العدد 1886 - الأحد 04 نوفمبر 2007م الموافق 23 شوال 1428هـ

مشرف ينقلب على مشرف !

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

وأخيرا... أعلن الجنرال برويز مشرف الطوارئ لـ «إنقاذ باكستان من الفوضى والانتحار»! ولم تمض 24 ساعة على فرض الأحكام العرفية حتى ألقي القبض على أكثر من 500 شخصية من أحزاب المعارضة باعتراف رئيس الوزراء، من بينهم رئيس جهاز المخابرات السابق، ولاعب كريكيت معارض! فيما تحدّثت الوكالات عن هدوء شوارع العاصمة (إسلام آباد)، مع انتشار نقاط التفتيش لحماية البرلمان والقصر الجمهوري.

المحكمة العليا رفضت إقرار إعلان الأحكام العرفية لمنافاته للدستور، فأرسل مشرف جيشه لتطويقها وأعفى كبير القضاة من منصبه، مع تخوّفه مسبقا من عدم قبول المحكمة ترشّحه لرئاسة ثانية مع بقائه قائدا للجيش.

باكستان البالغ تعدادها 153 مليونا، والتي احتفلت بعيد استقلالها الستين عن الهند في أغسطس الماضي، اعتادت على لعبة الانقلابات بين عقد وآخر، فما أنْ يستتب الأمر للحكم المدني ويتنفس الناس الصعداء، حتى يخرج جنرالٌ؛ ليستولي على الحكم وينصّب نفسه رئيسا ضمن لعبة الاستقطابات والمحاور الدولية، ولن يعدم تأييد بعض الجماعات أو الأحزاب المحلية، فإنْ لم يجد فبإمكانه أنْ يشكّل حزبا جديدا للرئيس يوفّر له غالبية «مريحة جدا» في البرلمان الجديد.

الهند التي استقلت بعد يومٍ واحدٍ فقط من استقلال باكستان، سارت بديمقراطيتها قدما حتى فرضت احترامها على العالم كلّه، وجعلت الشعب شريكا حقيقيا في القرار، والطبقة الوسطى محرّكا رئيسيا ومستفيدا من ثمار التنمية.

أما في باكستان، فقد تناوب على الاستهتار بديمقراطيتها جنرالات، كلّ همّهم البقاء في الكرسي، على رغم أنف الدستور والقانون والأحزاب والرأي العام والخاص... و153 مليون مواطن، كلّهم لا يساوون قطيعا من خمسين غنمة في حساب الجنرالات.

الهند أفشلت توقّعات مستشار الأمن القومي الأسبق زبجنيو بريجنسكي (أيام كارتر) بسقوط ديمقراطيتها قبل نهاية القرن الجديد، بفضل رعاية ساسة حرصوا على مستقبل بلادهم، بينما حاكم باكستان مستعدٌ لحرق البلد من أجل يبقى سنوات إضافية في القصر!

حتى الآنَ، وزير الإعلام ألمح إلى احتمال «تعديل» موعد الانتخابات، وهو أمرٌ لم يتطرّق إليه الجنرال في خطابه «التاريخي» الذي وجّهه إلى «الأغنام»؛ ليقنعها بأن ما فعله ليس لمصلحته الشخصية، وإنما لمصلحتها ولتحسين مستوى معيشتها وتطوير حظائرها التي يهدّدها الإرهاب! ومتى ما بلغت سن الرشد، سيحدّد فخامته موعدا جديدا لعودة الديمقراطية، حتى يحين موعد اللعبة التالية، فيخرج جنرالٌ آخر من ثكناته؛ ليستولى على القصر!

الجنرال بعد أن حلّ المحكمة العليا، فرض قيودا على النشر، وهدّد بالسجن ثلاث سنوات كلّ من يقوم بـ «التشهير أو السخرية أو الإساءة إلى سمعة رأس الدولة»... أمّا الصحف فذكّرت إحداها الباكستانيين بما حدث قائلة: «إنّها الأحكام العرفية»، فيما عنونت أخرى بعنوان لا تدري هل فيه سخرية أو استهزاء أو تشهير، أو كلّها جميعا: «الانقلاب الثاني للجنرال مشرف»، فهو الجنرال الوحيد الذي «انقلب» مرتين خلال ثماني سنوات، مرة على الحكم المدني، ومرة على نظامه العسكري الذي جعل باكستان ساحة ساخنة للحرب على الإرهاب بالوكالة عن الإخوة الأميركان.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1886 - الأحد 04 نوفمبر 2007م الموافق 23 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً