العدد 1895 - الثلثاء 13 نوفمبر 2007م الموافق 03 ذي القعدة 1428هـ

الجهات الرسمية سجينة لمحيط انتهازي فاقد للصدقية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

تسلمت «الوسط» تعقيبات مكتوبة وشفوية بشأن نية الحكومة تشكيل «الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان»، ومعظم التوقعات أشارت إلى أن الجهات الرسمية مازالت عاجزة عن مفاجأة الناس بشأن ما ستقوم به ومن ستعيِّن في هذه الهيئة... فالأسماء المتداولة هي هي لا تتغير، ولن تتغير، حتى لو أن كل العالم تغير، وحتى لو أن العالم أصبح قرية صغيرة جدا بسبب قوة الاتصالات، وحتى لو أن العالم كله يعرف ما يعرفه أهل البحرين كافة بشأن طريقة التعيينات وخلفية من يصل إلى مثل هذه المناصب.

أحد القراء كتب أمس يقول «لا أعتقد أننا سنتفاجأ بأي شيء فلقد تعودنا منذ زمن على هذه الأمور فلن تكون هذه الهيئة استثناء عما مضى وستظل كحال بقية الهيئات تابعة وخاضعة بل ومروجة لكل شيء حكومي ومعارضة لكل ما يخالف توجهاتها».

لكن ماذا لو قررت الجهات الرسمية في يوم من الأيام أن تفتح عيونها لترى أن الذين يعرضون خدماتهم عليها إنما يشوهون سمعة الحكومة أكثر مما يخدمونها؟ ماذا لو التفتت الجهات الرسمية إلى أنها أصبحت سجينة لعدد غير قليل من الأسماء التي يتم «تدويرها» في كل مكان ومناسبة؟ ماذا لو قررت الجهات الرسمية أن تفاجئ نفسها أولا، وتفاجئ الآخرين معها، فتلتفت إلى وجود أفضل الخبرات المخلصة بالقرب منها، وأن هذه الخبرات «غير المتزلفة» يمكنها أن تحسن صورة وواقع الأمور من كل جانب وتسير باتجاه إصلاحي - إيجابي قائم على أسس مبدئية؟

في الواقع، ولكي تستطيع الجهات الرسمية أن تفاجئ نفسها فإن عليها أولا أن تنظر إلى العالم بصورة مختلفة. فالعالم اليوم يسمع ويرى كل شيء، والتعددية أصبحت سمة العصر. وبالتالي فإن الأشخاص والتشكيلات والترقيعات والبهرجات التي كانت تنفع قبل عشر سنوات أو عشرين سنة لم تعد نافعة اليوم، بل إنها «وبال» لا أول له ولا آخر، لأن الواقع الشفاف في عالمنا اليوم لا يرحم أحدا ويكشف كل شيء، ويفضح الذين لا يستحون بأسلوب يؤلمهم أكثر مما يتوقعون.

لكي تستطيع الحكومة أن تفاجئ نفسها وتفاجئ الآخرين في مختلف الموضوعات (وليس فقط بالنسبة إلى الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان) فإن عليها أن تخترق المحيط الخانق الذي يحيط بها من كل جانب... وهو محيط مملوء بكثير من المتزلفين الذين يطمعون في الفَلْس قبل الدينار، وفي الألف وفي المليون، تحت أي شعار، سواء كان شعار حقوق إنسان أو براغماتية أو أي نوع من الشعارات الأخرى. ان الجهات الرسمية أصبحت سجينة لمحيط انتهازي ومحترق في صدقيته، ولذا فانها، في الأعم الأغلب، ستعجز عن مفاجأة نفسها ... وستعجز عن مفاجأة الآخرين في أكثر القضايا المطروحة حاليا.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1895 - الثلثاء 13 نوفمبر 2007م الموافق 03 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً