العدد 1889 - الأربعاء 07 نوفمبر 2007م الموافق 26 شوال 1428هـ

مبادرة لو «حب خشوم»؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

على رغم كل ما قيل عن مبادرة النائب صلاح علي وما لقيته من ترحيب، أكاد أجزم أنها مجرد فقاعة صابون لا يزيد عمرها الافتراضي على يوم واحد.

فملف «التقرير المثير» يجب أن يبقى مغلقا ومعلّقا على الرف حتى يبني عليه العنكبوت بيتا من الغبار. فالقضية ليست أكثر من كذبة كبيرة لفّقها مستشارٌ دجالٌ هاربٌ من وجه العدالة، وليس هناك تمييز ولا تهميش ولا محاولات إقصاء أبناء طائفة معينة... ولا هم يحزنون. كما أن ما تسمعون عنه من شكاوى وتذمّر، ما هو إلاّ عقدة اضطهاد تاريخية، ومجرد أوهامٍ وخيالات.

لذلك، فالـ «مبادرة» مجرد فقاعة صابون، وكما قال النائب: «يجب ألاّ نسمح لهذا التقرير ولا تداعياته بأن تعكّر صفو العلاقة بين جناحي الوطن من الطائفتين الكريمتين، ومن أجل مستقبل أجيال البحرين، وتاريخ البحرين يشهد بمتانة العلاقة بين الطائفتين».

من هنا نتساءل: هل كان الكلام مجرد «هدرة» إعلامية في الوقت الضائع، أم إمعانا في استبعاد أي حلٍّ عملي يزيل الشكوك والتوجسات من النفوس؟ وهل من الواقعية أن تطالب أطرافٌ في دائرة الشبهة، بنسيان أو تناسي الماضي وبدء صفحة جديدة؟ وهل يمكن أن تؤسّس لمرحلةٍ من الثقة من دون أن تدفع ثمن استحقاقاتها؟ أم شراء الثقة بالمجان؟

إن خير ما في المبادرة اعترافها بالواقعة، ولم تحاول أن تقفز عليها أو تكذّبها كما حاول أصحاب مقولة «الكتب المقدسة» (وهم بالمناسبة أيضا في دائرة الشبهة). وإذا أرادوا خيرا للبحرين ومستقبل أجيالها، وكانوا أصحاب ولاء حقيقي غير مدخول لتراب هذي الأرض، فليبدأوا بعلاج هذا الملف؛ لفتح صفحةٍ جديدةٍ من العلاقات القائمة على الصدق، بدل الدفاع عن سياسات التهميش وتبرير عملية «تمكين» بعض الجماعات المذهبية من مفاصل بعض وزارات الدولة، كما أشار التقرير المثير للجدل.

ومهما تكن محاولات تغييب الحقائق عن «التقرير المثير»، فهناك قطاعاتٌ واسعةٌ من الرأي العام مازالت تتساءل عن عدد الفصول التي نُفّذت من التقرير، وخصوصا من الفئات المتضرّرة من سياسات الإقصاء. فضلا عن ذلك، كان من العدل مطالبة شريحة «المتورّطين» بالاعتذار عمّا ارتكبوه بحق الوطن وشعبه، قبل أن نطالب فئة «العلماء» بالتسامح أو المشاركة في الحل، فضلا عن أن هؤلاء ليسوا إلاّ فئة محدودة ممن وقع عليهم الضرر، من مختلف الفئات والشرائح والطبقات الاجمتاعية.

ثم إن من تمام الإنصاف، المطالبة بتعويض المتضرّرين من هذه السياسات التي تجافي الروح الوطنية، ولا تراعي حقوق المواطنة، والتي تدخل البلد في نفق الاتهام بالتمييز العنصري وفق شرعة حقوق الإنسان. هذه الممارسات لم تعد قصرا على بعض الجهات «الحسّاسة»، بل طالت حتى المؤسسات التربوية المكلّفة بخلق المواطن الصالح، باعتماد معاييرَ فئوية خاصة في البعثات والترقيات وتجاوز مبدأ تكافؤ الفرص، وهدم «ديمقراطية التعليم».

أخيرا... إذا لم تكن المبادرة مجرد فقاعةٍ إعلاميةٍ فارغة، فربما... ربما تكون مجرد مناورة سياسية بين الكتل النيابية، ولأننا نعرف أن لكل شيء ثمنا، ولكل بضاعةٍ سعرا وقيمة، فيحقّ لنا أن نسأل النائب صلاح علي: ما الثمن؟ النسيان مقابل ماذا؟ وعلى ماذا تقايضون التقرير «السمين»؟ فيها «جَنَم» لو مجرّد «حب خشوم»؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1889 - الأربعاء 07 نوفمبر 2007م الموافق 26 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً