [at] alwasatnews.com

مقال «معلمون في الوحل» الذي نشر الأسبوع الماضي في هذه الزاوية تفاعل معه عدد كبير من المتابعين للشأن التربوي من معلمين ومديري مدارس وإداريين وأولياء أمور وطلبة وبقيت «وزارة التربية والتعليم» - كعادتها طبعا – الجهة الوحيدة التي لا تبالي بما تتهم به فلا تنفيه لتحفظ ماء وجهها ولا تؤكده بنية النظر فيه لتصحيحه. من ضمن ردود القراء على موقع الصحيفة الالكتروني التي جاءت بعد ذلك المقال وأنقلها بحرفيتها للأمانة «عجل اسمع هلقصة مدرس تربية إسلامية لم يدرس جزءا كبيرا من المقرر في احد الفصول تم التحقيق معه وأعطي لفت نظر وبعدها بشهر تم ترقيته إلى مدير مساعد...المدرس معروف والكل يعرف قصته».

هذه القصة أنا شخصيا لا أذهب لتصديق حدوثها هنا في وزارة عتيدة تنادي بالتطوير ليل نهار وتتغنى بالجودة والكفاءة حتى في أحلامها إلا إذا كانت هذه الوزارة في بلاد الـ «واق واق»التي تتكون من مجموعة الجزر وذكرت في كتب التراث العربية القديمة وليس هناك أي دليل على وجودها وإن كانت غالبية الكتب تحدد موقعها في بحر الصين أو بحر الهند.

إذا غاب الحرس عبث اللصوص في الحقوق، وإذا أوكلت المهمات الخطرة إلى الجبناء ضاعت الأرزاق، وإذا إستؤمن الخونة ضاعت الأمانات، وإذا سلط المرتشون على الرقاب كلت السيوف، وإذا وجدت هذا يحدث جهارا نهارا أعلم إنك وصلت بحمد الله وسلامته إلى بلاد الـ «واق واق» التي تحدثت عنها أعلاه أو إنك على الأقل في وزارة تتبنى السياسة ذاتها التي تعتمدها بلاد الـ «واق واق» إذ تغيب الدولة، وتعم الفوضى، ويسود التخلف والبعد عن الحضارة والمدنية.

دافعت عن هذه الوزارة كثيرا حتى تعبت، ولم أعد أجد بين الأوراق التي أمامي شيئا يستحق كل هذا العناء، فهذا سائل يسألني «لو افترضنا جدلا أن قصة مدرس التربية الإسلامية الذي عين مديرا مساعدا وهمية وعارية من الصحة كما يتوقع أن ترد العلاقات العامة كالعادة وأن الموضوع برمته تجن متعسف ضد وزارة تلتزم الشفافية والكفاءة والعدالة مبادئ أساسية لا تحيد عنها فقلي بربك ألهم حجة تدفع بها عن طريقتهم في تعيينات المديرين المساعدين الأخيرة والسبب الوجيه الذي دعاهم إلى عدم نشر أسماء المعينين الجدد كمديرين مساعدين والاكتفاء بمهاتفتهم سرا وكأنها هدية من أب ظالم لعدد من أبنائه الذين يحبهم ويفرق بينهم وبين بقية إخوتهم».

عذرا أيها الأصدقاء... قد تمر الكرات أمام أعيننا في كل حين ولا نستطيع أن نلمسها وهذا لا يعني بالضرورة إننا نعاني من إعاقة تؤثر في مهارة ركل الكرة فلو أردنا لفعلنا ولكن ربما نحتاج في بعض الأوقات لتمرير بعض الكرات ليلتقطها الأكفأ ويصنع بها الهدف الذي ينتظره الجميع، أنا وأنت وفريق عملنا وكل أولئك الذين دخلوا مسابقة التربية للترشح لوظيفة «مدير مساعد» ووصلوا إلى المرحلة السابعة حتى وقعوا مجبرين صفقة العار بالوقوف أمام مفترق طريق محفوف بشوك الظلم فأما أن يقبلوا العودة إلى نقطة البداية بالمرحلة الأولى للمسابقة وإما إنتظار المجموعة الثانية حتى تقطع المراحل المتبقية وتدخل المجموعتان معا للمرحلة الأخيرة التي سيخرج منها من يرونه «مستحقا بحسب معاييرهم غير المعروفة».

ستة وعشرون مستحقا حالفهم الحظ، جميعهم من الدفعة الجديدة الذين لا تتجاوز خبرة بعضهم 8 سنوات... ورافقتهم السلامة في الحل والترحال إلى مقعد المدير المساعد... ستة وعشرون مستحقا لم يكن من بينهم أحد من أولئك الذين أمضى بعضهم 18 عاما أو تزيد من الخدمة.

هذه التصرفات غير المسئولة تبعث على الإحباط، وتؤدي لتأسيس حال من الانهزامية والانزواء والسلبية والقابلية لتصديق الخرافات والأقاصيص التي تقترن مع تهرب المسئولين في هذه الوزارة للكشف عن الأوراق التي يتوق الآخرون للنظر إليها للاطمئنان على سلامة الأوضاع وصحة الإجراءات المتبعة في العمليات التي يقومون بها من دون وجود مؤشرات فساد إداري قد يتهمون به نتيجة تقاعسهم عن كشف المستور.

من القصص الموجعة التي سمعتها في السياق ذاته أن إحدى المترشحات ذهبت تستفسر منهم عدم اتصالهم بها لتحديد موعد للمقابلة وهي المرحلة التي تسبق مرحلة المعاينة لهذا المنصب فماذا قالوا؟ قالوا:إبنتك فلانة ذات الأعوام الستة (الله يحفظها) قالت إنك نائمة وهذا مسجل لدينا وكل شيء موثق في سجلاتنا... أحلام سعيدة.

كيف لهم بالإعتقاد أن تسجيل كلمة (كانت نائمة) مبرر مقنع لتجاوزها... هل يجب أن تبقى عيناها مفتوحتان ليل نهار؟ أم كان عليها أن تخبرهم بمواعيد نومها ومواعيد غسلها للملابس ومواعيد طهوها للطعام حتى تطمئن أنهم سيتصلون في وقت مناسب؟ وهل يعتد أولئك الجهابذة في هكذا إجراءات لها تأثيرات مصيرية على كلام طفلة، منذ متى كان يسمح للأطفال (مع احترامي الكبير لهم) بالعبث في مستقبل الكبار من حيث لا يشعرون، ألم يكن حريا بالمسئولين معاودة الاتصال أو ترك رسالة نصية قصيرة (مسج) ولا بأس أن تستقطع قيمتها من راتب تلك المسكينة التي انتظرت طويلا هذا الاتصال.

دائما كنت أقول: «يا رب ساعدني على قول كلمة الحق في وجه الأقوياء وأن لا أقول الباطل لأكسب تصفيق الضعفاء»، وأنا لم أقل الحق إلا لثقتي أن في وزارتنا حكماء وأقوياء وقوة حقيقية ستغير وتطور وتنتزع جميع ألوية الفساد... وللحديث بقية.

إقرأ أيضا لـ "ميثم العرادي"

العدد 1886 - الأحد 04 نوفمبر 2007م الموافق 23 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً